شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

اللعب مع الكبار

المغرب لا يلعب سوى مع الكبار. هذا واحد من العناوين العريضة التي يمكن أن تختزل بأمانة كثافة الحضور الديبلوماسي المغربي، خلال الأيام الثلاثة الأخيرة، سواء أثناء لقاء النقب بإسرائيل، الذي جمع 6 وزراء خارجية لدول وازنة في الشرق الأوسط والعالم، أو خلال استقبال رئيس الحكومة لكاتب الدولة في الخارجية الأمريكية، الذي جدد مرة أخرى دعم واشنطن الواضح لمبادرة الحكم الذاتي كمبادرة وحيدة ذات واقعية ومصداقية، أو على هامش احتضان بلدنا للقاء دولة جمع، بين الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبو ظبي، ورئيس الديبلوماسية الأمريكية، لطمأنة دول الخليج العربية بأن واشنطن عاقدة العزم على مساعدتها، ودعمها في التصدي لهجمات جماعة الحوثي اليمنية المتحالفة مع إيران.

إن هذا الدور المحوري للديبلوماسية المغربية ليس من قبيل المبالغة وتضخم الذات، وليس من باب الصدفة أو المفاجأة، إنه تحصيل حاصل لمسار طويل وهادئ من العطاء الديبلوماسي المتواصل، فمن الواضح اليوم أن التغيير الجيوستراتيجي الحاصل في موازين القوى العالمية، حول المغرب إلى مركز ثقل ديبلوماسي لا محيد عنه، في شمال إفريقيا والشرق الأوسط والعالم بأسره، بما يتوفر عليه من موقع استراتيجي، واستقرار سياسي وموثوقية في المعاملات والمواقف، وقبل ذلك بما يحوزه من تاريخ عريق بملكية، يسمح لها إرثها وتقاليدها وشرعياتها بأن تكون صانعة وقائدة للأمن والسلام.

لقد قدمت دولتنا، عبر مؤسساتها السيادية منذ سنوات، نموذجا لسياسة خارجية مستقلة تستند إلى مبادئ وأسس واضحة، تهدف من خلالها إلى الدفاع عن المصالح العليا للوطن بكل حزم ووضوح، لكن دون المس بحقوق ومصالح الشعوب الأخرى. وظهر أن ملك المغرب بعزمه الصادق، الذي لا يلين، نجح في صنع رصيد ضخم من المصداقية الدولية، حتم عليه مواصلة الاضطلاع بدور قُدِّر للملكيات المغربية أن تضطلع به منذ عقود، بل منذ قرون.

والحقيقة الواضحة للعيان أن هذا التوجه الديبلوماسي الناجح، أكسبنا احترام الخصوم قبل الأصدقاء، وفي المقابل لجم وحجم أصوات دول معادية لمصالحنا، وعمق من عزلة خصومنا الظاهرين والمستترين، والأهم أنه دفع حكام الجزائر ولعبتهم الانفصالية إلى الرهان الخاسر على أطراف ومحاور إقليمية تقودها إيران، لحرف التوجه الدولي والإقليمي المتبلور حاليا الذي يرجح كفة المغرب على كل المستويات، وهذا الرهان سيؤدي «كابرانات» الجزائر كلفته آجلا أم عاجلا.

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى