محمد اليوبي
في ظل الجدل المثار حول الحريات الفردية، حددت لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، يوم الجمعة المقبل، كآخر أجل لتقديم التعديلات المقترحة من طرف الفرق البرلمانية على مشروع القانون الجنائي، وضمنها مقتضيات تنص على تقنين الإجهاض.
وقال محمد بنعبد القادر، وزير العدل، في تصريح لـ»الأخبار»، إنه سيقبل كل التعديلات التي ستتقدم بها فرق الأغلبية والمعارضة، التي تهدف إلى تعزيز الحقوق والحريات، مع مراعاة ضوابط ومرجعيات الدولة وتوجهاتها العامة. وأضاف الوزير ذاته: «سأكون حريصا كل الحرص على التفاعل الإيجابي مع كل الاقتراحات التي تهدف إلى تجويد النص»، مؤكدا أنه سيتفاعل كذلك مع التوصيات والمقترحات الواردة في مذكرة المجلس الوطني لحقوق الإنسان، باعتباره مؤسسة دستورية وطنية. ونفى وزير العدل وجود أي أزمة داخل الحكومة حول القانون الجنائي، مؤكدا أن «رئيس الحكومة لم يمارس أي تكبيل أو ضغط بخصوص التعامل مع مقترحات تعديل القانون، لأن الموضوع لم يسبق إثارته لا سواء داخل المجلس الحكومي، ولا بين الوزير ورئيس الحكومة، ولم نتدارس سقف التعديلات، ولم أقترح إضافة تعديلات أخرى، لأن المشروع صادق عليه المجلس الحكومي وأحيل على البرلمان قبل أربع سنوات»، وأوضح قائلا «الحكومة هي ائتلاف لا يشتغل بالضغط ولا بالتكبيل، يشتغل بالحوار، والنقاش حول الموضوع مفتوح داخل المجتمع، وسيبقى مفتوحا».
ويتضمن مشروع القانون مجموعة من المستجدات التي تنص على تقنين الإجهاض، حيث لا يعاقب على الإجهاض إذا كان الحمل ناتجا عن اغتصاب أو زنا المحارم، شريطة أن يقوم به طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لذلك، وأن يتم قبل اليوم التسعين من الحمل، وأن يتم الإدلاء بشهادة رسمية تفيد فتح مسطرة قضائية يسلمها الوكيل العام للملك المختص بعد تأكده من جدية الشكاية، وأن يشعر الطبيب مندوب وزارة الصحة بالإقليم أو العمالة قبل إجراء عملية الإجهاض، وأن يتم إرشاد الحامل من قبل الطبيب شخصيا أو بواسطة مساعدة اجتماعية إلى الإمكانيات القانونية المتاحة لها بخصوص كفالة الطفل وإلى الأخطار الصحية التي يمكن أن تتعرض لها جراء الإجهاض.
ولا يعاقب القانون الجديد على الإجهاض إذا كانت الحامل مختلة عقليا، شريطة أن يقوم به طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لذلك، وأن يتم قبل اليوم التسعين من الحمل، وأن يتم بموافقة الزوج أو أحد الأبوين إذا لم تكن متزوجة، أو النائب الشرعي إذا كانت قاصر أو الشخص أو المؤسسة المعهود لها برعايتها، وأن يتم الإدلاء بما يفيد إصابة الحامل بالخلل العقلي. كما ينص القانون على عدم المعاقبة على الإجهاض، إذا قام به طبيب في مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لذلك، في حال ثبوت إصابة الجنين بأمراض جينية حادة أو تشوهات خلقية خطيرة غير قابلة للعلاج وقت التشخيص، بواسطة شهادة تسلمها لجنة طبية يعينها وزير الصحة بكل جهة من الجهات، على أن يتم الإجهاض قبل مرور 120 يوما من الحمل. ويلزم القانون كل مستشفى عمومي أو مصحة معتمدة لإجراء الإجهاض أو يحتمل أن تجرى بها عمليات الإجهاض، أن تمسك سجلا خاصا يحدد نموذجه بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالصحة، ويتم توقيعه وترقيم أوراقه قبل البدء في استعماله من قبل وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية، التي يقع بدائرة نفوذها مقر المستشفى أو المصحة.
وأحال المجلس الوطني لحقوق الإنسان مذكرة جديدة حول مشروع القانون رقم 10.16 المتعلق بتعديل القانون الجنائي على رئيسي مجلسي البرلمان وإلى الفرق البرلمانية، وأوضح المجلس أن مذكرته تأتي بعد أن «تابع النقاش الذي انخرط فيه المغاربة، نساء ورجالا، انتصارا للحريات الفردية وحماية للحياة الخاصة، وعاين المأساة الإنسانية وحالات اليأس التي يرزح تحتها المحكومون بالإعدام، وسجل وقائع العنف المتزايدة، سواء البدني أو اللفظي، في الفضاءات العامة والخاصة، ليترافع من أجل قانون جنائي يحمي الحريات ويستوفي مبادئ الشرعية والضرورة والتناسبية»، مشيرا إلى أن «توصيات المجلس الوطني تغطي عدة مجالات من القانون الجنائي، بما في ذلك ما يتصل بعدم تقادم التعذيب، وزجر ضروب المعاملة القاسية واللاإنسانية والحاطة بالكرامة، ومكافحة الاختفاء القسري، وتجريم التحريض على العنف والكراهية والتمييز». وهمت توصيات المجلس الفصول المتعلقة بالإجهاض الفصل 449 إلى 452 من القانون الجنائي، وتتضمن السماح للسيدة الحامل بوضع حد لحملها في الحالة التي يكون فيها تهديد لحياتها الجسدية أو النفسية أو الاجتماعية، وبررت المذكرة التوصية بالمواكبة التشريعية الحمائية لواقع الإجهاض السري بالمغرب والتصدي للظاهرة بطريقة عقلانية، والعمل على تجنيب النساء وعدد مرتفع بينهن من المراهقات والشابات المغربيات مخاطر الإجهاض السري، بالإضافة إلى مكافحة الإجهاض السري ولوبيات المتاجرين بأجساد النساء المغربيات في الظروف القاسية والمؤلمة التي تصاحب الإجهاض السري للنساء الحوامل.