لماذا يصر اللوزاني على ممارسة مهمة التدريب رغم التقدم في السن؟
المدرب الشاب كان لاعبا وتدرب على يد المدرب المتقدم في السن، كيف سيزاحمه وينافسه على قوته؟ لا أظن، بل هناك تكامل. أما السن لم يكن في يوم ما من الأيام معيارا للحكم على العمل والعطاء، بقدر ما كانت الكفاءة هي الفيصل على الدوام من أجل الحكم الحاسم في مثل هذه الأمور. المدرب المتقدم في السن يمكن أن يمنح الإضافة بالخبرة والتجربة، كما يمكن للمدرب الشاب أيضا أن ينجح في العمل الموكل له، حتى لا نبخس المدربين الشباب المجهود الذي يقدمونه للكرة الوطنية. المدرب المتقدم في السن مادام يتوفر على القدرة العقلية والجسمية، ومنحه الله طول العمر، بإمكانه العمل. والعالم يحفل بمدربين متقدمين في السن لا زالوا يبدعون. فمدرب المنتخب الإيرلندي قارب الثمانين سنة من عمره ولا زال قادرا على الصناعة الكروية. إن كفاءة الفعل والتكوين والعدة البيداغوجية هي المقياس وليس العمر.
بالرغم من التطور الذي تعرفه المنتخبات الوطنية، إلا أن علاقة المدرب المحلي برئيس الفريق لازالت تطبعها المزاجية..
التعبير الصحيح هو أن هذه العلاقة تطبعها مزاجية النتائج. كرة القدم الوطنية تتحسن وكان يمكن أن تكون أحسن مما هي عليه الآن، لأن الفرق بين المنتخبات والأندية رهيب ومفزع. ولكي أعود إلى سؤالك وأجيب بمنتهى الواقعية، أقول إن ما ينقص علاقة المدرب بالمسير هي الاستمرارية، فكلما حلت الهزيمة بفريق يلتفت الرئيس للمدرب ويعتبر تغييره فرصة لإسكات الجمهور الغاضب. أملي أن تتوفر الاستمرارية ونعير مجال التكوين الاهتمام اللائق به، مع التنقيب لأنه أساس العمل، خاصة وأن كرة القدم قطاع يمكن من خلق الثروة ويتداخل فيه التربوي والرياضي والاقتصادي، وهذا يفرض اجتهاد الأندية في التنمية واعتماد نظام الاحتراف بجميع قواعده وطقوسه. هناك أحلام مشروعة لمسؤولي الأندية، إذ يطمحون للفوز بالبطولة وألقاب قارية دون الاعتناء بمجال تكوين اللاعبين، ومقارنة مع بلدان دون مستوى إمكانياتنا، من قبيل السنغال ومالي، وكوت ديفوار وبوركينا فاصو وغيرها، نجد أنها تنتج سنويا مجموعة من اللاعبين الذين ينتقلون إلى الاحتراف في المهجر، وخاصة في أوروبا، الشيء الذي لا تحققه الكرة المغربية لأن أنديتنا تفضل التعاقد مع اللاعب الجاهز، هذا في وقت ينبغي أن يكون مؤطرونا في الأندية مكونين وتنافسيين. والمدرب الذي لا يقدم قيمة مضافة لناديه، لا يشتغل وعليه تحقيق ربح مادي للنادي.
كنت رئيسا لودادية المدربين المغاربة لكنك لم تحقق مكاسب كبرى للمدربين..
من قال إنني لم أحقق مكاسب لودادية المدربين؟ ثم إن المدرب في عهدي انتقل من راتب لا يتجاوز الحد الأدنى للأجور إلى راتب محترم، وفي عهدي لم تكن الفئات العمرية للمنتخبات تتعاقد مع مدربين أجانب. ابتعدت عن رئاسة هذه المنظمة حين لمست أن المدرب يساهم في الدونية التي يعيشها، وحين عرض علي صديقي عبد القادر يومير الانضمام لرابطة جديدة للدفاع عن حقوق الأطر الوطنية، قبلت العرض شريطة الانتقال من العمل الجمعوي إلى العمل النقابي، علما أن ودادية المدربين هي الجمعية الوحيدة التي تمثل الأطر الوطنية بالدوري الوطني الاحترافي، وتملك ممثلين لها داخل المكتب الجامعي وكذلك في العصبة الاحترافية لكرة القدم، أي أنها متجذرة في هياكل الجامعة.
حدثنا عن الانقلاب الذي استهدفك حين كنت مدربا للمنتخب الوطني..
بعد أن توالت النكسات على الكرة المغربية وعجز الفريق الوطني عن التأهل لكأس العالم في إيطاليا وخرج صاغرا من كان 1988 بالمغرب وعجز عن التأهل لكان 1990 بالجزائر، تقرر تعييني على رأس المنتخب الوطني سنتي 1991 و1992. كنت مطالبا بإعداد منتخب بجيل جديد ينسي المغاربة جيل 1986، برمجت حصصا تدريبية مكثفة بمعدل أسبوعين في كل شهر، وتمكنّا من تكوين فريق، وكانت البداية باللاعبين المحترفين في بلجيكا وأضفنا مجموعة من اللاعبين الشباب، من بينهم آنذاك نكروز وشيبو وغيرهما. كان المنتخب الوطني ينافس في واجهتين من أجل التأهل إلى كأسي أمم إفريقيا والعالم.
لكن وزير الرياضة بلقزيز سيجبرك على ضم لاعبين آخرين للمنتخب..
سألت يوما وزير الرياضة عبد الواحد بلقزيز: ماذا تريدون من المنتخب؟ هل تفضلون التأهل للكان أو المونديال؟ فرد علي بأن الملك الحسن الثاني يريد أن نتأهل إلى المونديال، وعقب انهزام منتخبنا أمام منتخب مالاوي في ملعبنا بهدف، ضغطت الصحافة رغم المستوى الجيد للاعبينا، وفي اليوم الموالي تلقيت اتصالا من الوزير يقترح علي لاعبين لأضمهم إلى الفريق.
قررت معاقبة بعض اللاعبين بسبب إخلالهم بالقانون الداخلي للفريق الوطني، لكن الجامعة رفضت..
في عهدنا كانت الوزارة تحكم سيطرتها على المنتخب الوطني، وحين يتكلم معك الوزير فهو ينقل لك ضمنيا تعليمات الحكومة والبرلمان والملك. في معسكر بفرنسا خرق بعض اللاعبين ضوابط المعسكر، حارسان ومدافعان لم يحضروا للفندق أثناء تناول وجبة الغداء ولم يحضروا أيضا للاجتماع الذي أشعرتهم به. عاقبتهم وحين علم الوزير بالأمر طلب مني أن أعيدهم إلى المعسكر بقرار من الحسن الثاني على حد قوله.
من كان يدبر أمر الجامعة الملكية المغربية في تلك الفترة؟
هو الكولونيل الحسين الزموري، وكان حينها رئيسا للجنة المؤقتة الساهرة على تدبير كرة القدم المغربية. كنت أتحدث معه طويلا في الشأن الكروي لأنه يفهم الكرة، فقد كان لاعبا كبيرا في الجيش الملكي عند تأسيس هذا الفريق، لكن المشكل كان في التعليمات التي تأتي من خارج محيط الجامعة، من الوزير.