تواجه الأسرة المغربية، ومعها القيم النبيلة والأخلاق والتربية الحسنة، حربا مدمرة تتعلق بالتسويق الخطير لنجوم التفاهة الذين تعج بهم المنصات الاجتماعية، وتقديمهم كقدوة للأجيال الصاعدة، خاصة التلاميذ القاصرين، حيث حصر النجاح في الحياة في إنشاء موقع شخصي والتنافس في ممارسة السب والشتم والقذف والعنف وحتى إحياء النعرات القبلية والعري والتحريض على خرق القانون والممارسات الغريبة.
إن هدم القيم النبيلة وتدمير الأسرة كنواة مشكلة للمجتمع، لا يأتي دفعة واحدة كما يظن البعض، بل على مراحل لا تستعجل النتائج وتستهدف أجيال الغد بشكل مباشر، كما أنها تزرع ألغام تشكيل قدوات سيئة لتبليد الذوق العام وتسطيح المعارف، وهدم القيم وتسفيه الالتزام بالعمل والاجتهاد، مع تقديم هدايا مادية مسمومة لكل من يشارك في التفاهة ودعمها وممارستها والتسويق لها.
لقد شاهد الجميع كيف تحول نجوم التفاهة رويدا من تناول مواضيع تافهة والتنكيت والسب والقذف لتحقيق متابعات بالملايين، إلى إثارة نعرات قبلية تجاوزها الزمن وكانت سلاح الاستعمار الذي استعمله للتفريق بين المقاومين المغاربة دون أن ينجح في ذلك، وهو الشيء الذي يجب الحذر من تبعاته الكارثية على مستوى التماسك المجتمعي وعدم الاستهانة به في ظل انتشار الأمية والتعامل معه بحزم بواسطة القانون، شأنه شأن كافة قضايا التشهير والابتزاز المالي والجنسي، مع وقف التسامح الغريب مع مدونين تجاوزوا كل الحدود في الشكايات والدعاوى القضائية المرفوعة ضدهم من ضحايا مسؤولين ومستثمرين وغيرهم.
إن العمى الذي أصيب به نجوم التفاهة في سباقهم المحموم نحو جمع ملايين المتابعات لتحقيق مداخيل مالية مغرية، يضطرهم إلى تسويق العري والمنشورات الجنسية والعنف وتدمير القيم داخل المجتمع، وممارسة الابتزاز المالي والجنسي، والاستغلال البشع لفوضى النشر على المنصات الاجتماعية، ما أصبح يهدد أمن الأشخاص والأمن العام والسلم الاجتماعي بشكل حقيقي، ويتطلب تحرك الجهات المعنية بالتشريع والصرامة في تطبيق القوانين الحاضرة لأن الأمر يتعلق بتدمير أجيال الغد التي تمثل مستقبل الوطن.
لقد منحت المنصات الاجتماعية صورة خاطئة تماما عن الأسرة المغربية في الواقع، ولطخت سمعة المرأة المغربية ومرغتها في التراب بتقديم مواد هابطة وتسويق عموميتها، في حين حققت المرأة المغربية نجاحات باهرة في جميع الميادين داخل المغرب وبدول العالم، وهي أساس بناء الأسرة المتماسكة التي تشكل نواة المجتمع والتربية على القيم النبيلة وتحقيق النجاح بواسطة العمل والاجتهاد في العلم والعمل وصناعة القدوة الحسنة في ذلك.
إن الاستباقية تعني دائما التخفيف من الأضرار ومحاصرة المشكل في بدايته، لذلك لا يمكننا الوقوف كمتفرجين فقط أمام مصيبة تنامي العنف الإلكتروني الذي أدى إلى انتحار ضحايا وجرائم القتل والأمراض النفسية، ومحاولة جهات خلط التشهير بحرية التعبير كمن يحاول خلط الماء بالزيت لتعبيد طريق الابتزاز بأنواعه في بيئة هشة تعاني أعطاب التربية والتعليم وتخريب المجتمع وتمييع دور المؤسسات ونسف أسس الأسرة كنواة للمجتمع.