شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

الكوماندان البشير تكوّن في موسكو ودرّب عناصر البوليساريو سنة 1975

يونس جنوحي

يقول هشام عبود إنه صادف، مرة، مرور فرقة من القوات الخاصة المكلفة بتصفية أعضاء الجماعات الإسلامية المسلحة أو «المجاهدين» كما كان يلقبهم الشارع الجزائري. إذ كان مرة بصدد مغادرة مكتب صديقه الكوماندان البشير، فإذا به يلمح مرور عسكريين بزي العمليات. يقول إنه لم يكن يملك الوقت الكافي لكي يخبر رفيقه أنه لا يوافق على تلك الاستراتيجية في التعامل مع المتطرفين. إذ إن تصفيتهم وترك جثثهم في الشوارع لم تكن أبدا الحل الذي سوف ينهي الإرهاب خلال فترة العُشرية السوداء.

وربما دافع عبود، هنا، عن صديقه الكوماندان البشير، عندما قال إنه ربما بسبب وجوده داخل زوبعة الأحداث، لم ينتبه إلى خطورة تداعيات تلك التدخلات الدموية. إذ إن تصفية جذور الجماعات الإسلامية المتطرفة وصلت حد اغتيال وذبح أقاربهم في حال وفروا لهم المأوى. إذ يكفي أن يفتح أحدهم الباب عندما يسمع عبارة «خوك مجاهد»، لكي يكون متعاونا مع الإرهاب وتتم تصفيته على يد القوات الخاصة فورا بدون سماع أقواله ولا عرضه على محكمة ولو بشكل صوري.

كان كل شيء يتم في لمح البصر، وهو ما اعتبر جريمة في حق الجزائريين. إذ إن فتح الباب لعضو من الجماعة المسلحة لا يعني أبدا أن صاحب البيت داعم للإرهاب. قد يفتح الباب خوفا من انتقام المتطرفين، وقد يتركهم محتمين في منزله ويبلغ عنهم مصالح الأمن لاعتقالهم.

 

حمام دم

لم تكد سنوات التسعينيات تنتصف حتى تحولت الجزائر إلى حمام دم. والكارثة أن عدد الأبرياء الذين ذُبحوا واغتيلوا برصاص الجيش أو رصاص «المجهولين»، كانوا يقدرون بالآلاف. بينما كان القتلى في صفوف الجماعات المسلحة رقما غير معروف. ورغم أن الجيش كان مصرا على المضي في سياسة التطهير، إلا أن الجزائريين لم يكونوا يعلمون في البداية أن الأمر يتعلق بفرق من الجيش، إذ إن الفرق كانت تعمل بشكل سري.

الكوماندان البشير، الذي كان يدير واحدة من الفرق الأكثر شهرة في هذا الباب، كان يحمل تكوينا من المخابرات الروسية. نعم، سبق له الاستفادة من تدريب في «الكي.جي.بي»، واحدة من أسوأ مخابرات العالم سمعة وأكثرها قوة.

يقول هشام عبود إن التدريب لم يتعد ستة أشهر في موسكو، لكنه بمجرد ما إن عاد إلى الجزائر، حتى اختاره الكولونيل مرباح لكي يدرب، رفقة عسكريين جزائريين آخرين، أعضاء من البوليساريو. حدث هذا سنة 1975، أي مباشرة بعد الإعلان عن تأسيس الجبهة.

كان البشير وقتها يحمل رتبة «ليوتنان»، وكان معروفا جدا في منطقة «أم البواغي»، إذ كان يعرف السكان وكانوا يعرفونه جيدا، على أساس أنه مسؤول أمني. وجوده في هذه المدينة الهادئة والصغيرة أعطى صورة إيجابية عنه للسكان.

يقول هشام عبود، أيضا، إنه تعرف عليه سنة 1981 في القاعدة العسكرية بـ«جيجل»، عندما زارها لإعداد ربورتاج عن المدينة والقاعدة الموجودة بها لصالح مجلة «الجيش» التي كان يشرف عليها، والتي تصدرها المؤسسة العسكرية، قبل بداية العشرية السوداء.

مضى هشام عبود بعيدا في شرح عمق الصداقة بينه وبين الكوماندان البشير، إذ يقول إنهما كانا «ثوريين»، وكثيرا ما كانا يسمعان أشرطة الشيخ إمام، كما أنهما كانا يتشاطران الآراء السياسية والمواقف نفسها، وهو أمر نادرا ما يحدث بين رجلين، خصوصا وأنهما يحملان وراءهما تجربتين مختلفتين تماما في الإدارة.

البشير، الذي درب عناصر البوليساريو على السلاح لكي يطلقوا النار على الجيش المغربي وعلى سكان الأقاليم الصحراوية، ويطالبوا بالانفصال عن المغرب، هو نفسه البشير الذي يعتقد أن نواة الجيش الجزائري غارقة في الفساد.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى