حسن البصري
حين تدخل مقر نادي العين الإماراتي، تصادفك صورة لاعب مغربي اسمه أحمد نجاح، كثير من أبناء الجيل الحالي لا يعرفونه، بينما يعتبر في العين أسطورة من أساطير النادي الإماراتي، وأحد صناع مجده في زمن بالأبيض والأسود.
قصة هذا اللاعب تستحق أن تروى، لأنه كان أول الفاتحين للبطولة الإماراتية، وأول مغربي ينضم لفريق خليجي، حقق معه لقب البطولة لاعبا ومدربا وانتهى به المطاف سفيرا للعيناوي على سفوح الأطلس.
ولأن نجاح اختار الوفاء لبني ملال، مسقط رأسه وقلبه، وظل بعيدا عن الأضواء، بالرغم من تاريخه الكروي الحافل بالأمجاد مع الرجاء الملالي والمنتخب المغربي والنادي العيناوي، فقد جعل من عين أسردون باحة استراحة محارب.
قصة الفتح المبين بدأت سنة 1976 حين تعاقد نادي العين الإماراتي مع المدرب التونسي حميد الذيب، هذا الأخير سيشرع في مهامه من المغرب حيث أقام معسكرا تدريبيا، وحين باتت الحاجة ماسة لقلب دفاع، تذكر نجاح الملالي فاستقطبه ليشكل صمام أمان العين.
في منتصف السبعينات لم يكن للعقود الاحترافية ذكر في أدبيات الكرة، ولم يكن في عالمها وكلاء لاعبين ومراسيم تقديم وغرف منازعات ورعاة رسميون واحتياطيون. كان المبدأ العام للتعاقدات «إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان».
في أول موسم له مع نادي العين سيفوز المدافع الملالي بلقب البطولة، وسيرفعه الإماراتيون على الأكتاف، ويجوبون الملعب المترب قبل أن يكسوه العشب.
سيعتزل نجاح الكرة لاعبا، لكن الشيخ زايد بن سلطان سيصر على تمديد ارتباطه مع الفريق مدربا مساعدا لتونسي آخر اسمه عبد المجيد الشتالي الذي قاد منتخب تونس في مونديال 1978.
أدارت الكرة ظهرها للشتالي فعاكسته النتائج، فأعلن استقالته وانسحب في صمت، تاركا جمل العين بما حمل. في اليوم الموالي سيسلم رئيس الفريق العيناوي المفاتيح التقنية للمغربي نجاح، وقال له: «لا نجاح بدونك»، وفي الشطر الثاني من البطولة تحول العسر إلى يسر وأمام استغراب الجميع فاز العين بلقب البطولة، فقيل إنه ساحر من أرض تادلة أتى.
سيفوز نجاح بلقب البطولة الإماراتية لاعبا ومدربا وعاشقا، وسيفتح تألقه الباب أمام لاعبين مغاربة آخرين سيساهمون في صنع مجد هذا الفريق، الذي كان الشيخ زايد يعشقه ويرعاه. وبعد أن قضى الملالي ست عشرة سنة في خدمة العين قرر العودة إلى منابع عين أسردون حاملا خبرته إلى فريقه الأم، لكنه تحول إلى ممرض يعيش رتابة أيامه في ترميم أورام فريق ملالي يعاني من هشاشة العظام وظلم اللئام.
في ثمانينات القرن الماضي، سيحط الرحال في العين اللاعبان الدوليان: الشريف وسحيتة، لاستكمال سطور ما دونه نجاح، قبل أن يفتح الشيخ ثعلوب ومعه كريم بلق، جسرا نحو بوابة النادي العيناوي لاستقبال لاعبين ومدربين وإداريين ومشجعين على سبيل الإعارة مهمتهم زرع الدفء في المدرجات.
ظل نادي العين الإماراتي مدينا للمغرب ولـ«كوايرية» هذا البلد، فهو لا يكتفي بوضع صورهم في متحف النادي فقط، بل يصر على تكريمهم كلما حل الفريق بالمغرب، كما حصل في مباراة الصداقة المغربية الإماراتية حين تم تكريم كل من نجاح والداودي والشريف وسحيتة والخرازي والعلودي.
حين شارك العين في مونديال الأندية لم ينس أسطورته نجاح، فوجه له دعوة لحضور مباريات فريق سكن وجدانه، قبل أن يسطع نجم سفيان رحيمي في سماء العين ويصبح «حاجبها». لا يمكن جرد أسماء عشرات المدربين المغاربة الذين أشرفوا على تدريب العين، وجعلوا منه صرحا كرويا تنبعث منه رائحة المغرب، حتى ساد الاعتقاد بأن النادي جزء مستقطع من بطولتنا.