شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسيةوطنية

القتل الرحيم للمقاولات

أفاد مكتب الدراسات «أنفو ريسك» بأن أزيد من 2833 مقاولة تعرضت للإفلاس، ما بين شهري أبريل ويونيو الماضيين، ليرتفع العدد الإجمالي لحالات الإفلاس منذ بداية السنة الجارية إلى 6665 مقاولة، والخطير في الأمر وفق الأرقام الصادمة أن 99,99  في المائة من حالات الإفلاس تهم المقاولات الصغيرة جدا، والصغيرة والمتوسطة.

مقالات ذات صلة

في الحقيقة هذا رقم مخيف للغاية وجرس إنذار حقيقي موجه للاقتصاد المغربي، في الوقت الذي تضخم فيه الخطاب الرسمي حول تشجيع وإنعاش المقاولات الصغرى والمتوسطة التي تمثل أكثر من 90 في المائة من النسيج الاقتصادي الوطني، لتكون قادرة على تدبير آثار العولمة والمساهمة في خلق فرص العمل.

لكن الواقع يقول العكس تماما فالسماح الرسمي بوفاة حوالي 7 آلاف مقاولة منذ بداية السنة، يعني الموافقة على قتل مصادر عيش الآلاف من الأسر، ويعني كذلك استنزاف الملايير من الدراهم كان يمكن أن تشكل موارد إضافية لخزينة الدولة من الضرائب والالتزامات الاجتماعية.

 

ولا شك أن هناك أسبابا كثيرة تفسر هذا النزيف الاقتصادي لكن سنركز هنا على سببين رئيسيين كلاهما تتحمل فيه السلطات الحكومية مسؤولية كبيرة. السبب الأول يتعلق بطول «آجال الأداء»، أي مدة حصول الشركة على مستحقاتها المالية بعد تسليم خدماتها أو منتجاتها، ويُعد من الأسباب الهيكلية للإفلاس في المغرب، حيث تتجاوز هذه المدة بالنسبة للشركات الصغيرة 200 يوم، وهو ما يؤثر على ماليتها والتدفق النقدي لديها ويعرقل تطورها. ورغم كل الجهود التي تبذلها الحكومة من أجل التصدي لظاهرة تأخر آجال الأداء وانعكاساتها السلبية على الاقتصاد الوطني، مازالت لم تعط أكلها بعد، كما أن القوانين التي وضعها المشرع لمعالجة هذا الإشكال، خاصة القانون رقم 32-10 والقانون رقم 49-15، ليس لها أثر فعال للتصدي لظاهرة التأخر في آجال الأداء.

السبب الثاني وهو المتعلق بالإفلاس المصطنع، والذي لا يجب السكوت عنه من طرف القانون والسلطة الحكومية التي لها الوصاية على الضرائب، لأن المتضرر الأول والأخير من الإفلاس المصطنع هو العامل التي تضيع بعض حقوقه وكذلك خزينة الدولة واقتصاد البلاد. لهذا فإن الدولة مطالبة، بل ملزمة بأن تتحمل مسؤوليتها الرقابية والردعية في هذا الباب، وأن تتصدى بكل حزم لهذا التحايل الخبيث والضرب بيد من حديد على كل من سولت له نفسه التلاعب بمعطيات مقاولته من أجل الإعلان عن الإفلاس بغية التهرب من أداء الواجب الضريبي.

إن السماح بموت المقاولات الصغرى والمتوسطة سواء بسبب ظروف قاهرة أو بفعل فاعل، هو جريمة اقتصادية لا يمكن السكوت عنها، خصوصا أن الملك محمد السادس توعد بمحاربة معرقلي الاستثمار، والأكيد أن أكبر تجسيد لعرقلة الاستثمار هو «التفرج» الحكومي على القتل الرحيم للمقاولات دون رد فعل يذكر.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى