شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

المال والبالون

حسن البصري

في يوليوز الماضي، فاجأ سفين فاندربروك إدارة الجيش الملكي، حين وضع على مكتب الرئيس رسالة استقالة من تدريب الفريق العسكري. برر الممرن البلجيكي قراره بالرغبة في الابتعاد عن مجال التدريب حتى يستعيد عافيته النفسية، ولأن العقد مازال حينها ساري «المفعول به»، فقد عبر سفين عن استعداده لتسديد الشرط الجزائي مادام العقد شريعة المتعاقدين.

في مساء نفس اليوم أصدر الجيش الملكي بلاغا شكر فيه المدرب وتمنى له مسيرة موفقة. لكن في خطوة مفاجئة، وقع فاندربروك عقدا لتدريب نادي أبها السعودي لموسمين، قبل أن تنتهي العدة، وفي ندوة تقديمه بأبها نسي طعام وملح العساكر وقال إنه معجب بالدوري السعودي، والقصد هنا الريال السعودي.

قضى المدرب البلجيكي مع فريقه السعودي شهرين. تعطلت عجلة أبها وأدارت الانتصارات ظهرها لسفين، فأقيل قبل أن تستفحل الأزمة وعاد إلى بلاده يجر أذيال الخيبة.

نصحه وكلاء اللاعبين بالبحث عن فرصة عمل جديدة في الدوري الاحترافي المغربي، همسوا في أذنه وأقنعوه بأن الجمهور المغربي سريع النسيان. حل الرجل بملعب الأمير مولاي عبد الله في محاولة لجس نبض العساكر فتلقى عاصفة من الغضب وزخات من الشتائم وتبين له أن المزاج في المستوى البرتقالي، فانسحب في غفلة من الجميع.

حين كان الوداد مزهوا بفوز في المنافسات القارية، صادر المدرب التونسي فوزي البنزرتي فرحة الجماهير، وأعلن استقالته من تدريب الوداد وتعاقده مع الاتحاد التونسي لتدريب منتخب بلاده. قبل الوداديون المبرر «الوطني» على مضض، ونجا فوزي من الشرط الجزائي ولسان حاله يردد مع الشابي «إذا المدرب أراد الحياة، فلا بد أن يبحث عن مبرر وطني للخلاص».

فشل البنزرتي في ترويض نسور قرطاج، وعاد إلى الوداد يبتغي استكمال عقد قديم، ولأن الوداد غفور رحيم، فقد دخل الرجل الوازيس فاتحا، بعد أن خانته النتائج في المنزه. وكلما ابتعد عن البطولة المغربية شده الحنين إليها حتى اعتقدنا أن الرجل كتب توصية بالدفن في مقبرة الرحمة.

أما المدرب السويسري كوكلي أرينا، فقد جاء إلى وادي زم ووعد بانتشال فريقها من مخالب النزول للقسم الثاني، لكنه عجز عن ذلك وسقط الفريق صريعا رغم ذلك تلقى أرينا تهنئة أصدقائه، وقالوا له: لك أجر الاجتهاد.

حل المدرب السويسري بالمغرب يبحث عن فرصة تدريب، قام عبثا بعمليات إحماء قرب ملاعب فاس وطنجة ووجدة، وحين دعاه الوادزميون لخوض تجربة جديدة رفع سقف مطالبه واستعلى وتجبر.

ليس عيبا أن تكون مجندا في جيش المعطلين من المدربين، لأن الحياة كالمباريات فيها فرص سانحة للتسجيل، وفيها حالات تسلل وفيها ركلات جزاء من تحت الحزام. لكن لدي مقترح لهيئات المدربين من ودادية واتحاد ورابطة وهلم شرا.

لماذا لا تقيمون معسكرا خاصا بالمدربين العاطلين وما أكثرهم؟ يخضعون فيه لحصص حول آخر مستجدات التدريب لمن غابوا طويلا عن دورات التكوين، وحصص في التشريع الرياضي، وجلسات استماع مع خبير في الحماية الاجتماعية ودروس في أسعار العملات.

المدربون المغاربة يبتلعون ألسنتهم، وهم يتابعون الزحف الأجنبي القادم من دول نفوقها في التصنيف العالمي كرويا، في صلواتهم يدعون سرا وعلانية بانجلاء غيمة القلق، وفي هواتفهم النقالة رنة المنفرجة، اللهم اجعل الشوط الثاني من البطولة شوط المدربين المغاربة.

لكن القضية تجاوزت المدربين، إلى رؤساء سابقين يشدهم الحنين إلى الكراسي. بالأمس القريب رفع مشجعو الرجاء الرياضي لافتة «الغش» بعد أن تبين لهم أن حب بودريقة للرجاء مغشوش، وأن إسمنت أحلامه غير مسلح. وفي ما بين الشوطين رددوا موشحات تدعوه تارة لوضع مسافة أمان بينه وبين الرجاء، وتجرده تارة من ولاء آيل للسقوط.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى