شوف تشوف

الرأي

العميل قدور

حسن البصري

قدور وكيل أعمال جزائري مقيم بمونبولييه الفرنسية، يشتغل في الوساطة الرياضية ومجال كرة القدم بالخصوص، اختار هذه المهنة منذ عقد من الزمن بعد أن شعر بأن قدميه لا يطاوعانه وأن حلم اللعب في فريق فرنسي محترف قد تحول إلى سراب.
كي يخرج قدور من عالم الكرة بلا غالب ولا مغلوب، ادعى الإصابة وكتب رسالة وداع من الملاعب رغم أن اللاعب وهراني الأصول قضى حياته أسير كرسي الاحتياط. ومنذ ذلك الحين قرر أن يمارس الوساطة الكروية، رغم أن «عشرانه» نصحوه بالوساطة الفنية وتنبؤوا له بمستقبل زاهر في عالم «الراي».
فتح قدور جسرا مع الاتحاد الجزائري لكرة القدم، وشرع في إقناع اللاعبين من أصول مغربية وجزائرية بالانضمام للمنتخب الجزائري، قبل أن يكتشف الجيران أن الوسيط أقنع لاعبا اسمه أمين بحمل قميص «أسود الأطلس» وأن مستقبله سيكون أفضل في المغرب.
كانت تسريبات من أحد أصدقاء اللاعب كافية لتضع الوكيل الجزائري في قفص الاتهام، وكانت التهمة جاهزة: «العمالة للنظام الكروي المغربي»، علما أن الوسيط سبق أن أقنع عددا من اللاعبين مزدوجي الأصول بالالتحاق بمنتخب الساجدين.
بين المغرب والجزائر حرب باردة في مجال كرة القدم، حيث يواصل الاتحاد الجزائري تعقب اللاعبين المنحدرين من أصول مغربية، في محاولة لسحب البساط من تحت قدمي المغرب وتحقيق مكاسب لا مادية، بل إن العملية استهدفت لاعبين سبق لهم أن حملوا قميص المنتخب المغربي ولم يجدد الطاقم التقني الدعوة لهم، وحين داهمهم الشك والقلق حول وسطاء جزائريون اتجاههم صوب الجارة الشرقية.
في غفلة من الجميع تتواصل حرب استقطاب المواهب بين الرباط والجزائر، وحين فضل سامي تلمساني، حارس تشيلسي الإنجليزي، الالتحاق بمنتخب المغرب، تحول الاختيار إلى قضية رأي عام، ما جعل صحيفة «لاغازيت دي فينيك» الجزائرية المتخصصة تفرد مقالا مطولا، تنتقد فيه «فشل اتحاد بلدها في مجاراة الوتيرة التي يعمل بها المغرب في استقطاب أبرز المواهب ذات الأصول المغربية – الجزائرية»، علما أن رياض محرز نجم الجزائر قد اعتبر نصرا جزائريا حين اختار بلد والده رغم أن أمه مغربية.
لا تتطلب عملية الاستقطاب خطابا استشرافيا فقط، بل تحتاج إلى عازف يجيد العزف على وتر الوطنية ويحرك المشاعر الإنسانية الراكدة، كما حصل مع اللاعب آدم ماسينا الذي رفض في بداية الأمر اللعب للمنتخب المغربي، وهو الذي غادر المغرب صوب إيطاليا «حاركا» في جوف قوارب الموت، غير أن الاتحاد المغربي دعاه إلى زيارة قبر جدته التي يحجز لها في قلبه مكانة خاصة، نظمت له رحلة جنائزية التقى فيها ماسينا مع بعض أقاربه، ليحيي فيه من جديد انتماءه للوطن، ويقبل في آخر المطاف بالدفاع عن ألوان «أسود الأطلس».
أمام الانتصارات التي يحققها المغرب في معارك الاستقطاب، قرر الاتحاد الجزائري تكوين «خلية كشف» عن المواهب، سيرا على نهج الاتحاد المغربي الذي كان سباقا لتعيين منقبين في دول أوربا مهمتهم التنقيب والإقناع ثم الاستقطاب، علما أن العديد من أفراد الجالية في ربوع العالم لها استعداد فطري لتستميل المواهب صوب وجهة المغرب لا يريدون من وراء ذلك جزاء ولا شكورا.
تجاوزت المعركة ملاعب كرة القدم إلى رياضات أخرى، حيث نقل المغاربة القتال إلى الجزائر وتمكنوا من إقناع بطل التنس لمين وهاب جزائري الأصول، باستبدال المنتخب الجزائري بجاره المغربي، حينها انتفض الإعلام الجزائري فوجه أصابع الاتهام لغزلان زوجته المغربية ووصفها بصانعة قرار المغادرة الطوعية للمنتخب الجزائري، خاصة أنها تتقاسمه الهواية، وتتأبط مثله المضرب وتتابع بنهم تصنيفات الأبطال الكبار والمغمورين على حد سواء.
المعارك متواصلة في أكثر من جبهة، رغم أن بعض الأصوات الجزائرية تعتبر استقطاب لاعب نصرا دبلوماسيا، والحال أن العديد من المغرر بهم اقتنعوا بأن الوطن غفور رحيم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى