الفايد الذي لم يفد أحدا
زينب بنموسى
إذا كنت من معارضي الدكتور الفايد فتأكد أنك إما يساري ملحد، علماني متطرف، ليبيرالي كافر، مثلي جنسيا، أو إنسان غيور لم يسعفك عقلك المتواضع كي تصل إلى ذكائه الخارق فقررت أن تنتقم من فشلك بمهاجمة هذا العالم المتفرد الذي لم يسبق أن خلق الله على الأرض مثله.
طبعا، لا يوجد أي شخص على وجه البسيطة أكثر موسوعية وشمولية من الدكتور الفايد، فأي عالم في التاريخ استطاع أن يجمع بين الطب وعلم النفس والسوسيولوجيا، والرياضيات والتيكنولوجيا واللغة، والأدب والفن، وعلم الاجتماع ويحاضر في كل هذه العلوم في فيديو واحد منتقلا بكل سلاسة ودون أي حرج من موضوع الأمراض التي تصيب جسم الإنسان بسبب تخليه عن الوصفات التقليدية واعتماد الطب الغربي، إلى ظاهرة سرقة الأحذية من المساجد التي خلقها العلمانيون كي يشوهوا صورة الإسلام، مارا بكل خفة على موضوع فيروس كورونا الذي سلطه الله على الصينيين الكافرين وعلاجه عن طريق البروبوليس واستنشاق بخار القرنفل، ومتحدثا في الوقت نفسه عن كيف تتجسس علينا كوريا من كاميرا الهاتف الثلاثية، ويؤثر السكانير على هرمونات الرجولة، دون أن ينسى «قلي السم» لأعدائه الذين لا يؤمنون بأن صيام رمضان سيقضي على كورونا، وكل هذا رغم أنه لا يتوفر على مختبر!
أجل، تخيل لو أن الدولة الجاحدة وفرت لهذا الدكتور العظيم الذي وصل لكل هذه الحقائق واستنتج كل هذه المعلومات معتمدا على الله والذكاء فقط، مختبرا مجهزا يستطيع أن يجري فيه اختباراته من أجل الاستئناس فقط. فنظرياته مثبتة بالفعل لا تحتاج أي دليل ولا يجادلها إلا أحمق أو كافر، لكن لا بأس لو توفر له مختبر يقضي فيه أوقات فراغه، ويصنع فيه ما تيسر من اللقاحات -التي لم يطلبها منه أحد للأسف رغم قدرته على تطويرها وحده قبل مختبرات سينوفارم واسترازينكا، وربما يستطيع دمج العلم الغزير الذي وهبه الله إياه مع مهاراته في صنع السمن، ويخترع نوعا جديدا من السمن مليئا بالمضادات الحيوية، وتكفي ملعقة منه كل جمعة في «كصعة كسكس» من أجل تقوية المناعة ضد جميع الأمراض ومحاربة جميع الفيروسات.
لكن للأسف، دائما ما يبتلي الله العلماء امتحانا منه لصبرهم وقدرتهم على التحمل، وفي حالة الدكتور الفايد فقد ابتلاه بنا نحن، قوم الفيسبوك العلمانيون الذين يشجعون التفاهة ويحاربون العلم، ويسخرون من الدكتور الفايد الذي لم يفد أحدا، لكننا سنندم طبعا إما في رمضان القادم، إما بعد خمس عشرة سنة حين يتخلى عنا ويوافق على التعاون مع إحدى البلدان الأوروبية التي تحاول التنسيق معه منذ زمن، لكنه يرفض نصرة للإسلام وانتقاما من شركات الأدوية.
فأعطوا الفايد مختبرا، قبل أن يفوت الأوان ونندم!