شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

القصة السرية لتأسيس منظمة اغتالت شخصيات جزائرية

يونس جنوحي

تجويع الأتباع كان ناجعا لضمان بقاء الجنرالات فوق العدالة. كانوا يضحون دائما بصغار المُنتسبين للدرك ولفرق الجيش. وصف هشام عبود أولئك الذين يعملون تحت تصرف الجنرالات بأنهم يعيشون ظروفا صعبة. تغذية سيئة وسكن أسوأ، ولرد الاعتبار كانوا ينتقمون من المدنيين.

سياسة الانتقام وقمع المظاهرات كان مصدرها الصندوق الأسود كما يصفه عبود، إذ كان المسؤولون يتعمدون ترك خيط يقود إلى تحديد المسؤول عن المجازر التي كانت تقع في القرى وضواحي العاصمة أيضا. والسبب ضمان اشتعال حرب أهلية. إذ إن محيط الضحايا كان دائما يتجه نحو الانتقام، وبالتالي فإن «الفرجة» كانت مضمونة للجنرالات.

بقاء الحرب الأهلية كان دائما يعطي الذريعة للجنرالات لكي يستمروا في «حربهم» ضد ما أسموه «الإرهاب».

 

منظمة مشبوهة

تحدث هشام عبود عن منظمة جزائرية كانت تحمل اسم OJAL. قال إنها اختفت بالسرعة نفسها التي ظهرت بها أواخر سنة 1993، ووصفها بأنها منظمة إرهابية متورطة في المجازر التي وقعت خلال الحرب ضد المدنيين.

يقول هشام عبود: «بمجرد ما أن نُشر أول بلاغ صحافي يعلن ميلاد المنظمة وأهدافها، وهو ما بدا لي وقتها غريبا، اتصلتُ فورا بالكوماندان عليلي، واسمه الحقيقي بلعيد بن علي، وهو أحد ألمع العسكريين، وكنت أثق به كثيرا. عليلي يحمل شهادة جامعية من جامعة الجزائر في العلوم السياسية، بعد أن تخرج من معهد مرموق في مونتريال بكندا، وكان يشغل، رغم أنه كان صغير السن، منصبا مهما في ديوان الجنرال لكحل عياط.

عندما طلبتُ منه أن يشرح لي من أين خرجت هذه المنظمة التي تم الترويج لها في الصفحة الأولى بجريدة «المساء» الحكومية، أجابني:

-هذه لا بد أن تكون ضربة من الزُرق.

كان يقصد الشرطة. ولم نتحدث عنها باستفاضة. لكن تورط المنظمة في عدد من الاغتيالات، كشف فعلا تورط عدد كبير من عناصر الإدارة العامة للأمن الوطني الجزائري.

في تلك الفترة، كانت الشرطة تابعة للمدير العام محمد وضاح. كان رجلا متعطشا للسلطة، مستعدا للمشي فوق جثة والدته للوصول إلى ما يطمح إليه».

ربما تكون هذه الصورة قاسية في حق الرجل، بحكم أن هشام عبود تعرض للمنع عندما كان وضاح مديرا للأمن. لكن الأحداث التي وقعت، وظهر فعلا أن الشرطة الجزائرية متورطة فيها، تكشف فعلا إلى أي حد كان المسؤولون في الأمن مستعدين للقيام بأي عملية مهما كانت مجنونة للبقاء في السلطة.

كانت عناصر البقاء في السلطة كلها متوفرة أمام عياط، خصوصا وأنه كان يرد على كل القضايا السرية التي يُسأل عنها بأنها «سر من أسرار الدولة».

يقول هشام عبود أيضا إن الشرطة لم تعرف أبدا في تاريخها وجود «نخبة» من الفاسدين على رأس الإدارة، كما كان الأمر عليه عندما وضع عياط أتباعه على رأس المصالح والمكاتب الحيوية.

اتهم عبود أيضا مدير الأمن السابق في منتصف التسعينيات بأنه لم يكن يسعى نهائيا إلى القضاء على الجماعات الإرهابية بقدر ما كان يعمل على تكوين ثروته الشخصية وإذكاء الحرب التي كانت مشتعلة في الشوارع وتحصد الأرواح يوميا. بل إنه أجبر العاملين تحت إمرته من موظفي الأمن، على اتباع نفس منهج «الإرهابيين»، والعمل بنفس الطريقة. والنتيجة كانت «آلاف النهايات المأساوية» لعدد من الأشخاص، تعرضوا في منتصف التسعينيات لعدد من التصفيات والاغتيالات وحالات اختفاء لم تعرف تفاصيلها نهائيا.

إذ كان مجرد الدخول في خلاف مع مسؤول أمني كبير تابع لمجموعة المدير عياط، كافيا جدا لجعل حياة المعني به على المحك.

وأحد هؤلاء اسمه «سمير فزاني»، ووصف هشام عبود نهايته بأنها كانت تراجيدية جدا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى