القانون ولا شيء غير القانون
لا أحد فوق القانون أو تحته ولا مجال للإفلات من العقاب، إن ما استدعى التذكير بهاته القاعدة هو التدخل المفصلي الذي قام به عبد اللطيف الحموشي، المدير العام للأمن الوطني، متجاوبا مع صرخة أم مكلومة بوفاة ابنها الشاب «يوسف» تريد فقط الإنصاف، فما كان من الحموشي الا التدخل في حينه وبما يمنحه القانون لضمان البحث الجدي والصارم في ظروف وملابسات حادثة سير وقعت بمنطقة بالدار البيضاء، وتسببت في وفاة شاب في حادث دراجة نارية، وذلك لكي يتسنى ترتيب الإجراءات القانونية والإدارية اللازمة تجاه كل من ثبت تورطه في المس بحياة شاب في مقتبل العمر.
لن نركب أمواج التأثير على سير البحث القضائي الجاري، ولن ننحاز لمنطق المظلومية الذي يجعل بشكل مسبق المواطن مظلوما ورجل الأمن ظالما، سننتظر بتأن ما ستسفر عنه التحقيقات القضائية لكي يتبين خيط الظالم من المظلوم. لكن ما يهمنا في هاته النازلة التي نتمنى أن تكون درسا مفيدا للجميع، هو سرعة استجابة مدير المؤسسة الأمنية لمجريات الأحداث التي أصبحت تكبر مثل كرة الثلج.
فالحموشي يدرك أنه لا يمثل نفسه، ولا تقتصر مسؤوليته الجسيمة في تدبير جهاز إنفاذ القانون فقط، هو قبل كل شيء وجه المملكة الأمني، وواحد من رجالات الدولة الذي ما فتئ في مناسبات شتى يعطي في سلوكاته المثل في احترام القانون وإلزام المؤسسة الأمنية بتطبيقه والالتزام به دون تحيز. الحموشي بذل الكثير من الجهد المضني والكلفة المالية الباهظة لصناعة صورة مواطنة للمؤسسة الأمنية التي أصبحت تتربع على صدارة المؤسسات التي تحظى بثقة المواطنين، وهو غير مستعد للعبث بهذا الرصيد الرمزي لإشباع نزوات فردية لبعض رجال الشرطة، لذلك فهو يتدخل في أي لحظة بما تقتضيه واجباته لتصويب أي شكل من أشكال الانحراف الفردي لأحد رجالات الشرطة، لكي لا يترك الفرصة سانحة لمن يصطاد في الماء العكر.
ولا نظن أن الحموشي سيتساهل مع جريمة إهدار حياة مغربي ودوس كرامته من طرف أحد رجال الأمن إذا ثبت ذلك، لذلك تدخل لضمان احترام القانون بحذافيره وعدم الزيغ به لإخفاء الحقيقة وإنصاف الضحية وعائلاته وإعادة الاعتبار لروحه، وقبل ذلك وضع حد لأي توظيف للمؤسسة الأمنية سواء في خرق القانون أو رميها بالاتهامات الباطلة دون إثبات أو موجب حق. وبدون شك سيتخذ القانون مجراه في قضية وفاة الشاب يوسف، ولن تكون روحه تحت القانون، ولن يكون الجناة إذا ثبت تورطهم في مأمن فوق القانون.