شوف تشوف

شوف تشوف

الفتنة النائمة (2/1)

إذا كان رئيس الحكومة يعرف بأية كرة نار ملتهبة يلعب عندما سخر من «سواسة»، فتلك مصيبة، وإذا كان لا يعرف فالمصيبة أكبر.
وعوض أن يقدم اعتذاره عن هذه الإساءة ويطوي هذا الموضوع، ترك الباب مواربا لكي يدخل منه كل فتان يبحث عن أية نعرة لكي يذكي جمرتها. ولعل ما وقع في أكادير عندما تم إحراق صورة رئيس الحكومة ورفسها بالأرجل دليل على أن متطرفي الحركة الأمازيغية، الذين يدعون تمثيل الأمازيغ «بلا خبارهم»، يحاولون استغلال غلطة الشاطر بنكيران لكي يوسعوا من الهوة بين العرب والأمازيغ.
إننا ننتقد رئيس الحكومة ونقوم بواجبنا الإعلامي في ممارسة الرقابة عليه وعلى كل من يتصرف في أموال دافعي الضرائب، لكننا لا نقبل أن نرى من يحرق صورة رئيس الحكومة أو أي وزير من وزرائه، ليس لأشخاصهم ولكن لأنهم يمثلون الدولة المغربية وهيبتهم هي جزء من هيبة الدولة ويجب أن تحترم لا أن تداس بالأقدام.
إن ما قام به أشخاص محسوبون على سواسة بإحراقهم لصورة رئيس الحكومة يسيء إليهم أكثر مما يسيء إلى غيرهم، فسواسة كما نعرفهم لا يتصرفون بهذه الطريقة غير اللائقة.
لذلك فقد كان على رئيس الحكومة أن يعتذر شخصيا عن سخريته غير الموفقة من سواسة، لا أن يفوض أمر ذلك لنجله مهدي الذي عوض أن يصلح غلطة والده «طبز ليها العين» بدوره عندما كتب تدوينة على الفيسبوك جاء فيها «أستسمح بعد القصد غير المفهوم من طرف رئيس الحكومة لكل أمازيغي وسوسي»، مضيفا أن الأمازيغيين هم «الأصالة والتاريخ والعرب ضيوفكم وإخوانكم».
هل يعي نجل رئيس الحكومة خطورة ما كتب؟
ما معنى أن العرب ضيوف عند الأمازيغ في المغرب؟
ألا يعرف نجل رئيس الحكومة أن الضيف يأتي عليه وقت يكون فيه مضطرا لجمع حقائبه لكي يغادر؟
فالضيف يبقى ضيفا و«مول الدار» يبقى «مول الدار»، وهذه بالضبط هي أطروحة مليكة «زانزان» وبقية متطرفي الحركة الأمازيغية التي تطالب بطرد العرب من المغرب نحو شبه الجزيرة التي أتوا منها وإنشاء دولة أمازيغية خالصة، تماما مثلما يطالب أحبار إسرائيل بإنشاء دولة يهودية خالصة فوق أرض فلسطين.
وها هو بنكيران ونجله يقدمان الوقود الضروري للنار التي فشلت فرنسا في إشعالها بالظهير البربري.
ولقد بدا واضحا أن هناك اليوم من يريد استغلال سخرية بنكيران من الشلوح لإثارة النعرة القبلية بين العرب والأمازيغ، وهي الفتنة النائمة منذ سنوات والتي تحاول جهات عدة داخلية وخارجية إيقاظها لتقسيم المغرب.
فالمغرب ليس فيه صراع بين الشيعة والسنة وليس فيه طائفية دينية يمكن تغذيتها في أفق خلق حرب طائفية مثلما حدث في العراق والشرق الأوسط، ولكن فيه واقع عرقي أمازيغي وعربي يحاول البعض، عوض البحث عما يجمع العرقين، البحث عما يفرق بينهما.
ولقد سمعنا المحجوبي أحرضان، الذي ما زال يعتقد أن الأمازيغية أصل تجاري مسجل باسمه، يقول في قناة «روسيا اليوم» إن المغرب بلد أمازيغي، ورأينا حزب الاستقلال الذي كان أكبر مدافع عن العربية قبل أن يصبح مدافعا عن زراعة الكيف، يركب على الموجة ويتمنى سنة سعيدة للشعب المغربي بمناسبة السنة الأمازيغية، مجددا مطلبه باعتماد هذه المناسبة عيدا وطنيا.
علينا أن نكون واضحين ومسؤولين، وأن نعترف بأن ما يتهدد الأمن القومي المغربي هما قضيتان خطيرتان: الاستغلال العدواني للقضية الأمازيغية ضد العرب، والتشيع.
ونحن مغاربة يجب أن نتوقف عن إشهار عرقنا بمناسبة وبدونها، من أجل تبني خطاب المظلومية حينا أو التفوق حينا آخر، فنحن كمغاربة تجمعنا تامغربيت، ومعنى تامغرابيت هي ألا تقل أنا أمازيغي أو أنا عربي، بل أن تقول أنا مسلم مغربي وكفى.
فالشخصية المغربية ليست شخصية خالصة لا شائبة فيها، بل هي شخصية انصهر فيها خليط من الأمازيغي والعربي والروماني والفينيقي والوندالي والبيزنطي واليهودي وكل الشعوب والأعراق التي عبرت بأرض المغرب عبر التاريخ.
هذا بالنسبة لخطر النعرة القبلية، أما خطر التشيع فتلك حكاية أخرى، وخطرها أعتى وأكثر تدميرا.
والخطر الأكبر هو عندما يغامر بعض «الزعماء» الحزبيين باللعب على حبل التشيع، بوعي أو بدونه، من أجل إخافة الخصوم.
وفي هذا السياق يمكن أن نتساءل حول حقيقة علاقة حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، بالشيعة؟ سؤال قد يستغربه الكثير منا، فشباط يمكن أن نتصوره كما ترسمه الصحافة «سكليسا» جاهلا، أو بلطجيا مسخرا، أو عميلا مزدوجا، ولكن لا يمكن أن نتصور الرجل شيعيا، أو مقربا من الشيعة.
غير أن ما يجهله كثير من الناس هو أن شباط اعتمد خلال مساره السياسي الطويل على نصائح وتأطير الصحافي عبد النبي الشراط الحسيني، صاحب شركة «دار الوطن للصحافة والتواصل» الموجودة بالرباط، وهو الذي كان يسير له جريدة «غربال القرويين» التي أغلقت أبوابها بعيد طلاق الشقاق بين شباط والشراط، الذي وصل إلى ردهات المحاكم، والذي تجرأت فيه المحاكم الفاسية لأول مرة على أن تحكم ضد شباط بأداء مستحقات غريمه، الذي يستعد هذه الأيام لنشر كتاب بعنوان: «شباط.. حين كان نسيا منسيا».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى