أبطل القضاء الإداري لمحكمة الاستئناف بمراكش، زوال أول أمس الأربعاء، قرار المحكمة الابتدائية بالصويرة، والقاضي بعزل النائب الثالث لرئيس المجلس الإقليمي للصويرة، بعد تقديم المعني بالقرار الدفوعات التي تفند الأساس الذي استند عليه عامل إقليم الصويرة، لتحريك دعوى العزل.
إلغاء القرار الابتدائي سيمكن الرئيس السابق لجماعة إدا وكرض من استعادة صفته الاستشارية، ومنصبه كنائب لرئيس المجلس الإقليمي وعضو بجماعة إدا وكرض، وسيفتح الباب للتساؤل حول الخلفيات الحقيقية لتحريك دعوى العزل ضده، في الوقت الذي تشير فيه المعطيات إلى وجود قرابة 120 مستشارا جماعيا بإقليم الصويرة في وضعية تضارب مصالح مؤكدة، تفرض تصدي سلطات الوصاية لها، استنادا إلى دورية وزير الداخلية.
قرار محكمة الاستئناف صحح ما وصفته مصادر محلية بانزلاقات شابت إعمال هذه المسطرة، وتحديدا الانتقائية التي طالت أسماء دون غيرها، حيث استهدفت بشكل استثنائي أثار الكثير من الجدل والاستغراب، مصطفى بلينكا، النائب الثالث لرئيس المجلس الإقليمي، وهو عضو بجماعة إدا وكرض القروية، رفقة مستشار آخر بالجماعة نفسها، علما أن وضعية عدد من المستشارين النافذين من رجال الأعمال، وأصحاب المصالح في مجالات استغلال موارد جماعات الإقليم، كاستغلال مقالع الرمال، وكراء محلات الجماعة، واستغلال الأملاك الجماعية في تعاقدات سابقة لاكتسابهم العضوية الانتدابية، لم يشملهم الإجراء لحد الساعة.
تحريك دعوى العزل ضد النائب الثالث للمجلس الإقليمي، ورفض القضاء الإداري دعوى عامل الإقليم، يسلطان الضوء من جديد على وجود صراع كواليس تحكمه عدة اعتبارات لا علاقة لها في الأساس بإعمال بعض النصوص القانونية، مما يثير قضية حياد السلطات المحلية في التعاطي مع المنتخبين على قدم المساواة.
انتصار القضاء للقانون، وقطع الطريق على تهديد بعض الأصوات الجريئة بإعمال مسطرة العزل، سيعيدان الثقة لبعض المنتخبين المستهدفين بسبب مواقفهم، ولا شيء آخر، خاصة أن الاختلالات التي تعاني منها المجالس المنتخبة تحتاج إلى تقوية دور المنتخبين وتحصينهم، من أجل مساعدتهم على الاضطلاع بمهامهم وأدوارهم الحقيقية، بدل جرهم إلى متاهات التقاضي، وابتزازهم بمسطرة العزل التي يجب أن تخضع للأسس القانونية، لا للحسابات الشخصية، والأهواء السياسية، في تناقض صريح لنبل ومغزى مذكرة لفتيت التي فهمت خطأ من طرف بعض رجال السلطة على مستوى الأقاليم والولايات.
هذا القرار الذي جاء في توقيت مهم، من شأنه أن يقلص تغول بعض المراكز التي تسعى إلى استغلال القضاء لتصفية الحسابات مع الخصوم، وإبعاد الأصوات التي تشير إلى مكامن الخلل في تدبير إقليم يعاني من تعثر لافت في المسار التنموي، جراء تراكم الاختلالات.