شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

اللي كايحسب بوحدو…

افتتاحية

 

مقالات ذات صلة

بعد الجدل الذي أثاره التنصيص على شراء العقوبات الحبسية في قانون العقوبات البديلة، الذي أحاله وزير العدل عبد اللطيف وهبي على البرلمان، بدأت تتسرب معطيات حول اعتراض عدد من الوزراء على الصيغة التي جاء بها وهبي لتعديل قانون المسطرة الجنائية، وكانت هذه الخلافات سببا في تأجيل المصادقة على المشروع الذي كان مبرمجا في اجتماع المجلس الحكومي المنعقد،
يوم الأربعاء الماضي.

ويبدو أن وهبي أصبح يشرع لفئة معينة من المواطنين دون غيرهم، في حين من المفروض أن يكون التشريع لجميع المغاربة بدون محاباة أو تمييز، فمثلا قانون العقوبات البديلة الذي وضعه وهبي يكرس التمييز في الدخول إلى السجن، لأنه سيتيح لأصحاب الثروة شراء العقوبات الحبسية بالأموال، أما الفقراء فما عليهم سوى قضاء عقوبتهم كاملة داخل السجون، نظرا إلى عدم قدرتهم على أداء مبالغ شراء العقوبة السجنية.

كذلك، مشروع قانون المسطرة الجنائية جاء بمقتضيات ربما تتعارض مع توجهات الدولة في محاربة الفساد والمفسدين، من خلال محاصرة وضع الشكايات أمام النيابة العامة ضد المسؤولين ورؤساء الجماعات والبرلمانيين، وأغلب الشكايات الموضوعة ضد هؤلاء لا تتعلق بجرائم عادية وإنما بجرائم تمس بالمال العام، ويتضمن المشروع مستجدات تهدف بالأساس إلى تقييد إجراءات البحث الجنائي في هذه الشكايات، والتنصيص على عدم قبول أي شكاية ضد أي رئيس جماعة قبل إحالتها على وزارة الداخلية، للتأكد من المعطيات الواردة فيها، وكذلك بالنسبة إلى المسؤولين العموميين، لن يتم قبول أي شكاية أو تحريكها من طرف النيابة العامة، قبل إحالتها على الوزير الوصي على القطاع المعني للتأكد من صحة المعلومات الواردة فيها.

وإذا ظهر السبب بطل العجب، فالمعطيات المتوفرة تؤكد أن أغلب الشكايات التي تتوصل بها النيابة العامة، تؤكد الأبحاث والتحريات التي تقوم بها الضابطة القضائية، تورط المسؤولين في جرائم مالية، ويوجد ضمن هؤلاء برلمانيون ومنتخبون ينتمون إلى الحزب الذي كان يقوده الوزير وهبي، ومنهم من ترافع عليهم المحامي وهبي أمام محاكم جرائم الأموال، وهم الآن يوجدون رهن الاعتقال بالسجون.

ومقابل ذلك، لوح وهبي سابقا بإمكانية حذف مقتضى «الإثراء غير المشروع» من مشروع القانون الجنائي، وهو ما يتعارض مع المواثيق الدولية والوطنية، لأن تحديد مصادر ثراء المنتخبين وكبار المسؤولين يشكل أحد أعمدة الحكامة الجيدة والشفافية والنزاهة ومكافحة الفساد، ورغم أن المغرب اعتمد قانون التصريح الإجباري بالممتلكات منذ سنة 2010، لكن هذا القانون تشوبه العديد من النواقص والثغرات التي تجعل مهمة تتبع ثروات الملزمين بالتصاريح غير ذات جدوى، وذلك أمام استغلال المعنيين لهذه النواقص في التحايل على القانون، بتسجيل ممتلكاتهم في أسماء زوجاتهم وأبنائهم، في حين يتملص البعض الآخر من التصريح بالممتلكات، ما يطرح أسئلة مقلقة حول فعالية هذا القانون في محاربة الإثراء غير المشروع، وتفعيل مبدأ «مِنْ أين لك هذا؟».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى