القادم أصعب
البنك الدولي يخفض توقعات نمو الاقتصاد المغربي في 2023 إلى أقل من تقديرات الحكومة، والمندوبية السامية في التخطيط تتوقع استمرار التباطؤ الاقتصادي خلال سنة 2023 وترهن الانتعاش بتعافي الفلاحة، وبنك المغرب يتوقع ارتفاع نسبة التضخم خلال سنة 2023، كلها أجراس إنذار تٌدق للتحذير من سنة صعبة تحتاج إلى تدبير استثنائي.
إن الاقتصاد المغربي حتى قبل دخول هذه السنة، ليس في حالة جيدة رغم كل الماكياج الذي يعمل فوق وجهه، ولديه مجموعة من التحديات الرئيسية التي يحتاج إلى مواجهتها، فارتفاع معدلات البطالة وعدم تلبية مطالب العدالة الاجتماعية بالوتيرة المطلوبة، والصعود المدوي لمعدلات التضخم والنزوح نحو مزيد من الاستدانة كلها عوامل تهدد المكاسب السياسية التي حققتها الحكومة، خلال السنة الأولى من ولايتها، لمحاصرة الصدمات المتتالية، وهي مكاسب كانت إيجابية في العموم، إذ تمكنت الحكومة بواسطتها من تخفيف بعض الأزمات المتعلقة بارتفاع أسعار المحروقات من خلال الدعم المقدم للنقل المهني، بالإضافة إلى دعم الكهرباء والماء والدقيق والزيت وغيرها من المواد الأساسية التي احتاجت تدبيرا استثنائيا.
والسؤال المطروح اليوم هو كيف يمكن التخفيف من صعوبة السنة المقبلة؟
لا شك أن الجواب عن هذا السؤال هو ما يجب أن يشغل وقت وتفكير أعضاء الحكومة في كل ساعة وحين، ما دام لا يزال المجال متاحا لاتخاذ إجراءات جراحية لتخفيض العجز في الميزانية وتقليص نسبة التضخم الذي يؤثر بشكل مباشر على عيش الأسر المغربية، وحماية الأسعار من التقلبات المفاجئة ودعم القدرة الشرائية للطبقة المحدودة الدخل عبر الزيادة في الأجور.
والخطر الداهم الذي نعترف به ولا نستطيع أن نفعل إزاءه الكثير هو المتغيرات الدولية، التي تؤثر سلبا على منظومتنا الاقتصادية والمالية، لأن المغرب بالتأكيد ليس منفصلا عن العالم، بل إنه حتى الآن يعد من الدول الأكثر تأثرا بما يحدث، فأسعار السلع الأساسية ترتفع بشكل مخيف، وتجار الكوارث يستغلون الظروف لممارسة الاحتكار ومضاعفة معاناة الناس، غير ملتزمين بقوانين أو أخلاق السوق. وهذا يحتاج من الحكومة إشهار كل أسلحتها الحمائية لتقليص حجم الصدمات الخارجية التي لا أحد يعلم متى تنتهي أو كيف ستنتهي.
لذلك ليس من باب بث الخوف أو التشويش نقول إن القادم ربما يكون أصعب، الحكومة مجبرة على القيام بالتزاماتها في ظل هذه الظروف الصعبة، لكننا أيضا مطالبون بالترشيد والتضامن والتكافل وتفهم ما يمكن تفهمه.