شوف تشوف

ثقافة وفن

الكاتب وجوائزه.. هل تحقق له الاعتراف والإشباع النفسي المنشودين؟

 إعداد: م. ع

هل تخلص الجوائز الكُتاب من الأزمات النفسية والمالية؟ هل تحقق لهم الاعتراف المنشود؟

نال الكاتب الياباني ياسوناري كاواباتا (1899-1972) جائزة نوبل سنة 1968، وانتحر في 12 أبريل 1972. والجائزة نفسها حاز عليها الكاتب الفرنسي ألبير كامي (1913-1960) سنة 1957، أي أن وفاته في حادث سيارة كانت بعد ثلاث سنوات من الجائزة، فلم ينعم بها وبشهرتها وببريقها إلا ثلاث سنوات فقط. ونقتطف من الخطاب الذي ألقاه في أكاديمية نوبل الأحاسيس الآتية: «…ما يزال امتناني ضارباً في العمق، وبالأخص حين أستحضر مقدار ما تجسده المكافأة إذ تتخطى بكثير استحقاقاتي الشخصية، كل إنسان-ولأسباب أشد قوة- يشتهي أن يذيع صيته، وأشتهي ذلك أيضاً…» لكن، ورغم فوزه بأعظم جائزة أدبية عالمية، أصبح ألبير كامي يمثل نموذجا للكاتب الذي بدأ يغلفه النسيان بسبب مواقفه السياسية في ما يتعلق بالاستعمار الفرنسي للجزائر. ولم يذكر إلا في المقررات الدراسية.

وبعد نوبل سنة 2014، ظل القراء يترقبون إصدارات الكاتب الفرنسي باتريك موديانو، إلى أن أعلنت  جريدة «لوفيغارو»، في ملحقها الثقافي (9 نوفمبر 2017)، ضمن ملف خاص، أن موديانو أصدر كتابين دفعة واحدة؛ مسرحية «بداياتنا في الحياة»، وهي مستوحاة من مسرحية «النورس» لأنطوان تشيخوف. والكتاب الثاني هو «ذكريات نائمة»، وهو قريب من السيرة الذاتية ونصوص التذكر.

لكن الأمر يختلف مع غابريال غارسيا ماركيز (1927-2014) الذي استفادت أمريكا اللاتينية، بل والرواية الإسبانية كلها، بفوزه بجائزة نوبل سنة 1982. وبفضل رواياته، خصوصاً «مئة عام من العزلة»، تم إطلاق التصنيف الأدبي «الواقعية العجائبية»، النوع الأدبي الذي يعود إلى الأدب الأمركو-لاتيني بدءاً من سبعينيات القرن الماضي. وفي سنة 2007 أصدرت كل من الأكاديمية الملكية الإسبانية ورابطة أكاديميات اللغة الإسبانية طبعة شعبية تذكارية من رواية «مئة عام من العزلة»، باعتبارها جزءاً من الكلاسيكيات العظيمة الناطقة بالإسبانية في كل العصور. وبفضل هذه الرواية امتلك ماركيز بيوتاً في باريس وبوغوتا وقرطاجنة دي أندياس، رغم أنه فضل قضاء معظم حياته في مسكنه في المكسيك.

لقد أدخلت الجوائز الأدبية، عبر العالم، العديد من الكتاب إلى منطقة الضوء، كما رمت بآخرين إلى مناطق سوداء. نقدم في هذا الملف وجهات نظر الكتاب العرب: ليانة بدر (فلسطين)، محمد الولي (المغرب)، أمين الزاوي (الجزائر)، محمد مشبال (المغرب) ومحمد عيسى المؤدب (تونس).

ليانة بدر: قد تتحول الجائزة إلى قيد لصاحبها

صرحت الروائية الفلسطينية ليانة بدر أن لكل جائزة ظروفا مصاحبة في مجتمعاتنا الثقافية التي تعتاش على القيل والقال. ويعتقد البعض أن مجرد الوصول إليها يحقق المجد لمن يحوزها، إلا أن هنالك نظرة أخرى تجد أن الجائزة قد تتحول إلى قيد يثبت صاحبها.

وأضافت أنها في وقت مبكر من حياتها الكتابية حاولت الابتعاد عن الجوائز، كما أنها رفضت الخضوع للفروض التي تحيط بها، بعد أن شاهدت وعاينت أكثر من حالة لكتاب نالوا جوائز في مقتبل حياتهم الأدبية فثبتوا على جمود لا يريم، وصار الواحد منهم معنياً بإثبات طقوس تفوقه. كما أن البعض الآخر منهم وقع نتاجهم في منطقة بين الجمود الفكري الذي ينأى عن الجديد، لذا كان الابتعاد مسألة ضرورية وطبيعية بالنسبة لها. ورأت ليانة بدر أن الجوائز يحيط بها ضجيج هو أكبر من حائز الجائزة، فيكون على المشارك عندها أن ينتبه إلى ضرورة القفز عن هذه الضوضاء المشتتة، ليستطيع أن يعود إلى صفاء الفكر وهدوء الذات الذي يتطلبه الإبداع.

 

وختمت الكاتبة الفلسطينية أن الكتاب والقراء لا يتوقفون عن إرسال التهاني للفائزين أيضاً، لأن الجائزة تتحول إلى مناسبة اجتماعية شبيهة بعيد الميلاد، ربما هي ميلاد جديد للذات التي تكدح في إنتاج مساحات إبداعية جديدة، وربما تكون مكافأة مادية تعين المحتاج إليها، وربما تكون تعزيزاً للزعامة الاجتماعية في المجال الأدبي. أو ليس لدينا من يتوهمون بأن الجوائز قد تصنع كُتاباً لا يهتمون إلا بصيد الجوائز. وأضافت أن الموهوب حين يكون كاتباً بحق وحقيق لن يسقط في هذه الفخاخ التي تنصبها الجوائز لمن ينالها.

محمد الولي: الجابري رفض جائزة صدام حسين

قال البلاغي المغربي محمد الولي إنه كَثُر الكلام عن الجوائز في السنين الأخيرة. بل نسمع أحيانا قعقعة السيوف بين المثقفين، فنتوهم أن نقاشاً قد ثار بصدد مسألة فكرية «مهمة»، حتى ألفنا مثل هذه الزوابع مع اقتراب موعد انعقاد لجان الجائزة التي تنتقي الاسم الفائز. إنها مقالات تلطيخية لصناعة الرأي. إن الفائزين بالجوائز، حسب الولي، أصناف. هناك من ينغمس في عمله الذي يعشقه ولا يلتفت إلى الجوائز ومواعدها. إنه يترك الجوائز تدق باب بيته. مثل هذا السلوك نبيل بغض النظر عن الملابسات، بل وأحياناً قد يفاجئنا الفائز فيرفضها لأسباب. حدث هذا مع مفكرين كبار أمثال غُويتِيصُولو الذي رفض جائزة مهمة من معمر القذافي. وذلك حصل أيضا مع محمد عابد الجابري الذي رفض جائزة صدام حسين. كما رفض صنع الله إبراهيم استلام جائزة مهمة واعتبرها رشوة. وكذلك رفض أحمد بوزفور استلام جائزة المغرب. وفي بريطانيا رفض بنيامين زِيفانيا جائزة ملكة بريطانيا تقديراً لدفاعه عن حقوق الحيوان. لقد رفض استلام تلك الجائزة من دولة ذات تاريخ قاتم في التنكيل بالشعوب. فكيف يجوز أن نقبل نفاقها المتمثل في العطف على الحيوانات مع التنكيل بالآدميين. بل إن جائزة نوبل التي تعتبر أشهر جائزة عالمية، رفضها جان بول سارتر سنة 1964. ورفضها برنارد شو 1925 وسخر منها كما سخر من مؤسسها.

طبعاً ومن حقنا، يقول الولي، أن نرى النوايا الخبيثة لهذه الجائزة حين تمنح لمن ارتكبوا جرائم ضد الإنسانية أمثال مناحيم بيجن. وكذلك منحت لكيسنجر الملطخة يداه بدماء الشعب الفيتنامي. الخ. وهي الجائزة التي لم ينلها محمود درويش، ولا جبران خليل جبران، ولا إدوار سعيد، ولا المؤرخ إيلانْ بَابِي الذي هرب، وهو اليهودي، من تنكيل الصهيونية، ولم ينلها عملاق أمريكا اللاتينية إذوَارذُو غاليانو. والواقع، يسترسل الولي في ذكر من يستحقون الجوائز، أن الكثير من الفائزين المستحقين، وحتى غير المستحقين، الذين ينالونها، يتصرفون بكثير من التعفف الأخلاقي، ينالونها ويمضون بصمت لكي يستأنفوا العمل! نالها الباحث العظيم الأستاذ محمد غاليم وهو أعظم من كل الجوائز. وأعطى كمثال الروائي الفرنسي لوكليزيو، الذي سئل مرة بعد فوزه بنوبل ماذا عساه يفعل بقيمتها؛ قال: أسدد بها ديوني. وبالنسبة لآخرين اتخذوا من قيمة الجائزة وسيلة لتسديد نفقات العلاجات الصحية، فلولا تلك الجائزة لفقدوا حياتهم. وأحياناً تغطي قيمة تلك الجائزة نفقات اقتناء بيت!

وذكر الولي الحالات التي تستدعي الاستهجان في العالم العربي، إذ تتحول الجوائز إلى هم يؤرق عدداً مهما من المثقفين الذين يملؤون الفضاء بعوائهم وهم ينادون الجوائز. ويكلفون من يوزع الشتائم ذات اليمين وذات الشمال، كأنهم لا يسطرون حرفاً إلا شبح الجوائز أمام عيونهم. بل هناك حالات يتكلفون تلوين أفكارهم ومواقفهم بالألوان التي يتوهمون أنها تكسب رضا الجهة المانحة. هؤلاء قد ينالون الجوائز إلا أنهم يخسرون أنفسهم.

وعن تجربته الشخصية مع الجوائز، قال الولي إن ناشره سبق أن رشح ترجمته «الاستعارة الحية» لبول ريكور لنيل جائزة زايد، التي لم يفز بها عبد المجيد جحفة لترجمته لكتاب «الفلسفة في الجسد»، كما لم يفز بها محمد البكري المترجم العظيم. بل ولم تنل الجائزة ترجمة الولي لكتاب «الكلام السامي»، كما لم ينل كتاباه «الخطابة والحجاج» و«فضاءات الاستعارة» جائزة الملك فيصل.

أمين الزاوي: «شيك» الجائزة مهم ولكن «شيك» القارئ أهم بكثير

صرح الروائي الجزائري أمين الزاوي بأن الجوائز الأدبية في العالم العربي وبلدان شمال إفريقيا بشكل عام قليلة جدا مقارنة مع عدد الجوائز وتنوعها في البلدان الأوروبية مثلا، ففي فرنسا وحدها هناك ما يقارب 500 جائزة. بهذا المعنى فنحن لا نزال لم نؤسس لتقاليد الجوائز في بعديها المادي والثقافي والرمزي. ما هو موجود من جوائز ينحصر في منطقة الخليج العربي، وعلى الرغم من حداثتها إلا أنها حققت نوعاً من الانتباه والعناية من قبل الكتاب دون استثناء، فلا يوجد كاتب لم يرشح نفسه لمثل هذه الجوائز.

 

وأضاف الزاوي أنه يعتقد بأنه يجب التفريق ما بين الجائزة التي هي عبارة عن «أفضلية» نص على نصوص تدخل مسابقة ما، أفضلية جمالية وفلسفية بالأساس، والتكريم الذي هو اعتراف بمكانة كاتب من الناحية السياسية أو الأيديولوجية أو الفكرية… ويبدو أن الكتاب كثيرا ما يخلطون في التسمية، ولا يميزون بين هذا وذاك. أما الناحية المادية في الجائزة، فهذا شيء إيجابي، ما في ذلك شك، لأن الجوائز العربية هي «شيك» مالي يقدم للروائي أو للشاعر.

وأضاف أنه يرى أن هذه الوضعية غير كافية بالنسبة للكاتب المبدع الحقيقي، لأن الكاتب المتوج بجائزة يريد أن يحقق «مكسبا» ماليا، ما في ذلك شك، ولكنه يريد أيضا أن يحقق مكسبا رمزيا وهو «القارئ» الذي هو الرأسمال الدائم.

وعن الجوائز العربية قال إنه يتم الاحتفاء بها إعلامياً، لبعض الوقت، لأسبوع أو شهر أو موسم، ثم ينتهي العرس عند الإعلام ولا يترك أثراً كبيراً في القارئ. ففي فرنسا مثلا، جائزة الغونكور وهي الجائزة الأشهر، لا يمنح الحاصل عليها سوى شيك بعشرة أورو (10 أورو)، في حين تبيع الرواية المتوجة من ثلاث مئة ألف نسخة (300000 نسخة) إلى مليون نسخة، وهذا هو ما يطمح إليه الكاتب المتوج، المال من خلال بيع نسخ من روايته وتعود الجائزة بالفائدة أيضا على الناشر.

أما في العالم العربي، يضيف الزاوي، فلا أحد يعلم حتى الآن ما عدد النسخ التي يتم سحبها من رواية حصلت على جائزة البوكر العربية أو كتارا (مثلا) فالناشر غامض، والأرقام الصحيحة مطموسة، وسوسيولوجيا القراءة الأدبية معطوبة لغياب المعطيات الحقيقية.

إن مجد الكاتب من خلال الجائزة، حسب الزاوي، هو أولا وأخيرا وصول كتابه المتوج إلى أكبر عدد من القراء، وهو الذي سيكون فاتحة تسهل تسويق الاسم من خلال عناوين لاحقة له، ولكن يبدو لي شخصيا بأننا لم نصل بعد إلى هذا المستوى، فالكتاب والكاتب يتم نسيانه بمجرد أن تأتي الدورة الموالية للجائزة، وربما حتى قبلها.

وختم الروائي الجزائري قائلاً إن هناك ظاهرة أخرى تشكلت في الأوساط الأدبية وهي الجري وراء الجائزة، وهذا ليس بالسيئ في حد ذاته، ولكن هذا الجري المحموم أو التهافت خلق نوعا من الخلط في الساحة الأدبية، ونتج جراء ذلك استسهال كبير في الكتابة الروائية واستسهال أيضا في النشر الذي عادة ما يكون على حساب الأسماء الجديدة باتفاق مسبق مع الناشر لترشيح العمل. أعتقد أنه، ولحل مثل هذا التهافت المخل بالحياة الأدبية، يجب خلق جوائز كثيرة ومتنوعة على المستوى المحلي والتي قد تكون السلم نحو الجوائز الكبرى العربية.

 

محمد مشبال: الجوائز نقلت اسمي من الجامعة إلى المقاهي والأسواق ومواقع التواصل الاجتماعي

انطلق الباحث البلاغي المغربي محمد مشبال من تجربته الشخصية في الإجابة عن سؤال الجائزة وهل تحقق كل أنواع الإشباع المادية والنفسية، فقد حصل مشبال على ثلاث جوائز؛ اثنتان منها جائزتان كبيرتان بكل المعاني. وأكد أنه كان لفوزه بها في السنوات الثلاث الأخيرة، انعكاس على حياته المادية والنفسية. فهو لم يشعر يوما ما بأنه شخص تتجاوز شهرة اسمه أسوار الجامعة، إلا بعد حصوله على هذه الجوائز ذات الصيت العالي؛ إنها استطاعت أن تنقل اسمه من الفضاء الجامعي الذي يعمل به إلى دنيا المقاهي والأسواق والمحلات التجارية ومواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك، تويتر وتيك توك)؛ فهذه الجوائز الكبرى تحظى بسمعة عالمية تجعل الفائزين بها موضع اهتمام وسائل الإعلام السمعية والبصرية. كما أن قيمتها المادية الكبيرة يمكنها أن تعوضهم عن سنوات الحرمان التي قضوها في الإنفاق من جيوبهم ووقتهم على التحصيل العلمي غير قادرين على اغتنام ما تجود به الحياة من فرص مادية تساعدهم في تحسين مستواهم المادي. ولهذه الأسباب فإنها تمنحهم نوعا من العزاء النفسي والتقدير الاجتماعي في مجتمعات لا تؤمن سوى بالسلطة والمال. فالباحث الذي يعتمد في موارده المالية على أجرته الشهرية فقط يجد نفسه غير قادر على الاستجابة لمطالب أسرته الصغيرة والكبيرة، إلا بالتخلي عن الانقطاع الكلي للتحصيل العلمي، بحثا عن تحسين موارده بطرق لا يمكنها في النهاية إلا أن تضرّ بإنتاجه العلمي. فعلينا أن نؤمن بأن الانخراط الحقيقي في البحث العلمي يتطلب تفرغا كليا، مثلما يتطلب اقتدارا ماليا.

 وأضاف مشبال أن علينا أن نؤمن في النهايةبأن التفاعل بين الجائزة والفائزين هو الذي يسبغ على الفوز قيمته الحقيقية؛ فالجائزة مهما تبلغ قيمتها لا يمكنها أن تحقق للفائز المجد الأدبي الحقيقي والأثر النفسي المنشود، إلاّ إذا كان يستحقها سواء بكتبه المرشحة أو بسمعته في الأوساط الأدبية والعلمية؛ فقيمة الجائزة تبادلية وتفاعلية. فكما أنها تمنحه المجد والنفع المادي والراحة النفسية، فإنه يساهم في ازدياد قيمتها لما يحظى به شخصه وكتاباته من تقدير المجتمع الأدبي. فالجائزة تستمد جزءا كبيرا من قيمتها ليس فقط من معاييرها الصارمة في التحكيم ومن قيمتها المالية المرتفعة، بل تستمدها أيضا من القيمة العلمية للفائزين بها.

محمد عيسى المؤدب: لا يُمكن للجوائز أن تُشكّل خلاصًا للكاتب العربي

بدأ الروائي التونسي محمد عيسى المؤدب تصريحه بالتساؤل: هل تُخلّصُ الجوائز الكُتّاب من المشاكل الماديّة والنفسيّة، وهل تُحقّق لهم المجد الذي ينشدونه؟

ليجيب أن لا أحد بإمكانه أن يُنكر قيمة الجوائز في مسيرة المبدع، هي تمامًا كالضوء الكشّاف الذى يُوجّه نحو مَن يحظى بنيل جائزة ذات قيمة وشهرة، ففي تلك الحالة تتوجّه له كل الأنظار التي أهملته أو تناسته سابقًا، ويقصد هنا الناقد والقارئ والإعلام. . والإعلام لا يُكرس إلا الأسماء المشهورة، وهذا دارج في كل البلدان العربية للأسف الشّديد.
وعن تجربته مع الجوائز، قال المؤدب إنه بدأ مع جائزة أدب الشباب في القصة القصيرة سنة 1995 عن مجموعته القصصيّة الأولى «عرس النّار»، ثم كانت جائزة «الكومار» الذهبي للرواية التونسية سنة 2017 عن رواية «جهاد ناعم»، وفي الدّورة الأخيرة لمعرض تونس الدّولي للكتاب في نوفمبر 2021 أحرزت روايته «حمّام الذّهب» على جائزة الرّواية كما وصلت الرّواية نفسها سنة 2020 إلى القائمة الطّويلة لجائزة البوكر. وعن جائزة «البوكر» قال إنها مُهمّة فعلا لأنها ذات إشعاع عالمي، وهي تَهبُ الروائي العربي فرصًا أكبر للانتشار عالميًا بالتعريف به وبتجربته، عبر الترجمة بالأساس وإيصال الصوت العربي إلى الآخر المختلف.

غير أنّ الجوائز، يضيف المؤدب، لا يُمكن أن تُشكّل خلاصًا للكاتب العربي وليس بإمكانها أن تُخلّصه من مشاكله الماديّة والنفسيّة، وعبر المؤدب عن ارتياحه لكنه لا يعيش من الكتابة ولا من الجوائز الطّارئة. فهو غير مُتفرع للكتابة وأغلب الكتّاب لهم وظائف يعيشون منها. وختم قائلاً إن الكتابة في البلدان العربيّة ليستْ مهنة وتبقى نشاطا خارج إطار العمل الرّسمي، ومعروف ما يتطلّبه ذلك من معاناة وتضحيات على حساب الصحّة والعائلة. بمعنى أنّ السّباق المحموم نحو الجوائز لن يكون في صالح التّجربة الإبداعيّة ولا في صالح حياة الكاتب، هذا الكاتب الذي قَدَرُه الأزمات الماديّة والنفسيّة. والأهمّ أن ينشغل المبدع بتجويد نصّه وتطويره، وأن يحرص على تعميق مشروعه في الكتابة بحثًا وإبداعًا. وأضاف صاحب «حمام الذهب» قائلاً إن الجوائز وحدها لا تُحقّق المجد، يمكن أن تُساهم في الانتشار وتوسيع دائرة توزيع الكتب، أمّا الخلود فهو أعظم من الجوائز التي تبقى آنيّة واحتفاليّة. كم من كتب نالت جوائز محليّة وعربيّة وعالميّة ولكنّها نُسيتْ وأُهملتْ في الرّفوف. وكم من كتب بقيت خالدة، يعود إليها القرّاء في كلّ الأزمنة، فهل تساءلنا لماذا نعود مثلًا إلى رواية «الخبز الحافي» لمحمّد شكري، ولماذا نحنّ إلى «ياطر» حنّا مينه، ولماذا نحتاج دومًا إلى أعمال الرّوسي أنطوان تشيخوف؟

 

مركز دراسات الوحدة العربية يفوز بجائزة «أفضل ناشر عربي»

في إطار فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والخمسين، فاز مركز دراسات الوحدة العربية بجائزة «أفضل ناشر عربي»، وهي جائزة استُحدثت، أخيراً، ضمن الجوائز التي يمنحها المعرض، وذلك بالتعاون بين اتحاد الناشرين العرب والهيئة المصرية العامة للكتاب. وتسلّمت المديرة العامة للمركز، لونا أبوسويرح، الجائزة ظهر الخميس، الثالث من شباط/فبراير 2022، في معرض القاهرة الدولي للكتاب بحضور وزيرة الثقافة المصرية إيناس عبد الدايم ورئيس اتحاد الناشرين العرب محمد رشاد ورئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب هيثم الحاج علي، وذلك خلال حفل مميّز ضمّ ممثلين عن أهم دور النشر العربية وكبار الكتّاب والمفكرين العرب في أجواء ثقافية مميزة وحفاوة لا مثيل لها.

وفي عرض حيثيات اختيار الفائز، اعتبرت لجنة التحكيم- برئاسة الدكتور شريف شاهين وعضوية كل من الدكتور جورج نوبار، والكاتبة زينب عفيفي، والكاتب عزت القمحاوي- أنها اختارت المركز للفوز بالجائزة بعدما أجمعت على تميُزه بإصداراته السياسية والثقافية الضرورية لمستقبل الأمة العربية. وحيَّت المركز على إصراره وتمسكه بخياراته في المُحتوى وعلى الهوية البصرية المميزة، والتطور الملحوظ في تصميم الأغلفة.

وكانت اللجنة العليا لمعرض القاهرة الدولي للكتاب قرَّرت لأول مرة منح جائزة لأفضل ناشر عربي، وهي الجائزة الأولى في نوعها ضمن جوائز هذا المعرض. وفاز مركز دراسات الوحدة العربية بهذه الجائزة التي تصل قيمتها إلى 40 ألف جنيه مصري، مع العلم أن القيمة المعنوية للجائزة أهم، لأنها تصدر من بلد عربي ومن عاصمة عربية يمثلان قلب الوطن العربي وعموده الفقري ومركز الثقل الثقافي والحضاري فيه، فضلاً عن المكانة الفكرية والثقافية العالية التي تحتلها الجهة المانحة، أي اتحاد الناشرين العرب والهيئة المصرية العامة للكتاب. ويقدّر مركز دراسات الوحدة العربية هذه الجائزة عاليًا، كونها تؤكد قيمة الدور الفكري والثقافي الذي يقوم به المركز عربيًا وعالمياً وصوابية الخيارات التي يتبناها، وقيمة الإصدارات العلمية المحكّمة التي ينشرها، سواء الكتب، التي تجاوز عددها الألف وثلاثمئة كتاب، والتي قدمت بتنوع موضوعاتها وبعمق بحوثها وبجدية التزامها الموضوعي بقضايا الوحدة العربية والتنمية والتحديث والعقلانية والاستقلال الوطني والتحرر والديقراطية والعدالة، كنزًا فكريًا وعلميًا ومعرفيًا لم تقدمه أي مؤسسة بحثية أخرى على الساحة العربية؛ أو المجلات العلمية المتخصصة، وعلى رأسها مجلة “المستقبل العربي” التي تصدر شهريًا ومن دون أي انقطاع أو تأخر منذ خمس وأربعين سنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى