شوف تشوف

الرئيسية

القصة الكاملة لقضية اتهام الصحافية هاجر الريسوني بالإجهاض

أسالت قضية اتهام الصحافية هاجر الريسوني، 29 سنة، مدادا كثيرا خصوصا على المنصات الرقمية، فمن مطالب باحترام الحق في حرية الجسد والحياة الخاصة، إلى مطالب بإلغاء قوانين تجريم الإجهاض وصولا إلى المطالبين بإعمال القانون على قدم المساواة سواء تعلق الأمر بصحافية أو امرأة عادية طالما أن المحاكم مليئة بقضايا الإجهاض التي يحاكم بسببها بعض الأطباء والنساء اللواتي يتورطن في عمليات إجهاض.

نحن اخترنا التريث إلى حين الحصول على معلومات مؤكدة حول الملابسات التي عرفتها هذه القضية، على لسان المتهمين فيها، لكي ننقلها للقارئ كما هي لكي يكون قناعته الخاصة حول القضية التي أثارت كل هذا الجدل.

وحصل موقع “الأخبار” من مصادر قضائية على روايات جميع المتهمين الموجودين رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن “العرجات” بضواحي سلا، حيث أفادت “م.أ” التي تعمل موظفة استقبال بالعيادة، أن هاجر الريسوني تقدمت إلى العيادة الطبية بهوية أخرى تحت اسم “هاجر الزياني” وطلبت منها زيارة الطبيب، وعندما استفسرتها عن مشكلتها الصحية، أخبرتها أنها وقعت في الحمل وترغب في إجراء عملية إجهاض، وعندما اتصلت بالطبيب ضرب لها موعدا في اليوم الموالي بتاريخ 31غشت الماضي، وعند حضورها إلى العيادة في الموعد استقبلها الطبيب “م.ج.ب”، الذي قام بإخضاعها للفحص بالصدى “إيكوغرافي” حيث جاءت نتيجته كون الجنين الذي في أحشائها في أسبوعه السابع، حيث طلب منها مبلغ 3500 درهما مقابل إجراء عملية الإجهاض، وهي العملية التي تمت بمساعدة ممرض متخصص في التخدير، اعترف في محضر الإستماع إليه أن الطبيب طلب منه الحضور من أجل تخدير سيدة متزوجة ذات أبناء تريد إجراء إجهاض بسبب خوفها على حياتها .

ونفى الطبيب أن يكون قد أجرى عملية إجهاض للريسوني، وقال إن المعنية بالأمر تقدمت إلى عيادته باسم مستعار هو هاجر الزياني، وعند استفسارها حول مشكلتها الصحية، أخبرته كونها تأخرت عليها العادة الشهرية وترغب في إجراء فحص بالصدى من أجل معرفة السبب، حيث تبين لها بعد الفحص وجود تكبد دموي على مستوى الرحم، فأشعرها بضرورة إزالته عن طريق عملية، فوافقت على ذلك، حيث تم الاتفاق على مبلغ 3500 درهما، وبعد حضور الممرض المكلف التخدير، أجرى لها العملية باستعمال جهاز الشفط داخل الرحم، قبل أن يتخلص من الدماء عبر قناة الصرف الصحي. وفي روايتها، أكدت هاجر الريسوني أنها تعرفت على خطيبها السوداني المسمى رفعت الأمين، داخل كلية الحقوق بالرباط، ومنذ ثمانية أشهر اقترح عليها الزواج بها فوافقت على ذلك، حيث تقدم إلى منزل أسرتها، وتم الاتفاق على عقد قرانهما يوم 14 شتنبر الجاري، ونظرًا لعلاقة الخطوبة التي تجمعهما كانت تزوره بمنزله حيث مارست معه الجنس بالتراضي عدة مرات، قبل أن تكتشف مؤخرا أنها حامل، وعندما أخبرت خطيبها بالموضوع طلب منها عدم إجهاض حملها، لأنهما سيتزوجان قريبا وأنه يريد ابنا، وصرحت أنها بتاريخ 30 غشت الماضي، شعرت بألم شديد على مستوى رحمها نجم عنه خروج بعض الدم، مما جعلها تزور عيادة الطبيب، حيث قرر هذا الأخير إجراء تدخل جراحي بمساعدة الممرض المكلف بالتخدير، حسب روايتها.

لكن خطيبها السوداني أدلى برواية أخرى تفيد أن هاجر الريسوني خضعت فعلا لعملية إجهاض، مشيرا إلى ربطها لعلاقة غرامية معها باعتبارها تتابع دراستها بنفس الجامعة التي يدرس بها، وبعد أن أشعر عائلتها برغبته في الزواج بها أصبحت تتردد على منزله المتواجد بحي أكدال، حيث فوجئ بها تخبره في أواخر شهر يوليوز بأنها حامل، وصرح أنه طلب منها أن تترك الجنين في أحشائها وعدم إجراء عملية الإجهاض مادام أنهما سيعقدان قرانهما قريبا، وأكد أنه يوم السبت الماضي طلبت منه خطيبته أن يرافقها عند طبيب متخصص في أمراض النساء لإجراء فحص، حيث رافقها إلى غاية باب العمارة التي تتواجد بها العيادة، وبعد حوالي نصف ساعة ربطت به الاتصال، قبل أن يكتشف أنها أجرت عملية إجهاض للجنين دون علمه، حسب روايته.

وبدوره صرح الممرض المتخصص في التخدير، أن الطبيب دائما يستدعيه لإجراء عمليات داخل العيادة مقابل أجر يومي بمبلغ 150 درهما، وفي يوم السبت الماضي، اتصل به وطلب منه الحضور لمساعدته على إجراء عملية إجهاض لسيدة حامل وهي أم لطفلين كون حملها من المحتمل أن يشكل خطرا عليها، وعندما انتقل إلى العيادة تكلف بتخدير المعنية بالأمر تخديرا كليا، مؤكدا أن الطبيب أخضعها لعملية إجهاض، حيث استغرقت العملية حوالي 10 دقائق، استعمل خلالها الطبيب جهاز الشفط لإجهاض الحمل واستخراج ما بالرحم وبعد نجاح العملية سلمه الطبيب مبلغ 150 درهما، حسب رواية الممرض.

وكانت مصادر قضائية قد أفادت أن النيابة العامة لدى المحكمة الابتدائية بالرباط توصلت بالخبرة الطبية التي أنجزها طبيب شرعي متخصص في طب النساء بالمستشفى الجامعي ابن سينا بالرباط، بخصوص قضية إجهاض الصحافية هاجر الريسوني داخل عيادة طبيب، وتتضمن الخبرة نتائج الفحص بالصدى وتحاليل هرمون الحمل، وأكدت المصادر أن الوثيقة التي تم تداولها في بعض المواقع تتعلق بنتائج معاينة طبية فقط وليست خبرة تستلزم مجموعة من المعدات.

وتتابع النيابة العامة الريسوني وخطيبها السوداني بالإضافة إلى طبيب ومساعدته وممرض بتهم تتعلق بالفساد والإجهاض السري والمشاركة في الإجهاض.

جدل تقنين الإجهاض يعود للواجهة

عاد النقاش حول الإجهاض، ليعود معه التوتر بين المؤيدين له والمعارضين، على خلفية القضية التي تتعلق باعتقال الصحافية هاجر الريسوني، ابنت أخ الرئيس السابق لحركة التوحيد والإصلاح والرئيس الحالي للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، كان دائما حريصا على التنديد بعمليات الاجهاض السري والعلاقات خارج إطار الزواج كما كان قد هاجم رئيس الحكومة سعد الدين العثماني مباشرة بعد تعيينه خلقاً لبنكيران، حول إعداد حكومته للتقنين الإجهاض، ووصف الريسوني في مقالة نشرها على موقع الرسمي على الانترنت حينها، العاملين على اعداد هذا القانون بالمرتزقة، معتبراً أن النقاش حول الإجهاض هو “معركة بين فريق من الاسلاميين وفريق من الاجهاضيين”، واعتبر أنه لا يرغب في الخوض بالقضية فقهيا وقانونيا، وإنما “تسجيل ملاحظات” بينها أن هناك ضرورة لـ”مراجعة قانونية – عقلانية لأحكام الإجهاض في القانون الجنائي المغربي” على أن يحصل ذلك بظل ما وصفه بـ”الخروج من حالة تسلط الأقلية وتحكمها” دون أن يوضح هوية تلك الأقلية.

في المقابل، انتقد عدد من مؤيدي تقينين الإجهاض في المغرب الموقف الأخير لأحمد الريسوني، واعتبروا أنه متناقض مع ما كان قد عبر في مهاجمة المدافعين عن تقنين الاجهاض، معتبرين أن تشديد القانون مع حالات الإجهاض كان ومازال بسبب دفاع عدد من الفاعلين السياسيين والدينيين عن تجريمه، في الوقت الذي تنص الاتفاقيات الدولية التي وقعها المغرب على احترام الحريات الشخصية للأفراد، حسب منتقدي الريسوني، الذين هاجموا أيضا الأمين العام السابق لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، عبد الإله بنكيران، والذي كان أول المتضامنين مع الصحافية المعتقلة، وقالوا بأن حزب العدالة والتنمية “كان يتولى حقيبة العدل في عهد بنكيران، ولم يحرك ساكنا من أجل معالجة القوانين التي تجرم الإجهاض، فكيف يأتي اليوم ليدافع عنه”، حسب الداعين لتقنين الاجهاض الذين استندوا إلى أرقام تكشف أنه في عام 2018 تم إجراء ما بين 1000 و 1500 عملية إجهاض يوميًا في المغرب، وهي العمليات التي قد تفضي إلى مخاطر على صحة الأم والجنين، وقد تم ترويج 73 قضية خلال العام الماضي أمام المحاكم منها أربع حالات وفاة.

ويشار إلى أن الفصلان 449 و454 من القانون الجنائي حددا الفاعل الأصلي في جريمة الإجهاض أنه من أجهض أو حاول إجهاض امرأة حبلى أو يظنها كذلك، ثم كل امرأة أجهضت نفسها عمدا أو حاولت ذلك أو قبلت أن يجهضها غيرها أو رضيت باستعمال ما أرشدت إليه أو ما أعطي لها لهذا الغرض، فيما حدد كذلك القانون العقوبة في حالة الشخص الذي قام بالإجهاض لمرأة حبلى أو يظنها كذلك من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من مائتين إلى خمسمائة أما في حالة المرأة التي تجهض نفسها أو تحاول ذلك أو حاولت أو رضيت باستعمال ما أرشدت إليه من وسائل مؤدية إلى الإجهاض فإن العقوبة هي من ستة أشهر إلى سنتين وغرامة من مائتين إلى خمسمائة درهما، غير ان المشرع الجنائي حدد حالات الاستثناء وهي التب وردت في مرسوم ملكي مؤرخ في 1 يوليوز 1967 الذي تم به تغيير في الفصل 453 من القانون الجنائي حيث نص على أنه لا عقاب على الإجهاض إذا استوجب ضرورة المحافظة على صحة الأم متى قام به علانية طبيب أو جراح بإذن من الزوج.

اتهامات لموقع اليوم 24

علم موقع “الأخبار” من مصادر مطلعة أن النيابة العامة حركت المتابعة ضد موقع “اليوم 24” بسبب اتهامه بالتلاعب في شهادة للفحص الطبي تخص الصحافية هاجر الريسوني الموجودة رهن الاعتقال الاحتياطي بتهمة إجراء عملية إجهاض داخل عيادة طبيب بالرباط وأفادت المصادر بأن الموقع نشر عبارة باللغة الفرنسية مقتبسة من التقرير الطبي وأضاف إليها عبارات أخرى غير موجودة في التقرير تشير إلى عدم إجراء عملية إجهاض، ما اعتبرته النيابة العامة “تضليلا للرأي العام وإخفاء للحقيقة ونشرا لأخبار زائفة حول القضية موضوع مسطرة المتابعة من طرف القضاء”، وبناء على تعليمات النيابة العامة فتحت فرقة مكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيا الحديثة التابعة للمصلحة الولائية للشرطة القضائية بولاية أمن الرباط تحقيقا في الموضوع.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى