كان أستاذ مادة التاريخ، في الفصول الإعدادية، مفتونا بمعركة وادي المخازن، ليس لأنه ينتمي لمدينة القصر الكبير، بل لأنه باحث في تفاصيل هذه المعركة، كما سنكتشف بعد سنوات حين أصبح عضوا في جمعية تهتم بتاريخ مدينته.
في الفصل الدراسي، كان “البرطقيز”، كما يحلو له تسميتهم، وجبتنا الدراسية الأساسية، وكانت معركة وادي المخازن أم المعارك، بل إن أستاذنا القصري وعدنا بزيارة استطلاعية لساحة معركة الملوك الثلاثة للوقوف على تفاصيل الاقتتال، والوقوف أمام قبر الملك البرتغالي “سيباستيان”، لكن لم يكتب لي السفر لدواع مالية.
مرت الأيام وأصبح الغزو البرتغالي حلما في لعبة كرة القدم، حين تحولت البرتغال من بلد تسكنه نوايا استعمارية، إلى مدرسة لتفريخ المدربين وتصديرهم.
ولأن مدينة الجديدة كانت تحت قبضة البرتغاليين، ويوجد فيها حي برتغالي تحول إلى مزار سياحي، فقد كانت تستقبل بين الفينة والأخرى مدربين برتغاليين تستهويهم زيارة الحي الحامل لاسم بلدهم ويتبركون بماء المسقاة البرتغالية ويصلون في كنائس “سيتي بورتيغيز”.
ارتبط الفريق الدكالي بثلاثة مدربين برتغاليين، منذ سنة 1974، وهم كارلوس أنطونيو كوميز، لاعب لشبونة وحارس المنتخب البرتغالي سابقا، والثاني هو ناسيمينتو والثالث هو خورخي داسيلفا.
يقول عبد الله غيتومي، الباحث في تاريخ المدينة: “في التجارب الثلاث لم تنته العلاقة بحفل وداع وبباقات ورود، وبكلمات شكر متبادل. كان كارلوس عصي الطبع عنيدا لا ينصت للرأي الآخر فتم التخلي عنه في الطريق الوطنية على مشارف أزمور. وفي التجربة الثانية مع ناسيمنتو ضاع لقب في البطولة لسنة 1978 على بعد دورتين. أما خورخي داسيلفا فقد هدد بنقل النزاع إلى “الفيفا”.
أما الرجاء الرياضي فقد كان متيما بالمدربين البرتغاليين، تيمنا بالتجربة الأولى مع فيرناندو كابريطا، الذي حقق مع الرجاء أول لقب للبطولة، فدخل تاريخ النادي من بابه الواسع.
قصة هذا المدرب البرتغالي المثقف، مع الرجاء، بدأت من أحد أروقة معرض الكتاب في لشبونة. شاءت الصدف أن يلتقي كابريطا برئيس الفريق المغربي، الناشر عبد القادر الرتناني، ويتبادلان أطراف الحديث حول الكتاب والكرة، وتم الوعد بالتعاقد بين المدرب البرتغالي والرجاء.
سيتذكر الرجاويون أفضال كابريطا، وسيتعاقدون في فترات متباعدة مع أسماء برتغالية كألفريد كازيميرو وجوزيه روماو، ولكل منهما نصيب من البطولات، قبل أن يسلم المكتب المسير الحالي للرجاء زمام الفريق لريكاردو سابينتو ومعه تفويض بالتصرف في كل ما يتعلق بالطاقم التقني.
طبعا ريكاردو ليس من طينة كابريطا، فهو عابر سبيل في الفرق التي أشرف على تدريبها، ولم يسبق له أن ركب الطائرة صوب إفريقيا ولو للسياحة.
أما الوداد فلم تسلم من الغزو البرتغالي من خلال داسيلفا القصير القامة الكبير الهامة، ونيلو فينغادا وروماو، حتى توشاك القادم من بلاد الغال كان عاشقا للبرتغال.
مع مرور الوقت، أصبح التعاقد مع مدرب برتغالي موضة، فوجود مدرب برتغالي باسم رباعي يكفي لتهدئة الأوضاع وتأجيل الاحتجاج. فقد كان ريكاردو فورموزينيو دي بيينا مجرد قرص مسكن للخريبكيين.
لكن للتاريخ فإن كارلوس كوميز، حارس النادي المكناسي في الستينات يبقى أول الفاتحين، حين درب “الكوديم” وسيدي قاسم والمغرب التطواني والدفاع الجديدي.
على مستوى المنتخب الوطني، كان عبور همبيرتو كويلهو عبورا سريعا، لكن المدرب البرتغالي الأكثر ارتباطا بالمنتخب المغربي حين كان مساعدا لفاريا، هو جورفان فييرا، هذا الكائن متعدد الجنسيات، فهو من أم برازيلية وأب برتغالي، ويحمل جنسية كل من البرازيل والبرتغال والمغرب، بالإضافة إلى جواز سفر عراقي.