شوف تشوف

الرئيسيةصحة نفسيةن- النسوة

العلاج السلوكي المعرفي

إعداد: أميمة سليم
يعتبر العلاج السلوكي المعرفي من أبرز الطرق في الطب النفسي لعلاج الاضطرابات النفسية المختلفة والأكثر شيوعا مثل الاكتئاب، القلق والوسواس القهري والخجل والخوف… من خلال هذه المقالات الطبية، سوف نتعمق أكثر في هذا العلاج الذي لا يقوم على أدوية أو يكون مرافقا لها في الحالات الشديدة، ويدخل في حل جميع الاضطرابات النفسية.

ما هو العلاج السلوكي المعرفي؟
حسب «ويكيبيديا»، فإن العلاج المعرفي السلوكي (بالفرنسية thérapie congnitivo-comportementale)، هو تدخل نفسي اجتماعي يهدف إلى تحسين الصحة العقلية.
يركز العلاج المعرفي السلوكي على تحدي وتغيير التشوهات المعرفية غير المفيدة (مثل الأفكار والمعتقدات والمواقف) والسلوكيات، وتحسين التنظيم العاطفي وتطوير استراتيجيات المواجهة الشخصية التي تستهدف حل المشكلات الحالية. في الأصل، تم تصميمه لعلاج الاكتئاب، ولكن تم توسيع استخداماته لتشمل علاج عدد من حالات الصحة العقلية، بما في ذلك القلق. يشمل العلاج المعرفي السلوكي عددًا من العلاجات النفسية المعرفية أو السلوكية التي تعالج أمراض نفسية محددة باستخدام تقنيات واستراتيجيات قائمة على الأدلة.
يعتمد العلاج المعرفي السلوكي على مزيج من المبادئ الأساسية من علم النفس السلوكي وعلم النفس المعرفي. إنه يختلف عن المناهج التاريخية للعلاج النفسي مثل نهج التحليل النفسي حيث يبحث المعالج عن المعنى اللاواعي وراء السلوكيات ثم يصوغ التشخيص. وبدلا من ذلك، فإن العلاج المعرفي السلوكي هو شكل من أشكال العلاج «يركز على المشكلة» و«عملي المنحى»، مما يعني أنه يستخدم لعلاج مشاكل محددة تتعلق باضطراب عقلي مشخص.
يتمثل دور المعالج في مساعدة المريض في إيجاد وممارسة استراتيجيات فعالة لمعالجة الأهداف المحددة وتقليل أعراض الاضطراب. يعتمد العلاج المعرفي السلوكي على الاعتقاد بأن التشوهات الفكرية والسلوكيات غير القادرة على التكيف تلعب دورا في تطوير الاضطرابات النفسية والحفاظ عليها، وأنه يمكن تقليل الأعراض والضيق المرتبط بها من خلال تعليم مهارات معالجة المعلومات الجديدة وآليات التأقلم.
عند مقارنتها بالأدوية ذات التأثير النفساني، وجدت دراسات المراجعة أن العلاج المعرفي السلوكي وحده فعال في علاج الأشكال الأقل حدة من الاكتئاب والقلق، واضطراب ما بعد الصدمة (PTSD) والتشنجات اللاإرادية وتعاطي المخدرات واضطرابات الأكل، واضطراب الشخصية الحدية. تشير بعض الأبحاث إلى أن العلاج المعرفي السلوكي يكون أكثر فاعلية عندما يقترن بالأدوية لعلاج الاضطرابات العقلية مثل اضطراب الاكتئاب الشديد. بالإضافة إلى ذلك، يوصى باستخدام العلاج المعرفي السلوكي كخط علاج أول لغالبية الاضطرابات النفسية لدى الأطفال والمراهقين، بما في ذلك اضطراب السلوك العدواني واضطراب السلوك. وجد الباحثون أن التدخلات العلاجية الأخرى الحسنة النية bona fide، كانت فعالة بنفس القدر في علاج حالات معينة لدى البالغين. إلى جانب العلاج النفسي بين الأشخاص، يوصى باستخدام العلاج المعرفي السلوكي في الأدلة التوجيهية للعلاج، كعلاج نفسي اجتماعي مفضل.

اضطرابات يعالجها العلاج السلوكي المعرفي
العلاج السلوكي المعرفي هو طريقة علاجية تعتمد على الحديث بين المريض والمعالِج، وذلك بهدف التغلب على المشاكل عن طريق تغيير طريقة التفكير والتصرف.
ويستخدم العلاج السلوكي المعرفي لعلاج القلق والاكتئاب، وأيضا قد يستخدم لمشاكل عقلية أخرى، وذلك وفقا لخدمات الصحة الوطنية في المملكة المتحدة.
ويستند العلاج السلوكي المعرفي على مفهوم أن الأفكار والمشاعر والتصرفات مترابطة، وأن الأفكار والمشاعر السلبية يمكن أن تحبس الشخص في حلقة مفرغة.
ويهدف العلاج إلى مساعدة الشخص في التعامل مع المشاكل بطريقة أكثر إيجابية من خلال تقسيمها إلى أجزاء أصغر، وعبر تغيير هذه الأنماط السلبية يتم تحسين الطريقة التي يشعر بها الشخص.
وعلى عكس بعض العلاجات التي تعتمد على الحوار والتحدث، يتعامل العلاج السلوكي المعرفي مع مشاكل الشخص الحالية، ولا يركز على المشاكل والقضايا التي حدثت في الماضي.
ويمكن أن يساعد العلاج السلوكي المعرفي في التعامل مع المشاكل التالية:
-الاكتئاب.
-اضطرابات القلق.
-اضطراب الوسواس القهري.
-اضطراب الهلع.
-اضطراب ما بعد الصدمة.
-الرهاب.
-اضطرابات الأكل مثل فقدان الشهية والشره المرضي.
-مشاكل النوم مثل الأرق.
وقد يساعد العلاج المعرفي السلوكي في بعض الأحيان الأشخاص الذين يعانون ظروفا صحية مزمنة مثل القولون العصبي ومتلازمة التعب المزمن.
وعادة ما تكون هناك جلسة واحدة أسبوعيا أو كل أسبوعين، وتمتد الجلسة من 30 إلى 60 دقيقة، وذلك على مدار بين خمس جلسات و20 جلسة.
ويعمل المريض مع الاختصاصي المعالج على تحليل مشاكله إلى أجزاء منفصلة، مثل الأفكار والأحاسيس البدنية والأفعال، ثم يتم تحليل هذه الأجزاء ومعرفة ما إذا كانت غير واقعية أو غير مفيدة.
وسيعمل المعالج على مساعدة الشخص على تغيير أفكاره وسلوكياته غير المفيدة. ثم سيطلب من المريض ممارسة هذه التغييرات في حياته اليومية، وسوف يناقش نتائج ذلك في الجلسة التالية.

العلاج السلوكي المعرفي طريقة علاجية تعتمد على الحديث بين المريض والمعالِج، بهدف التغلب على المشاكل عن طريق تغيير طريقة التفكير والتصرف. ويستخدم لعلاج القلق والاكتئاب.

العلاج السلوكي المعرفي لمحاربة القلق – عن «نون بوست»
يُعتبر العلاج السلوكي المعرفي واحدا من أكثر العلاجات النفسية حداثة والذي يلقى دعما من قبل الدراسات والأبحاث التي أثبتت نجاعته وقدرته على علاج العديد من المشكلات والاضطرابات النفسية أو منع تطورها والحد من أعراضها.
وقد تم اختبار العديد من تمارين وأساليب هذا العلاج لإيجاد بعض الحلول الأكثر فعالية في مواجهة بعض المشكلات الشائكة في حياة الأفراد، كالقلق والاكتئاب والخوف والفوبيا ومشاكل التواصل الاجتماعي ومشاكل الشريكين والعائلة وما إلى ذلك.
تقوم فكرة العلاج السلوكي المعرفي على ثلاثة مفاهيم رئيسية: الأفكار والعواطف والسلوكيات. ويرى هذا النوع من العلاج أن أفكارك ومشاعرك الداخلية ترتبط ارتباطا وثيقا بتصرفاتك وسلوكياتك، لذلك يعمل على مبدأ تغيير أنماط التفكير للتمكن من تغيير السلوكيات والتصرفات التي يأتي بها الفرد، من خلال تغيير الطريقة التي يشعرون بها تجاه ما يمرون به من تجارب ومواقف في حياتهم اليومية بتفاصيلها المتعددة.
ويستند هذا النوع من العلاج إلى النظرية أو النموذج الذي يرى أن الأحداث ليست هي ما يزعجنا، بل المعاني التي نعطيها لها ونحملها إياها. فإذا كانت أفكارنا سلبية للغاية، فإنها قد تمنعنا من رؤية الأشياء على حقيقتها أو تدفعنا للقيام بسلوكيات وتصرفات لا تتناسب مع تلك الأحداث، وهنا يحدث انزعاجنا وتتولد مشكلاتنا النفسية. ويتفاقم الأمر حين نواصل التمسك بنفس الأفكار القديمة ونفشل في تعلم أي شيء جديد.
تعمل آلية إعادة البناء الإدراكي على تطوير قدرة الفرد على تعلم كيفية التعرف على الأفكار غير المنطقية أو سيئة التكيف ومن ثم تحليلها
فعلى سبيل المثال، عندما يكون قلقك غير قابل للسيطرة وغير المبرر هو المشكلة، يمكن أن تساعدكَ تمارين العلاج المعرفي السلوكي على تطوير أو تمييز أفكار أكثر فاعلية تعمل بدورها على الحد من مشاعرك المرتبطة بالقلق، وفي النهاية تسهل انخراطك في السلوكيات اللازمة للتعامل مع الوضع الإشكالي الذي تمر به.
يهدف العلاج السلوكي المعرفي من خلال آلية يُطلق عليها اسم «إعادة البناء الإدراكي» إلى تطوير قدرة الفرد على تعلم كيفية التعرف على الأفكار غير المنطقية أو سيئة التكيف ومن ثم تحليلها ومناقشتها، مثل التفكير السحري والتفكير العاطفي، وهي أفكار ترتبط عمومًا بالعديد من الاضطرابات العقلية والنفسية. وتبدأ هذه الآلية بتحديد الأفكار التلقائية التي تمثل وجهات نظر سلبية أو هدامة عن الذات والحياة والمجتمع والمستقبل والعالم وما إلى ذلك.
على سبيل المثال إذا كنت تعاني من القلق بشأن مستقبلك، الأمر الذي قد يطور لديك مشاعر خوف من أي خطوةٍ قادمة أو تردد أو قد تجد نفسك أسيرا للأفكار السلبية من كونك لن تنجح أو أن ما هو قادم سيكون سيئا.
تعمل آلية العلاج السلوكي المعرفي هنا على حثك على تحديد هذه الأفكار أولا، كأن تكتبها أو تسجلها. أو قد يمكنك اللجوء للاستجواب السقراطي، أي متابعة تفكيرك في عدة اتجاهات لأغراض كثيرة منها: استكشاف الأفكار المعقدة للوصول إلى حقيقة ما أو فتح القضايا والمشاكل أو كشف الافتراضات أو تحليل المفاهيم للتمييز بين ما تعرفه وما لا تعرفه أو متابعة الانطباعات المنطقية لها أو لتنظيم مناقشتها وتحليلها.
يلعب العلاج السلوكي المعرفي على وتر عدم اليقين بكونه أحد العوامل التي تغذي القلق بأنواعه المختلفة، ثم تأتي المرحلة التالية وهي محاولة استنباط طرق جديدة للتعامل مع المواقف الإشكالية التي تمر بها، أي قلقك حيال مستقبلك. فقد تسعى هنا لاكتساب قدرة على التعامل مع ما تمر به بحكمةٍ وبفلسفة ما تخبرك أن لا شيء يستدعي الخوف، وأن تجارب الحياة جميعها تنطوي على مغزى ما حتى وإنْ لم تكتشفه أو تعرفه على سبيل المثال، أو التعامل مع قلقك على أنه وسيلة مناسبة تدفعك لحل مشكلاتك وإتمام مهامك أو للتركيز على مشكلة بعينها، أو تدريب نفسك على الحد من وقت قلقك مثلا.
بالنسبة لمعظم الناس يشكل عدم اليقين بخصوص العديد من جوانب الحياة مشكلة حقيقية قد تتطور إلى اضطرابٍ نفسي مع الوقت. يرى العلاج هنا أن حل «عدم اليقين» هو تقبله وقبوله، والتصالح مع فكرة وجوده لإنفاق طاقة أقل في خوض المعارك غير الضرورية التي نخوضها في حياتنا، دون أن يعني هذا الاستسلام أو الخضوع للواقع.
قد يطلب منك المعالِج مثلًا، بتحديد بعض المناطق في حياتك التي تقبل فيها بالفعل بحالة من «عدم اليقين»: فأنت تفعل ذلك في بعض المواقف، كأن تسلك طريقا جديدا نتيجة الأزمة المرورية، أو أن تزور مطعما جديدا، أو تقابل أشخاصا جدد.
خذ لحظة للنظر في كيفية قبول بعض درجات عدم اليقين في هذه المواقف، وحاول تخيل كيف سيكون وضعك في حال قبلت بهذه الدرجات مع مواقف أكثر صعوبة في حياتك. أو قد يطلب منك المعالج تخيل حياتك فيما لو كانت مبنية على اليقين التام، فمن المحتمل أن تراها مملة تماما كفيلم تعرف كيفية تطور أحداثه ونهايته، وبالتالي يحاول العلاج السلوكي المعرفي تغيير تصورك عن الحياة وخوفك من القادم لعدم تيقنك منه، من خلال تغيير العديد من الأفكار التي تبنيها بخصوصها.

وتعد «جدولة النشاط» إحدى الآليات التي يتم استخدامها في هذا العلاج، وهي تمرين يساعد الأشخاص على الانخراط في سلوكيات لا ينخرطون فيها بالعادة، من خلال تحديد وقت خلال الأسبوع على سبيل المثال لجدولة سلوك ما وزيادة وتيرته مع الوقت. وكثيرًا ما يستخدم هذا التمرين في علاج الاكتئاب، كطريقة لإدخال السلوكيات النافعة إلى نمط حياة الفرد الروتيني.
فالاكتئاب بالنهاية قد يرجع في كثيرٍ من الحالات لغياب السلوكيات والتجارب المجزية والفعالة، كالهوايات والانخراط في عمل ذي مغزى والرياضة ومكافأة الذات، أو حتى سلوكيات حل المشكلات والتفكير المنطقي لما تمر به وتفضيلك لتجنبها وتجاوز تطوراتها. كما يؤدي غياب العديد من النشاطات والسلوكيات إلى شعورك بالعجز والسلبية.
الطريقة الأساسية للشروع في التنشيط السلوكي النافع هي من خلال مراقبة نشاطاتك وجدولتها. قم بالاحتفاظ بسجل مفصل لسلوكياتك ونشاطاتك خلال الأسبوع وتتبع مشاعر المتعة والإتقان المرتبط بكل سلوك.
يتتبع العلاج السلوكي المعرفي هذا النشاط لعدة أسابيع، يحاول فيها المعالِج إمداد المريض بالحماس والتحفيز اللازمين لذلك، إذ قد يكون عاجزا عن الاستمرار بالتمرين دون مساعدة خارجية.
آليات وتمارين العلاج السلوكي المعرفي كثيرة آخذة بالتطور والزيادة مع الوقت، فإضافة إلى ذلك هناك التأمل الذهني واليقظة التامة وتمارين الاسترخاء والتنفس، وآليات التدريب على المهارات الاجتماعية بطرقٍ مختلفة مثل تمثيل الأدوار والتخيل والتدريب على التواصل وغيرها، وهناك آلية حل المشكلات مثل تمارين التخلص من الحالات المزاجية ومحاولة السيطرة على المواقف الصعبة والمفاجئة. وقد أثبتت جميعها قدرتها على علاج حالات القلق والاكتئاب بنسبة تفوق قدرة العلاجات التقليدية أو العلاجات المقتصرة على الأدوية فقط.

يشكل «عدم اليقين» بخصوص العديد من جوانب الحياة مشكلة حقيقية قد تتطور إلى اضطرابٍ نفسي مع الوقت. يرى العلاج هنا أن الحل هو تقبله وقبوله.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى