وجد الإعلام الجزائري في خلاف الرجاء الرياضي مع لاعبه الجزائري يسري بوزوق، فرصة سانحة للتسجيل في مرمى المغرب ومناسبة لاستظهار قاموس المكائد والتآمر.
رفض لاعب الرجاء يسري بوزوق ارتداء قميص يحمل خريطة المغرب، وقال إنه حل بالمغرب ليلعب الكرة بعيدا عن ملاعب السياسة. فاحتكم الطرفان إلى العقد المبرم بينهما دون أن تنقشع غمامة الخلاف.
فجأة تحول اللاعب بوزوق إلى بطل قومي في الجزائر، لأن مسيري الرجاء، الذين لا يملكون خارطة الطريق، اهتدوا إلى قضية وطنية ليعزفوا بها على الوتر الحساس لأنصارهم بعد أن ساءت النتائج.
توصلت إدارة نادي الرجاء الرياضي إلى اتفاق مالي مع لاعبها الجزائري يسري بوزوق، يسمح له بمغادرة الفريق قبل انطلاق فترة الانتقالات الشتوية، شريطة التنازل عن مستحقاته المالية العالقة. بينما عبرت أندية جزائرية عن استعدادها لشراء ما تبقى من عقد هذا اللاعب الذي «تصدى»، حسب زعم إعلامها، للمؤامرة.
ظل الرجاء الرياضي، على امتداد تاريخ الكرة المغربية، الأكثر استيرادا للاعبين الجزائريين، ولا ينافسه في هذا السبق سوى فريق مولودية وجدة الذي كان يفتح ذراعيه لجيراننا القادمين من «جوج بغال».
لم يكتف مولودية وجدة باستيراد اللاعبين، بل إن أول من ترأسه جزائري يدعى ابن الشيخ، وكان إلى جانبه الدكتور هدام الذي أصبح طبيبا للفريق، أما اللاعبون فحدث ولا «هرج»، فقد حملوا قميص المولودية دون شرط أو قيد. كما حطم النادي الرقم القياسي في استقطاب المدربين الجزائريين، نذكر منهم، على سبيل المثال لا الحصر، محي الدين خالف ومزيان إيغيل وأحمد سليماني ومصطفى بيسكري وعز الدين آيت جودي وعبد الكريم بن يلس، ثم عبد الحق بنشيخة..
أما الرجاء فخرجت فكرة تأسيسه من مكتب ترجمة وتحرير للعقود في ملكية حجي بن عبادجي، غير بعيد عن مقهى بويا صالح في قلب درب السلطان.
صالح صاحب المقهى تادلاوي، وحجي جزائري من مواليد تلمسان، يحمل الجنسية الفرنسية لكنه كان من أشد المتعاطفين والمدعمين للحركة الوطنية، وشكل إلى جانب جزائري آخر يدعى الريحاني ثنائيا في تدبير مرحلة التأسيس، قبل أن ينضم إليهما كادري الذي تمتد جذوره إلى وهران.
ظل الرجاء قبلة للاعبين والمدربين الجزائريين، منهم من ترك بصماته ومنهم من مر مرور الكرام، وقلة منهم مروا مرور اللئام. لكن لا أحد أسال مدادا وأنعش إعلام الإثارة أكثر من بوزوق الذي منحه مسيرو الرجاء فرصة العمر وهم يحولونه من حيث لا يدرون إلى بطل من ورق.
ما يخفى على الإعلام الجزائري، وهو يجعل من «حبة بوزوق قبة»، أن فريق اتحاد بلعباس الجزائري كان قبلة لعدد كبير من اللاعبين المغاربة، أبرزهم العربي بن مبارك الذي التحق بهذا الفريق قبيل اعتزاله الكرة. تجمع الروايات الجزائرية على أن التحاق العربي بالفريق الجزائري ارتبط بواقعة تتمثل في إرسال المقاومة المغربية لمسدس مع اللاعب المغربي تكلف بتسليمه لمقاوم ينتمي للفريق نفسه.
حين كان اللاعبون المغاربة يصنعون فرحة الجماهير الجزائرية، كان بوزوق مجرد مشروع «نطفة أمشاج»، وحين كان المغرب يفتح بابه لاحتضان فريق جبهة التحرير الوطني الجزائري وينظم له جولة في ربوع الوطن، كان جد حفيظ الدراجي خادما مطيعا للمستعمر الفرنسي في منطقة بني سليمان شرق العاصمة الجزائرية.
تبا لمسيري آخر الزمن، الذين نفخوا في لاعب أجير، فحولوه إلى بطل قومي، سيحظى باستقبال رسمي فور عودته إلى الجزائر، وسيستقبله الرئيس تبون ويمنحه وسام الشرف، ويأمر مدافعي الفرق الجزائرية ألا يفتكوا منه الكرة ولا يعنفوه ويعاملوه بالمعروف.
صدق المثل الجزائري: ياكل في المسوس ويجبد في المدسوس.