أفادت مصادر مطلعة لـ«الأخبار» بأن عناصر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء تمكنت، خلال الأسبوع الماضي، من إنهاء مسلسل عمليات النصب التي كان ينفذها المسمى «الغياط»، منذ بداية سنة 2022، والذي كان يلقب نفسه بـ«مولاي الشريف العلوي»، وكان ينتقي ضحاياه بعناية فائقة، مدعيا قربه من أحد جنرالات الجيش وربطه لعلاقات مع مسؤولين كبار بالقصر، مستعملا في ذلك لقبا مزورا. وأكدت مصادر «الأخبار» أن ضحايا النصاب يعدون بالعشرات، وهو ما يؤكده عدد الشكايات التي ظلت تتقاطر على المصالح الأمنية، والتي كانت تسجل في أغلب الحالات ضد «مجهول».
وبحسب المعطيات (التي توفرت لـ«الأخبار»، فإن النصاب في الستينيات من العمر، متقاعد ومتزوج وله أبناء، كان يتوصل بمبالغ مالية عبر أقساط، ويعتبر عنصرا من ضمن شبكة إجرامية يتكلف كل فرد منها بدور محوري في عملية النصب، حيث كان يتم التركيز على فئة العاطلين وذوي الاحتياجات الخاصة، وكذا المحسنين الذين كان يختارهم زعيم الشبكة، ويوهمهم بكونه سيتوسط لهم عند مسؤولين كبار بالقصر من أجل تمكينهم من مأذوينات للنقل، وكان يطالبهم بدفعات مالية عبارة عن أقساط لا تقل عن خمسة آلاف درهم، عن كل إجراء، من ضمن مجموعة من الإجراءات، التي كان يدعي «النصاب» كونه يتكلف رفقة آخرين بالسهر على إعداد الملفات المتعلقة بها، وهي الوقائع التي تضمنتها شكايات العديد من المشتكين من ضحايا «الغياط»، في وقت أكدت المصادرأن العشرات لم يبلغ إلى علمهم بعد أن المعني بالأمر وقع في شباك الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالبيضاء، التي باغتته بمقر سكناه بحي أولاد الغازي، أحد أحياء منطقة الضفة الغربية التي تشكو من الهشاشة والإقصاء الاجتماعي.
وأضافت مصادر «الأخبار» أن زعيم شبكة النصب باسم القصر، المتحدر من مدينة سيدي سليمان، والذي كان يعمل قبل تقاعده بإحدى الضيعات الفلاحية، يعتبر من ذوي السوابق القضائية، ولديه ملف جنحي يتابع بموجبه بتهمة تزوير وثائق رسمية، وأن التحريات التي أجرتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بسيدي سليمان مكنت من الوصول إلى مكان اختبائه، بحكم أن ضحاياه ينتمون لمدن مختلفة، ونسبة منهم تقطن بمنطقة الغرب، وكان يركز، بشكل كبير، على المآتم والمقاهي لاقتناص الضحايا، بمساعدة بعض شركائه في النشاط الإجرامي، حيث جرى التحقيق معه بمقر الفرقة الوطنية للشرطة القضائية قبل تسليمه إلى المحاكمة بالمحكمة الابتدائية بسيدي سليمان، إذ جرى عرضه أمام أنظار النيابة العامة المختصة، قبل إحالته على المحاكمة، بداية الأسبوع الجاري، مع الأمر بإيداعه السجن الفلاحي أوطيطة بإقليم سيدي قاسم، في انتظار ترتيب الجزاءات، في وقت يعكف المحققون على الإطاحة بباقي شركاء «الغياط» من أجل تقديمهم للمحاكمة.
وعلاقة بملفات النصب، التي باتت تشهدها مدينة سيدي سليمان تباعا، علمت «الأخبار» أن المحكمة الابتدائية بسيدي سليمان أصدرت، نهاية السنة الماضية، حكما ثانيا يحمل رقم 21558، في حق المسمى «حميدوش»، الذي يقبع بالسجن، والذي كان يتزعم شبكة النصب على مئات المغاربة من مختلف مدن المملكة، من خلال الادعاء بتوفير عقود عمل، ظهر لاحقا أنها وهمية، للعمل في القطاع الفلاحي بدول أوربا وكندا، مقابل مبالغ مالية تحصل عليها المتهم وشركاؤه، فاقت المليار سنتيم، كأقل تقدير. وأدانت المحكمة الابتدائية المتهم، بتاريخ 19 دجنبر الماضي، للمرة الثانية، بعقوبة السجن النافذ لخمس سنوات، وغرامة مالية نافذة قدرها 5000 درهم، مع تحميله الصائر وبتجريده من حقوقه الوطنية ومنعه من الإقامة بإقليم سيدي سليمان لمدة 10 سنوات ابتداء من صيرورة الحكم البات الصادر في حقه، في وقت ما زال الرأي العام الوطني يتساءل عن مصير المئات من جوازات السفر، التي سلمها الضحايا لزعيم الشبكة ومعاونيه بغرض الحصول على عقود عمل بديار المهجر.