العلاقات الجنسية (1- 2)
بقلم: خالص جلبي
نشرت فيديو عن الرواد الجدد في صحراء الفكر العربية، فمنهم من يزعم أنه عثر على نبع زمزم، فإذا جئت رأيته سراب بقيعة يحسبه الظمآن ماء. وممن أصغى لكلماتي فلم ينتبه إلى المقصد الأسمى في الحديث، وهو حكم تعدد الزوجات في الإسلام، وأنه المخرج من ورطات كثيرات ليس أقلها موضوع الخروج من وضع لا يطاق، فالإسلام أباح التعدد وفي الواقع (التحدد). فهناك من كان متزوجا بعشر، فطالبته الشريعة بالتخلي عن ست والاحتفاظ بأربع، وهو أمر لا ينتبه إليه الناس. وفي أوروبا اضطروا إلى أن يرجعوا إلى الشريعة الإسلامية بالتعدد سرا، والطلاق علنا ورسميا. ومن حين لآخر يخرج علينا قوم يبتغون الشهرة، فينزلون إلى الشارع عراة، فيعرفهم الناس ويسفهون آراءهم، ولكن المهم أنهم أصبحوا أبطالا فكريين لامعين، خاصة إذا شتموا الملة والأمة، كما فعل كاتب مصري ليس له من اسمه نصيب ماهر. وفي المغرب أعرف أن الحمامي الذي هرب من دكالة إلى حلقات التنصير، ففتحوا له قناة وأمدوه برجال وخبرات وأموال، ليوزع على الناس آراء تقول إن الإسلام غلط والقرآن كذب، ومحمد صلى الله عليه وسلم دجال. وهي تهم ليست جديدة، ومراجعة بسيطة في القرآن تقرأ التهم جزافا: ساحر وشاعر وكاهن ومجنون ومفتري. ومع كتابة هذه الأسطر جاءني من أخ مغربي فاضل، أن ثمة حكم من المحكمة على عبده ماهر بالسجن لخمس سنوات، بتهمة ازدراء الأديان. والرجل وضع كتابا فيه استفزاز واسع بعنوان ظالم «إضلال الأمة بفقه الأئمة»، وكأنه يعبر عن نفسه بهذا العنوان اللاأخلاقي العدواني.
فهو فعلا إضلال، كما قال القرآن «قد ضلوا من قبل وأضلوا كثيرا وضلوا عن سواء السبيل». ومن المغرب أيضا أرسل إلي الأخ عبد الحميد أن الرجل، أي ماهر، قد وضع أحاديث غير مقبولة، ليصل إلى خاتمة تناقض ما يقول به، فهناك أحاديث مرفوضة وشاذة يجب أن يغربل التراث منها، وهي ليست كثيرة أمام نبع زاخر من الحكمة يريد الرجل أن يحرمنا منها. المهم أرسلت إلى الأخ المغربي نور الدين وجهة نظري في هذا (الشحرور الصغير)، الذي ينحو على نهج أستاذه الشامي في موضوع نفي الترادف في القرآن، وأن الخمر ليس حراما ما لم يدر الرأس، وأن البنين تعني البنايات، وأن النساء لا تعني النساء إلى آخر السيمفونية. وهكذا فمسيلمة يفرخ أنسالا جديدة وفروعا في مصر والمغرب. من أرسل إلي متحمسا له، سيدة من ألمانيا على علم وثقافة، فكانت بيننا مناقشة مثمرة، ولمن يريد الاطلاع على رأيي بالتفصيل فليراجع قناتي ورحلتي في عالم الطب والفكر، الحلقة 396. قلت للأخت المكرمة بنت الشهيد رحمة الله على الوالد، تعلمي قاعدة أنا على حق ويحتمل أن أكون مخطئا. المفسرون العشرة اشتغلوا على النص بمهارة، بما فيه الجانب اللغوي، ثم مناسبة النزول.
ارجعي إلى الآية 3 من سورة «النساء» جيدا، الآية لا تقول: إن خفتم أن تظلموا الفتيات ممن مات أهلوهم في ظروف الحرب أو لم يكن لهم آباء، حينها تزوجوا من فتيات الأرامل واليتامى، ولا مانع أن تضموا لبيت الزوجية إلا مقدار أربع نساء. ولم نفهم لماذا أربع وليس تسعا بنص الآية مثنى وثلاث ورباع = حاصل الجمع تسع. ونحن نعلم أن الرسول (ص) حين مات ترجع تسع نسوة، فما رأيك؟
المفسرون قالوا إن التعدد حكم مربوط ومشروط بالعدل، وهكذا يكون سياق الآية إن خفتم ضياع العدل، فلا حرج ويمكن لكم أن تتزوجوا أكثر من واحدة، ولكن بشرط العدل وهو أمر متعسر جدا حتى لو حاول صاحبه،
كان رسول الرحمة (ص) يعترف بهذا فيقول: هذا ما أملك، أما قلبي فلا أملكه. ارجعي إلى كتاب بنت الشاطئ عن زوجات النبي، والشيء نفسه تحدث عنه بتوسع رشيد رضا، في تفسيره «المنار». وهكذا فالآية 3 من سورة «النساء» لم تقل إذا إن ظننتم أنه لن يتحقق العدل في اليتامى، فتزوجوا اليتيمات حتى تسع بنات.
تابعت حواري مع السيدة المذكورة، وهي في ألمانيا تعمر في مختبر للأحياء، وكما ترين فالمسـألة تدور حول مشكلة اجتماعية لا مهرب منها في ظروف معينة؛ فهل يفعل كما يفعل الألمان بزواج الخفية، لظروف معينة من عدم الإنجاب أو الضعف أو المرض أو الحرب أو الحب. ويحدث أحيانا وأعرف الكثيرين منهم ممن عشقوا غير زوجاتهم من سكرتيرة طبيب أو مساعدة جنرال، وهو ما روي عن أيزنهاور الذي عشق واحدة تعمل بجنبه، في أثناء اجتياح أوروبا بعملية السيد الأعلى «Over lord»، ولكنه كان حصورا عنينا ليس عنده قدرة الانتصاب، ولم تكن حبوب الفياغرا معروفة.
والسبب بيولوجي بحت، فالمرأة عندها غريزة الأمومة أقوى من الجنس، كما في أبحاث عالم النفس ماكدوغال. ولو تزوج رجل واحد بمائة امرأة شابة، أنجب العشرات. ولو عاشرت امرأة ألف رجل لم تنجب إلا واحدا أو توأما في أحسن الأحوال، فماذا نفعل؟
حسب كتاب بيتر فارب عن الجنس البشري، أنه جرب كل أنواع العلاقات الجنسية، ورسى الموضوع على واحدة لواحد، إلا في الاستثناءات وهو ما ذكره القرآن. إنه قانون تحديد الزوجات وليس تعدد الزوجات، كما جاء في السيرة.
الموضوع حساس جدا أخت فاطمة بنت الشهيد، وصدقيني كما يقول الإمام ابن حزم في كتابه «طوق الحمامة» ما اجتمع رجل بامرأة إلا وتحركت الغريزة، وهو يروي عن نفسه. وأنه يعشق النساء الشقراوات البيض، لذا نرى أن كل امرأة تراقب زوجها بصرامة، فإذا أنجبت اطمأنت إلى درع الحماية من الأولاد فأهملت نفسها، وبدأ زوجها في النظر إلى الكثيرات من الشابات بسبب بيولوجي بحت للإنجاب، وهي أي المرأة أخذت حصتها من الحبل من الرجل. هذا الموضوع صادم ومزعج وحساس، وتظن المرأة أنها محصنة لأن زوجها تقي، نقي، ولا يعرف خائنة الأعين وما تخفي الصدور. لذا كان على المرأة مراعاة هذا الجانب بالزينة واللباس والرائحة الطيبة، وإشباع زوجها جنسيا ـ عفوا ـ فهذا هو الواقع. وأن لا تبتعد عنه كثيرا، وهو ما فعله ابن الخطاب رضي الله عنه في الحملات العسكرية، أن لا يغيبوا أكثر من ثلاثة أشهر عن زوجاتهم.
نافذة:
التعدد حكم مربوط ومشروط بالعدل وهكذا يكون سياق الآية إن خفتم ضياع العدل فلا حرج ويمكن لكم أن تتزوجوا أكثر من واحدة ولكن بشرط العدل