شوف تشوف

الرأي

العلاقات الجنسية  (2-2)

 

مقالات ذات صلة

 

بقلم: خالص جلبي

 

أختي الفاضلة بنت الشهيد: أعرف أنك انفعلت وغضبت وكتبت ما كتبت، ولكن أمثال الشحرور والقبانجي والماهر بدون مهارة، روجت لهم مراكز خبيثة بمال ودعاية للترويج لآرائهم ـ عفوا شتم الأمة ـ كما في صاحبنا المسكين الماهر بدون مهارة.

إذن المكرمة فاطمة افتحي عينيك على زوجك جيدا، مهما ظننت أنه من الصحابة المتقين، واحفظي نصائحي جيدا وإلى آخر لحظة من حياتك، فالرجال، حتى المتقون منهم ينطبق عليهم ما قاله أبو قراط، أبو الطب، يوما؛ فقد عرف رجل في أثينا أنه يقرأ ويتفرس في الرجال والنساء ولا يخيب، فلما عرض عليه أبو قراط قال: هو زان. رجعوا إلى أبو قراط وقالوا له: ويلك انظر ما يقول فيك؟ أجاب: نعم أنا أزني في قلبي، ولكني أردع نفسي عن ممارسته. ومنه جاء في الإنجيل أن هناك من يزني في نظره وقلبه، ومنه جاءت تشريعات القرآن في اللباس والمخالطة والنظر والمحارم والخلوة وما شابهها؛ فالمسألة الجنسية حساسة جدا، خاصة للرجال الذين تزيغ أعينهم في محاجر النساء. انظري إلى الدعارة من يمارسها؟ المرأة لأن الرجل يشتهيها، فهو يندفع أهوجا، بل ويخطف الحبيبة في الظلام. وما زال عند الشراكسة تقليد الخطف وارد، بل وحتى في قسم من التركمان والمغول، وجنكيز خان كانت مأساته ومأساة العالم زوجته، بوري، التي خطفت.

الغالية فاطمة بنت الشهيد رحمة الله على الوالد «قتل في سجون البراميلي»، نظرية الإسلام هي التعدد المشروط، وليس العلاقات الشهوانية الإباحية. (يراجع في هذا كتاب السيرة لقطب «في ظلال القرآن»، ودفاعه المطول عن المسألة). مع ذلك فهناك حب يتفجر أحيانا في صدر كل من المرأة والرجل، والسبب خلفه هو الزوجة المقصرة فهي السبب في هذا؛ فهي بعد أن تنجب عشرة أو خمسة عشر بطنا تصبح مثل البقرة الهولندية، وتترك نفسها متسخة، رائحتها قبيحة وملابسها أقبح. والرجل لا يرى نفسه أنه أصبح أقبح منها، بل تزيغ نظراته إلى الفتيات الرشيقات، إلا من رحم ربي.

ويحصل للزوجة الشابة الشيء نفسه، حين تتزوج رجلا مسنا واهنا لا يقدر على شيء، وترى الشباب حولها فتتحرك نفسها نحو الحرام. نحن كما ترين أمام نظرية كاملة في العلاقات الجنسية، وفي هذا أنصحك بقراءة «حياتنا الجنسية» للقباني، فقد شرح باستفاضة جوانب المسألة. كذلك مراجعة ما أنتجه معهد كوينسي بأمريكا، حين درسوا الظاهرة الجنسية مثلما ندرس نحن تشريح الجسم. ومنه وجب وضع منهج خاص لأولادنا وبناتنا بحياء المؤمن في تعريفهم بالوظائف الجنسية، وكيفية بناء عائلات سعيدة. ويكون على ثلاث مراحل، تبدأ لماذا تمتلك الفتاة أعضاء تناسلية مختلفة، لتنتهي بشرح العملية الجنسية والحبل والتوالد، ومن أين يأتي ابن آدم وليس أن طير اللقلاق أحضره من السماء. وإن لم نفعل فلسوف يجدونها سرا في غفلة عن الأعين، لأنها من أقوى دوافع الوجود. الطاقة النووية والطاقة الجنسية هما أعتى الطاقات في الوجود، وأسس فرويد نظرية كاملة عن الموضوع الأخير، فضل وأضل. وكان رسول الرحمة صلى الله عليه وسلم يشرح لمن حوله هذه الأمور بدون وقاحة، بل بحياء، ومنه وصف رسول الرحمة نساء الأنصار أنهن لم يكن يمنعهن الحياء من التفقه في الدين.

بل والقرآن نفسه تعرض للموضوع بصراحة في أحكام وقصص، راجعي سورتي «القصص» و«يوسف» على هذه النية.

والخلاصة التي نخرج منها للخلاص من تخريجات وتخبيصات الديانة الشحرورية وفرعها الممتد الهزيل في مصر والمغرب، أن القرآن حدد العلاقات الجنسية، ثم شرع الزواج الحلال، ووضع شروطا قاسية للتعدد، ولكنه أباحه حتى لا يكون سفاحا وأخدانا ودور دعارة ومسيارا ومتعة. في حين أن أوروبا والغرب مارسا الزنا سرا، فعددت الزوجات سفاحا وخفية عن الأعين وخيانة للزوجات (كما رأيته أنا في مشفى ألماني اشتغلت به، فكان الشيف يذهب لإجازته في اليونان مع السكرتيرة) كما مارس الغرب الطلاق علنا، وكذلك الزنا المشروط ما يشبه متعة الشيعة بالصديقة والصديق، فيدخل الشاب بيت البنت فيستقبله الأب ويخصص لهما غرفة للزنا، وليست هذه البلية لوحدها، بل الشذوذ الجنسي وانتشار الإيدز وتفشي الأمراض الجنسية، مثل الزهري والسيلان البني.

وهناك من يزيغ عن الهورمونات وتوزيعها عند الرجال والنساء؛ فهورمون التستوستيرون ينتج من أكثر من مصنع (الكظر والخصية)، في حين أن المرأة تتنازعها هورمونات البروجسترون والإستروجين، فتنشط في نصف الدورة استعدادا للحبل، وتنزف دموعا حمراء مع نهاية الدورة لعدم الحبل. وكل واحد منها بما فيها هورمون الذكورة التستوستيرون من قاعدة الكوليسترول، ولذا فالمرأة والرجل يكمل كل واحد منهما الآخر.

ولكن كما ذكرنا فالقاعدة البيولوجية أن الجنس البشري كي يحافظ على نفسه، لا بد له من نسبة تزايد هي 2,3، ولذا وضعت فينا الحياة دينامو لا يعرف الهدوء، خاصة عند الرجل، ولو وهن العظم منه واشتعل الرأس شيبا.

اذكر من جدي شخموس وصفي جيدا كيف بقيت نفسه (خضراء) حتى وهو مقعد في سريره، وفي هذا كتب، كولن ويلسون، العجيب في كتابه «أصول الدافع الجنسي».

ويقال إن إنسان نياندرتال خسفت به الأرض وانقرض، لأنه لم يتكاثر وفق هذه النسبة، أو هناك احتمال أن أجدادنا الأوائل بفعل التنافس قضوا عليه. كما فعل الكنديون مع السكان الأصليين، حين صادروا الأطفال وحرموهم من لغتهم الأصلية وحاولوا تنصيرهم بكل سبيل ممكن، أنهم همج يجب إدخالهم سوق الحضارة، في فضيحة اعتذر فيها جاستن ترودو، رئيس الوزراء الكندي، ووضع نظاما لتعويض المتضررين. ولا ننسى الأمريكيين والإسبان ما فعلوا في العالم القديم الجديد.

والخلاصة التي ننتهي إليها أن هناك بعوضا يقفز في الليل ويلسع ويسبب الأمراض، ولكن الحياة تتدفق مع الضحايا. ومن قفز على الإسلام ليحرقه، فهو ينتهي مثلما انتهى الكثير ممن قفزوا في الظلام على طريقة «شولم شولم» سبع مرات.

فقد جاء في كتاب «كليلة ودمنة»، أن اللصوص اجتمعوا ذات ليلة على سقف رجل ثري، فبدأ الزوجان في الحديث عن الثروة وكيفية تحصيلها، وأن أفضل طريق لها هو اعتلاء شعاع القمر والقول سبع مرات «شولم شولم»، فينزل بهدوء فيسرق، ثم يعتلي ظهر الشعاع من جديد فيرجع من حيث جاء. سمع كبير الحرامية القصة فطبقها، فكانت النهاية أن دقت عنقه. وكذلك هي نهاية الماهر بدون مهارة، والشحرور بدون زقزقة.

 

نافذة:

القرآن حدد العلاقات الجنسية ثم شرع الزواج الحلال ووضع شروطا قاسية للتعدد ولكنه أباحه حتى لا يكون سفاحا وأخدانا ودور دعارة ومسيارا ومتعة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى