مكناس: لحسن والنيعام
أشرف القسم الثقافي التابع للمجلس الجماعي لمكناس، بتنسيق مع العمدة عبد الله بوانو، ونائبته المكلفة بالشأن الثقافي، أسماء خوجة، على توزيع أظرفة تحتوي على مبالغ مالية تتراوح ما بين 500 و2000 درهم على عدد من المنتسبين إلى الصحافة بالجهة، وذلك «إكراما» لهم على «المجهودات الجبارة» التي بذلوها لتغطية فعاليات مهرجان مكناس المثير للجدل في دورته الثالثة.
وجرت عملية توزيع الأظرفة المالية نهاية الأسبوع الماضي، فيما فضل منتسبون آخرون «الرفع من التسعيرة»، وتأجيل عملية تسلم الظرف، إلى حين إعداد فاتورة تتضمن لائحة «المقالات» التي نشروها «مواكبة» منهم لأنشطة المهرجان.
وخلف القرار ضجة كبيرة في أوساط الصحافة بالجهة، حيث دعت فعاليات صحفية محلية المجلس الجماعي لمكناس إلى الكشف عن لائحة المستفيدين من هذه الأظرفة، ودعت الجهات المعنية بقطاع الصحافة، ومنها المجلس الوطني ووزارة الاتصال والنقابات المهنية، إلى الدخول على خط هذه القضية، ومطالبة العمدة بوانو ومصلحة القسم الثقافي التابعة للمجلس بالكشف عن ملابسات هذه «الإكراميات» التي تدخل، طبقا لمرتكزات مهنة الصحافة، تارة في خانة «الرشاوى» وتارة أخرى في خانة «الهدايا» التي يجب على الصحفي أن يرفضها، حسب أخلاقيات المهنة، لأنها تؤثر على موضوعيته في صنع رأي عام إيجابي بناء على معطيات واقعية، بعيدا عن هاجس تلميع الصورة.
وفي السياق ذاته، دعت المصادر وزارة الداخلية إلى فتح تحقيق في شأن هذه القضية، لأن الأمر يتعلق بمال عام يجب أن يخصص بالضرورة لتأهيل البنيات، وتحقيق تطلعات السكان في مدينة ذات جاذبية، وليس لتوزيعه «أظرفة» على منتسبين للصحافة كـ«هدايا» على «حضورهم المكثف»، ومعهم «تجهيزات» العمل، وشارات «انتساب» إلى الصحافة، و«إصرارهم» على «النزول» يوميا لمتابعة مختلف فعاليات المهرجان، بما فيها «تغطية» سهرات المغنين الذين تناوبوا على منصة المهرجان الذي عقد، في قرار لافت، في فصل الشتاء، ولم يتمكن من تحقيق الإشعاع المنتظر منه، رغم حرص المجلس الجماعي لمكناس على الرهان على «الحضور المكثف» للمنتسبين للصحافة. والمثير في هذه القضية، تورد المصادر، أن الجهة التي سهرت على عملية توزيع «الأظرفة» تعتبر من قيادات حزب العدالة والتنمية الذي يقدم نفسه على أنه من الأحزاب المدافعة بشراسة عن أخلاقيات وقيم الصحافة، ورفض كل ما من شأنه أن يؤثر على أدائها وسمعتها، سواء تعلق الأمر برشاو أو إكراميات أو هدايا.
يذكر أن العمدة بوانو اضطر، في مرحلة سابقة، إلى تأجيل موعد تنظيم هذا المهرجان الذي كان مقررا تنظيمه في الفترة ما بين 23 و27 أكتوبر الماضي، والذي تشرف على كل تفاصيله أسماء خوجة، نائبة العمدة المكلفة بالشأن الثقافي، قبل أن يقرر تنظيمه في الفترة ما بين 4 و8 دجنبر الماضي، في عز فصل الشتاء، وهو عكس ما جرت به العادة، حيث يجري تنظيم المهرجانات الثقافية والفنية في فصل الصيف، وهو فصل عطلة وراحة وبحث للمواطنين والزوار عن خدمات ترفيه وتنشيط وتسلية.
هذا ولم يسبق للمجلس الجماعي لمكناس أن كشف عن الميزانية المخصصة للمهرجان، منذ دورته الأولى، ولم يكشف، أيضا، عن تقارير تتضمن معطيات حول مصاريفه. فيما تتحدث فعاليات محلية عن أن صرف مبالغ كبيرة من المال العام على مغنين كبار، وعلى منصات السهرات وتجهيزات الحفلات، واستضافة النجوم في فنادق النجوم الخمس، يتناقض مع مبادئ الحكامة الجيدة للشأن العام في مدينة تعاني جل أحيائها من نقص في التجهيزات الأساسية، وتعيش طرقاتها تدهورا كبيرا، وتحتاج، في مختلف خدمات القرب، إلى تدخلات استعجالية.
وسبق أن خلف هذا المهرجان أزمة حتى داخل حزب العدالة والتنمية، عندما اتهم يونس شكير، القيادي المحلي في حزب «المصباح»، والمدير السابق لمقره الجهوي، وأحد المقربين من العمدة بوانو، الفريق المسير للمجلس الجماعي لمكناس بـ«هدر المال العام». وقال شكير إنه كان على المجلس الجماعي أن يركز اشتغاله على إعداد خطة محكمة لمواجهة البنيات التحتية الهشة التي كشفت عنها التساقطات المطرية الأخيرة.