شوف تشوف

الرأيالرئيسيةسياسية

العقوبات البديلة وشغب الملاعب

حسن البصري

في غمرة التحضير للاستحقاقات الرياضية الكبرى التي تنتظرها بلادنا، هناك نقاش خافت حول القانون المتعلق بالعقوبات البديلة الذي تم نشره في الجريدة الرسمية، وأثار جدلا كبيرا بعد دخوله مرتين غرفة العمليات داخل البرلمان وخضوعه لقراءتين ليتمتع، بتوصية من لجنة العدل، بفترة نقاهة.

السياق الثاني هو إصلاح المنظومة القانونية الجنائية، والحد من ظاهرة الاكتظاظ داخل المؤسسات السجنية وترشيد الأعباء المالية، سيما وأن المعطيات الإحصائية المسجلة بخصوص سكان السجون المغربية تفيد بأن عددهم يتجاوز المائة ألف سجين، ما يقارب نصفهم محكوم بعقوبات تقل عن سنة واحدة.

لذا يعد التدبير الأمني، والحد من العنف بالملاعب الرياضية في المغرب، من التحديات الكبرى التي تعترض منظمي التظاهرات القارية والعالمية، ما يعيد إلى الواجهة إشكالية الحكامة الأمنية الرياضية.

خضع قانون العقوبات البديلة لبعض التعديلات، حتى لا يرتبط في الأذهان بـ«شراء الحبس»، وتمت إضافة «عقوبة الغرامة اليومية» إلى العقوبات البديلة، وحدد ما بين 100 و2000 درهم عن كل يوم من العقوبة الحبسية المحكوم بها، حسب الإمكانيات المادية للمحكوم عليه وتحملاته المالية، وخطورة الجريمة المرتكبة، والضرر المترتب عليها.

ما هو موقع شغب الملاعب ونصيبه من العقوبة البديلة؟

في المذكرة هناك إشارة عابرة: «يمكن الحكم بعقوبة الغرامة اليومية على القاصرين، في حالة موافقة وليهم أو من يمثلهم». ومحاولة لإشراك معتقلي شغب الملاعب في البدائل العقابية.

بلغة الأرقام فإن عدد قضايا عنف الكرة التي عرضت على الدوائر الأمنية في العام الماضي تجاوز 1450 حالة، وأغلب المتابعين من القاصرين الذين يتابعون دراستهم، أو يعيلون عائلاتهم في مهن بسيطة، علما أن نوعية الجرائم المرتكبة في السنتين الأخيرتين أغلبها يتعلق بأضرار ضد الممتلكات وعنف ضد الخصوم.

من هنا تبدو الحاجة إلى عقوبات بديلة في ملفات عنف الملاعب، على غرار تجارب أوروبية، ترى من العبث الزج بمشجع شاب في السجن لمجرد تصفية حسابات بين الفصائل، فذكر اسمه في المحاضر، أو أشعل فتيل شهب نارية، أو رمى بكرسي، أو اقتحم أرضية الملعب فرحا أو قرحا.

هؤلاء ممنوعون من ولوج مدرجات الملاعب كعقاب بديل، ويمكن تمديد هذا الحظر ليشمل الآباء المرافقين أو الأوصياء على الأطفال الذين يتورطون في هذه الأنشطة الممنوعة.

يمكن أن تتضمن العقوبات البديلة، المنصوص عليها في مشروع القانون المغربي، تدابير من قبيل العمل من أجل المنفعة العامة، والخضوع للمراقبة عبر السوار الإلكتروني، وتقييد بعض الحقوق. وتطبق هذه العقوبات في الجنح قصيرة المدى العقابي، أو ما يعرف بجرائم العشق المتطرف.

العقوبات البديلة في جنح عنف الملاعب لا تعني «شراء العقوبة»، بل هي تدبير يعفي المتهم من وسم «حباس»، وتمنحه فرصة استكمال دراسته وفرصة التأمل في مستقبله أيضا.

لكن العقوبات تحتاج إلى تدابير لتنزيلها على أرض الواقع، كالتذاكر الإلكترونية المتضمنة لبيانات حامليها، والمقاعد المرقمة، وإشراك قادة الفصائل في هذا المجهود والترويج له، مع إعادة العمل بالخلايا الأمنية الرياضية التي كانت تواكب تنقلات المشجعين عبر الملاعب.

اليوم تكمن خطورة عنف الملاعب في وجود «مشاغين» غير مألوفين، أطفال صغار السن، وفتيات شربن من كأس الكرة حتى الثمالة، وأفارقة دول جنوب الصحراء اندسوا وسط المشجعين، بعد أن حولوا بعض الملاعب المهجورة إلى مأوى لهم.

لنجرب وصفة العقوبات البديلة، حتى يحافظ الشباب على نظافة صحيفة سوابقهم القضائية، ويتجنبوا الإقامة الجبرية في السجون المكتظة.

لنجرب الخلخال الإلكتروني في أقدام المشاغبين، ونبدأ تجربة «الفار» القضائي الذي يحدد وضعية الشرود، التي قد تسقط فيها كلما تم الاقتراب من الملاعب.

مقالات ذات صلة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى