شوف تشوف

الرئيسيةتقاريرمجتمعمدن

العطش يهدد البيضاء والرباط والصناعة تستنزف مياههما

مشاريع هيكلية لتعزيز تزويد العاصمة الاقتصادية بالماء الشروب ومواجهة ندرة الموارد المائية

الدارالبيضاء: مصطفى عفيف

 

مع تأخر التساقطات المطرية وما يعرفه المغرب من جفاف خلال هذه السنة، كشفت مصادر مطلعة أن التأثيرات لم تعد تقتصر على الموارد المائية، متوقفة على المدن الصغيرة والعالم القروي أو مرتبطة فقط بالحاجات المتعلقة بالقطاع الفلاحي من مياه السقي وتربية الماشية، مشيرة إلى أن الوضعية تعدت ذلك إلى التأثير على الحاجيات من المياه الصالحة للشرب بالمدن الكبرى، وعلى رأسها مدينتا الدار البيضاء والرباط الواقعتان تحت نفوذ وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية.

وتؤكد المصادر، التي أفادت «الأخبار» بمعطيات دقيقة، أن ندرة الموارد المائية خلال هذه السنة باتت تهدد بحرمان أكبر حواضر المملكة من تلبية الحاجيات المائية الخاصة بها. وأكثر من ذلك، تضيف المصادر، أن سكان المدينتين قد يصبحوا في أية لحظة أمام خطر العطش في حال توالى الجفاف لأكثر من موسم، إذ سيصعب تأمين الحاجيات من المياه الصالحة للشرب حتى بمقابل مالي مرتفع.

واتضح حجم هذه التأثيرات أكثر مع مسارعة الجهات المسؤولة إلى إطلاق مشاريع هيكلية، أول أمس (الأربعاء)، لتعزيز تزويد الدار البيضاء الكبرى بالماء الشروب، وتدارك إشكالية تسجيل ندرة في الموارد المائية بالدار البيضاء، ومنها مشروع ضخم، بناء على اتفاقية مبرمة بين وزارة الداخلية ووزارة الاقتصاد والمالية ووزارة التجهيز والماء وولاية جهة الدار البيضاء سطات، السلطة المفوضة، “ليدك” والمكتب الوطني للماء والكهرباء.

 

أرقام مخيفة عن الموارد المائية

المخاوف من مواجهة سكان الدار البيضاء والرباط لخطر العطش زكتها وكالة الحوض المائي أبي رقراق والشاوية بإعلانها عن تسجيل عجز بلغ نسبة 94 ٪ على مستوى سد سيدي محمد بن عبد الله الذي يوفر 70 ٪ من احتياجات المنطقة الساحلية الممتدة بين سلا والدار البيضاء الكبرى بأكملها، كما سجلت عجزا بلغ 50 ٪ عرفه سد «تامسنا» الذي يمد مركز الكارة وبن احمد بالماء الصالح للشرب.

وإلى جانب حالة الجفاف التي يعرفها المغرب، أوضحت الوكالة أن الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية يعاني من الجفاف الشديد، ذلك أن التساقطات المطرية بهذا الحوض سجلت، خلال الفترة الممتدة بين فاتح شتنبر 2021 و2 مارس 2022، عجزا بنسبة 60 ٪ مقارنة مع السنة العادية، ما أثر في حقينة السدود.

وترجع أسباب التهديد المحتمل بفقدان إمداد المدن الكبرى بالمياه، إلى ضعف الموارد المائية، إذ لا يتجاوز حجم المياه السطحية بالحوض 869 مليون متر مكعب سنويا، في حين لا تتعدى المياه الجوفية 86 مليون متر مكعب، بحسب المعطيات ذاتها.

 

إكراهات الصناعة والاستغلال المفرط..

إذا كانت قلة التساقطات المطرية من بين الأسباب الرئيسية لحالة العطش التي تتربص بسكان العاصمتين الاقتصادية والإدارية للمملكة، فإن معطيات أخرى تؤكد هذه المخاوف، من بينها أن الموارد المائية داخل الحوض، وفق آخر الإحصائيات، جد محدودة وذات توزيع جغرافي غير متوازن، حيث لا تتعدى الحصة السنوية للفرد 109 أمتار مكعبة في السنة.

ومن بين الأسباب التي تهدد استدامة الموارد المائية داخل نفوذ وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية، واقع الاستغلال المفرط للفرشات المائية، ما يسبب عجزا كبيرا، إذ تقدر الحصيلة لفرشة برشيد لوحدها ب36.7- مليون متر مكعب، وفق ما تؤكده معطيات كشفتها الوكالة نفسها.

ووفق المعطيات المتوفرة، يعد نشاط القطاع الصناعي المكثف، داخل نفوذ حوض أبي رقراق والشاوية، من بين أهم عوامل استنزاف المياه، إذ يقدر بحوالي 68 في المئة من النشاط الاقتصادي الوطني من ناحية الإنتاج، تنضاف إليه الكثافة الديموغرافية الكبيرة، إذ يبلغ عدد السكان 8.7 ملايين نسمة مع توقعات بارتفاع هذا العدد لحوالي 13.2 مليون نسمة في أفق 2050.

 

التلوث الصناعي وتهديد جودة المياه

أكدت مصادر «الأخبار» أن ما يثير التخوفات أن الموارد المائية على قلتها تعيش مجموعة من التهديدات والمخاطر، التي من بينها تدهور جودة الموارد المائية، سواء بسبب التلوث المنزلي حيث يتم تصريف 240 مليون متر مكعب في السنة من مياه الصرف الصحي في الوسط الطبيعي، أو التلوث الصناعي إذ توجد 4 مناطق صناعية لها تأثير مباشر على جودة الموارد المائية بالحوض، إضافة إلى المطارح العمومية للأزبال، منها 16 مطرحا عشوائيا و10 مدافن للنفايات.

المصادر ذاتها أوضحت أن التلوث الفلاحي بالمناطق الزراعية التابعة للحوض يؤثر أيضا على الموارد المائية عبر جريان أو تسرب المياه، إذ كشفت الوكالة أن التلوث الناتج عن أسمدة الآزوت والفوسفاط يصل 857 طنا سنويا، والتلوث الناتج عن استعمال المبيدات يصل 35 طنا سنويا، في حين يصل التلوث الناتج عن تربية المواشي إلى 277462 طنا سنويا.

وإضافة إلى ما سبق، كشفت المصادر أن التلوث العرضي للمياه والمرتبط بالحوادث البيئية، إضافة إلى تسرب المياه المالحة داخل الفرشات المائية الساحلية، زيادة على مخاطر الفيضانات، إذ توجد بالحوض عدة مناطق مهددة بالفيضانات تم تحديدها في 100 نقطة سوداء، وفق وكالة الحوض المائي.

 

التوعية والتحسيس.. الحل الأخير

تظل التهديدات قائمة رغم المجهودات التي يتم القيام بها، من خلال الرفع من مردودية شبكة توزيع الماء الصالح للشرب داخل المدار الحضري من 70 إلى 80 في المئة، وجهود الاقتصاد في المياه السقوية عبر حث المزارعين على إعادة تحويل نمط السقي إلى السقي المحلي وذلك بهدف تقليص جلب المياه الجوفية ب30 في المئة.

وتؤكد وكالة الحوض المائي لأبي رقراق والشاوية على عملها على تعبئة الموارد المائية على نطاق واسع من خلال تحلية مياه البحر، إنجاز سد تيداس وبوخميس، الربط بين سد المنع بحوض سبو وسد سيدي محمد بن عبد الله، إضافة إلى التقدم في إنجاز السدود وإعادة معالجة المياه المستعملة، بهدف الوصول إلى 45.6 مليون متر مكعب من المياه العادمة المعالجة في أفق سنة 2050، وكذا تجميع مياه الأمطار.

وفي إطار الجهود نفسها، تم إنجاز 19 محطة للتطهير داخل منطقة نفوذ وكالة الحوض المائي بحجم إجمالي سنوي معالج يبلغ حوالي 32 مليون متر مكعب، ومكافحة التلوث الصناعي، خاصة بالمناطق الصناعية لبرشيد والساحل وعين عتيق وكذلك المشاريع خارج المناطق الصناعية.

وأكدت المصادر المطلعة أن هذه الجهود لا تستطيع القضاء على التهديدات المطروحة، ما دفع وكالة الحوض المائي للعمل على التحسيس بأهمية الحفاظ على الماء من خلال الالتزام بالسلوكات المواطنة، مستهدفة مختلف الفئات من مهنيين وأسر وتلاميذ، هذه الفئة الأخيرة تستفيد سنويا في إطار مشروع أسبوع أقسام الماء من ورشات وخرجات ميدانية، إضافة إلى قيام الوكالة بحملة توعوية واسعة من خلال عرض وترويج كبسولات موجهة إلى التلاميذ وأسرهم وعموم المواطنين على صعيد الحوض.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى