شوف تشوف

الرئيسيةالملف السياسيسياسية

العزل والسجن يتهددان رؤساء جماعات ومنتخبين

تقارير سوداء ترصد اختلالات مالية وإدارية بمجالس الجماعات

بعد سنتين من تدبير مجالس الجماعات الترابية المنبثقة عن الانتخابات الجماعية التي جرت يوم 8 شتنبر 2021، بدأت تظهر بعض الاختلالات المالية والإدارية الخطيرة، كان بعضها موضوع تقارير سوداء أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية. وفي هذا الصدد أحال عبد الوافي لفتيت، وزير الداخلية، مجموعة من هذه الملفات التي تكتسي طابعا جنائيا على أنظار رئيس النيابة العامة، كما أحال ملفات أخرى على المجالس الجهوية للحسابات. ونتج عن هذه الاختلالات تفعيل مسطرة العزل في حق مجموعة من المنتخبين ورؤساء الجماعات، فيما تم اعتقال ومتابعة آخرين أمام القضاء، وهناك لائحة لرؤساء جماعات ومنتخبين سيتم عزلهم أو إحالتهم على محاكم جرائم الأموال، وذلك بعد إنهاء الأبحاث التي قامت بها الفرق الجهوية للشرطة القضائية المكلفة بالجرائم المالية والاقتصادية بولايات أمن الرباط والدار البيضاء وفاس ومراكش، وكذلك الفرق الجهوية للدرك الملكي، بخصوص العديد من الملفات التي أحيلت على النيابة العامة المختصة في جرائم الأموال، فيما ما زالت الأبحاث جارية بخصوص ملفات أخرى، بعضها يخص نوابا ومستشارين برلمانيين.

 

إعداد: محمد اليوبي – النعمان اليعلاوي

مفتشية الداخلية تنجز تقارير سوداء حول تدبير الجماعات

 

تقوم المفتشية العامة لوزارة الداخلية بإنجاز عدد من مهام التفتيش تتمحور حول مراقبة التسيير الإداري والمالي والتقني لبعض الجماعات المحلية والهيئات التابعة لها، والبحث والتحري في تصرفات منسوبة لبعض رجال السلطة، ومراقبة ميدان التعمير ومهام البحث في شأن شكايات أو مواضيع مختلفة والمهام المتعلقة بعمليات تسليم السلط.

وبعد الانتهاء من جميع الأبحاث والتحريات بالجماعات الترابية المعنية، تقوم اللجن التابعة للمفتشية العامة للإدارة الترابية بإعداد تقارير التفتيش والمراقبة وفق المعايير المعمول بها في هذا الميدان، حيث يراعى الاحترام التام لحق الدفاع باعتباره من الحقوق الكونية، إذ تتم، في إطار ما يصطلح عليه بالمسطرة التواجهية، إحالة النتائج المتوصل إليها، عقب الانتهاء من إعداد التقارير، على المنتخبين الجماعيين المعنيين حتى يتسنى لهم إبداء ملاحظاتهم وتقديم تعليلاتهم بخصوص مختلف التجاوزات والمخالفات المنسوبة إليهم. وتنجز هذه اللجن مهام تفتيش وتحر، تتعلق مواضيعها بالتسيير المالي والإداري للجماعات التربية ومراقبة التعمير وتسليم السلط والبحث في التصرفات المنسوبة لبعض رجال السلطة وأعوانهم وبعض الموظفين، والتحقيق في الشكايات المرفوعة ضد المنتخبين أو بميادين أخرى.

وسبق لوزير الداخلة التأكيد، في الجلسة الافتتاحية للقاء الوطني حول دعم الافتحاص الداخلي بالجماعات، الذي نظمته المديرية العامة للجماعات المحلية، على أهمية الافتحاص الداخلي للجماعات، واعتبر أن ورش تكريس الافتحاص الداخلي بالجماعات يأتي في إطار تنزيل مقتضيات الدستور، ويعد عنصرا مهما من عناصر تفعيل الحكامة الجيدة التي أفرد لها الدستور بابا خاصا، نص فيه على إخضاع المرافق العمومية للمراقبة والتقييم وربط المسؤولية بالمحاسبة. وأضاف الوزير أنه، في إطار تعزيز المسار الديمقراطي للمغرب وجعل الجهوية رافعة محورية للتنمية الترابية، تم توسيع اختصاصات الجماعات الترابية وتخفيض مستويات الوصاية والرقابة القبلية عليها. لذلك أصبح من اللازم اعتماد آليات الرقابة الداخلية، كالافتحاص الداخلي الذي يعد أداة لمساعدة القائمين على التدبير المحلي على تقييم مدى استجابة البرامج للخدمات المقدمة للمواطنين، مؤكدا على أن وزارة الداخلية، بكل مكوناتها، ستظل حريصة على مواكبة هذا الورش، خاصة عبر التكوين ودعم القدرات.

ومن بين الملاحظات المسجلة من طرف المفتشية العامة، رصد مجموعة من الاختلالات تتعلق بسوء تدبير قطاع المداخيل بالجماعات الترابية، وضعف تدابير المراقبة الداخلية، ما قد يؤثر سلبا على ممارسة شساعة المداخيل للاختصاصات الموكلة إليها، والإعفاءات غير المبررة للملزمين الخاضعين لبعض الرسوم المحلية واستخلاص الجماعات، دون سند قانوني، لبعض المداخيل، وعدم القيام بالإجراءات اللازمة لتحصيل بعض مداخيل الجماعات، كما هو الحال بالنسبة لواجبات الأكرية والرسم على استخراج مواد المقالع والرسم على عمليات تجزئة الأراضي والرسم المفروض على محال بيع المشروبات والرسم على محطات الوقوف والنقل العمومي والرسم المفروض على شغل الملك العمومي لأغراض تجارية أو صناعية أو مهنية ومداخيل النقل بواسطة سيارة الإسعاف ومنتوج استغلال المياه، إضافة إلى تراكم مبالغ «الباقي استخلاصه».

وأبانت تحريات لجن التفتيش عن وجود مجموعة من الاختلالات على مستوى استخلاص الرسوم والواجبات وأجور الخدمات المستحقة لفائدة ميزانية الجماعات القروية والحضرية، من بينها التقاعس عن إصدار أوامر استخلاص العديد من الرسوم المستحقة لفائدة الجماعة، وذلك خلافا لمقتضيات القانون رقم 97-15 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، والمادة 27 من المرسوم رقم 2.09.441 الصادر في 3 يناير 2010 بسن نظام للمحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها، ومن شأن هذا التقاعس أن يؤدي إلى سقوط جزء مهم من هذه الرسوم في التقادم، وعدم تفعيل مسطرة فرض الرسم بصفة تلقائية عند عدم إدلاء الملزمين بإقراراتهم السنوية المتعلقة ببعض الرسوم المحلية أو عند عدم أدائهم لهذه الرسوم، وعدم قيام الجماعة، بمعية المصالح الضريبية المعنية، بإحصاء الوعاء الضريبي الخاص بالرسم المهني ورسم السكن والرسم على الخدمات الجماعية كما تنص على ذلك مقتضيات القانون رقم 06-47 المتعلق بالجبايات المحلية.

وعلى مستوى تدبير المصاريف، أظهرت مهام مراقبة التدبير المالي والإداري بالجماعات الترابية مجموعة من الاختلالات على مستوى تنفيذ النفقات العمومية، وأبانت، كذلك، عن العديد من النواقص التي طبعت إنجاز المشاريع الجماعية وتسببت في تعثر البعض منها. وتتلخص أهم الملاحظات في إنجاز الجماعات لمشاريع دون الاعتماد على دراسات تقنية مسبقة، وعدم مسك سجلات المحاسبة المتعلقة بالجماعات المحلية ومجموعاتها، سيما دفتر تسجيل حقوق الدائنين والدفتر اليومي لأوامر الأداء الصادرة، وعدم احترام الضوابط القانونية بتنفيذ الصفقات العمومية وخرق المساطر المعمول بها وعدم اعتماد المحاسبة المادية بالنسبة لمقتضيات الجماعة، ما يشكل خرقا لمقتضيات المواد من 111 إلى 113 من المرسوم المتعلق بنظام المحاسبة العمومية للجماعات المحلية ومجموعاتها، فضلا عن إهمال مجموعة من الممتلكات المعطلة من أجهزة ومعدات وآليات بالمخزن الجماعي، رغم إمكانية إصلاحها. ورصد التقرير، أيضا، اختلالات تتعلق بسوء تدبير حظيرة السيارات.

ومن أبرز الملاحظات التي سجلتها المفتشية، في شأن أعمال رؤساء المجالس ومقررات الجماعات الترابية، تدخل نواب الرئيس في شؤون الجماعة وممارسة مهام تدبيرية بدون التوفر على تفويضات بذلك، وعدم اعتماد نظام المحاسبة المادية في تتبع جميع التوريدات والمقتنيات، بالإضافة إلى توقيع نواب الرئيس على وثائق إدارية دون التوفر على تفويضات في مواضيعها. وعلى مستوى تدبير المداخيل والنفقات، سجلت تقارير المفتشية عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لإحصاء الملزمين الخاضعين لمختلف الرسوم الجماعية، والتقصير في تطبيق المقتضيات القانونية في حق الممتنعين عن أداء الرسوم٠

وأظهرت مهام التفتيش، التي شملت جوانب مختلفة من التدبير المالي والإداري بالجماعات الترابية، مجموعة من الاختلالات، خاصة على مستوى تنفيذ الطلبيات العمومية، وأبانت، كذلك، عن العديد من النواقص التي طبعت إنجاز بعض المشاريع وتسببت في تعثر البعض منها، ويتعلق الأمر بعدم احترام مقتضيات دفتر التحملات بخصوص إنجاز أشغال الصفقات، وأداء مبلغ عن خدمات لم تنجز، وأداء مبالغ متعلقة بسندات طلب دون الإنجاز الكامل للأشغال، واللجوء المتكرر إلى عدد محدود من الموردين، واللجوء إلى تسوية وضعية نفقات باللجوء لسندات الطلب، بالإضافة إلى تسليم أشغال صفقة بالرغم من عدم احترام المواصفات التقنية المنصوص عليها بدفتر الشروط الخاصة٠

وأكدت مفتشية الداخلية أن تسيير قطاع التعمير يعرف مجموعة من الاختلالات تتعلق، خصوصا، بعدم احترام الضوابط القانونية، ومنها تسليم رخص بناء فوق بقع ناتجة عن تقسيم وتجزيء غير قانونيين، وتسليم رخص ربط بشبكة الكهرباء في غياب رخص السكن أو التصريح بانتهاء الأشغال وإغلاق الورش، بالإضافة إلى منح شواهد إدارية غير قانونية من أجل بيع قطع أرضية أو تحفيظها، ناتجة عن تجزيء غير قانوني، وقيام بعض نواب الرئيس بمنح رخصة بناء رغم عدم توفرهم على تفويض في ميدان التعمير. وفضلا عن ذلك لاحظت تقارير المفتشية تسليم رخص انفرادية دون الأخذ بالرأي الملزم للوكالة الحضرية لبنايات متواجدة في مناطق محرمة البناء وبنايات غير قانونية لا تحترم تصميم التهيئة وتصاميم إعادة الهيكلة وبنايات لا تحترم كناش تحملات التجزئات المعنية بها٠

ورصدت المفتشية العامة، أيضا، قيام بعض رؤساء الجماعات بالإشهاد على تصحيح عقود عرفية تهم عقارات ناتجة عن تقسيم غير قانوني، ومنح رخص السكن لبنايات رغم مخالفتها لتصميم التهيئة أو التصاميم الهيكلية أو التصاميم المرخصة، وإدخال تغييرات بطريقة غير قانونية على مشروع مرخص مع الترامي على الملك العام، وتسليم رخص إصلاح لأشغال تستدعي الحصول على رخص بناء.

مجالس المدن الكبرى.. صراعات وتطاحنات حصيلة عامين من التدبير

 

تعيش أغلب المجالس المحلية للمدن الكبرى حالة من الصراعات والأزمة ظاهرة كانت أو خفية، مردها إلى غياب الانسجام بين مكوناتها، وافتقاد بعضها لرؤية، بعد أكثر من عامين على انتخابها، كما هو الشأن بالنسبة إلى مجلس مدينة الرباط، فبعد مضي سنتين من انتخاب أعضاء المجلس الجماعي والمكتب المسير بجماعة الرباط، التي تُسير بتحالف سياسي ثلاثي يضم حزب الاستقلال والأصالة والمعاصرة، برئاسة التجمع الوطني للأحرار، هذا التحالف الذي كان يعرف نوعا من الاستقرار خلال بداية المرحلة، لكن سرعان ما تحولت هذه الهدنة إلى صراعات وتطاحنات بين عمدة الرباط وأغلبيتها ومعارضتها ودخلوا في دوامة من الخلافات السياسيوية، الأمر الذي أثار غضبا واسعا وشعورا بالقلق والإحباط لدى سكان العاصمة الذين كانوا ينتظرون أن يقدم التحالف الثلاثي المسير للجماعة ملفات حقيقية وملموسة تخرج المجلس من حالة «البلوكاج» الحالي.

وتحول الصراع داخل مجلس جماعة الرباط إلى خلاف جماعي مباشر مع العمدة أسماء أغلالو، بعدما بدأ كخلاف شخصي بين بعض النواب والأعضاء مع العمدة، بسبب ما يسمونه «انفرادها في التسيير واتخاذ القرارات الانفرادية في تدبير وتسيير المجلس، وسحب التفويضات من بعضهم»، مما جعل الصراع يتطور إلى تحالف كبير يضم كل فرق الأغلبية وحتى من فرق المعارضة، للإطاحة بالعمدة، حسب تصريحاتهم وبلاغهم، في الوقت الذي تسبب هذا الصراع في حالة جمود يعيشها المجلس منذ ما يزيد على ستة أشهر، مقابل فشله في تمرير ميزانية المدينة للسنة المقبلة، بعد رفض المستشارين من الأغلبية والمعارضة التصويت عليها.

وعلى الحال نفسها، يعيش مجلس مدينة وجدة الذي لم يتمكن بدوره من التصويت على ميزانيته للسنة القادمة، وتَكَشَّفَ أن صراعات أجنحة وتيارات داخل المجلس، كانت وراء الإطاحة بمشروع الميزانية المعروض على أنظار المجلس، وكذا التقليص من شعبية الرئيس العزاوي الذي حظي بـ45 صوتا خلال انتخابه رئيسا لمجلس جماعة وجدة، في النقطة المرتبطة بتعيين مندوب لتمثيل المجلس لدى مجموعة الجماعات الترابية «الشرق للتوزيع»، وبعد نقاش مستفيض والدفع من أجل تعيين رئيس المجلس مندوبا لدى مجموعة الجماعات، تم التصويت ضده وهي النقطة التي تم عرضها في جلسة الميزانية التي تم رفضها كذلك، وهو ما يؤكد أن طريقة التدبير والتسيير التي ينهجها الرئيس في تدبير أمور الجماعة من جهة، وفي التعامل مع أعضاء المجلس، خصوصا مكونات الأغلبية، باتت مرفوضة من لدن أغلبيته ورفاقه في الحزب الذين يطالبونه بنهج طريقة التدبير التشاركي والتشاور، عوض التسيير الانفرادي الأحادي.

وذهب بعض الأعضاء إلى أن ما وقع هو تحصيل حاصل، والدليل على ذلك هو عدم انعقاد الدورة العادية برسم شهر أكتوبر في وقتها، بدعوى عدم اكتمال النصاب القانوني. أضف إلى ذلك دخول بعض الأطراف من خارج المجلس على الخط، حيث عملت على التنسيق مع أعضاء من داخل المجلس لإضعاف الرئيس والإطاحة بالنقاط، خصوصا النقطة المتعلقة بمشروع الميزانية. علما أن هذه الأطراف الخارجية سبق لها وأن دافعت عن تمرير ميزانية 2023، وهو التدخل الذي رفضه حينها العديد من الأعضاء الذين صوتوا اليوم بلا على المشروع المعروض.

وبدوره لم يسلم مجلس مدينة فاس من تبعات الصراعات السياسية، وتفجرت اتهامات بين الأعضاء بالفساد، كما كانت النيابة العامة قررت متابعة عمدة فاس عبد السلام البقالي، وكاتبه سفيان الدريسي في حالة سراح مؤقت، وتقررت متابعة المتهمين بتهم تتعلق بـ«اختلاس وتبديد أموال عمومية، استغلال النفوذ، التزوير في محرر رسمي واستعماله، أخذ منفعة من مشروع يتولى إدارته».

وكان الوكيل العام لدى محكمة الاستئناف بفاس قد أمر بوضع 15 شخصا تحت تدابير الحراسة النظرية، بينهم موظفون بجماعة فاس ومقاولون ومنتخبون، يتزعمهم الاتحادي عبد القادر البوصيري، النائب البرلماني، ونائب العمدة، بالإضافة إلى منسق حزب الاتحاد الدستوري بفاس، وشرعت الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بأوامر من النيابة العامة في الاستماع إلى المتهمين في قضايا تتعلق باختلالات في تدبير المال العام والتلاعب بصفقات عمومية.

البوصيري ومن معه متورطون في العديد من القضايا، أهمها اختلالات شهدتها ملاعب القرب في مدينة فاس، والتلاعب في ممتلكات الجماعة، في ما بات يعرف بقضية «سيارات المحجز البلدي»، التي تم اعتبارها غير صالحة للعمل، في حين أنه قد تم بيعها بثمن بخس، هذه القضية تورط فيها منسق الاتحاد الدستوري.

وبدوره، يعيش المجلس الجماعي لطنجة مخاضا مؤلما نتيجة لأزمات وصراعات داخلية حادة تقف حاجزا لتحقيق ﺍﻟﺘﻨﻤﻴﺔ المنشودة، نتيجة تحول المجلس بكل مكوناته السياسية، إلى حلبة للصراع والتطاحن، بما فيها أحزاب التحالف الثلاثي المكون من التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال، التي تخلت هي الأخرى عن دورها في تدبير الشأن العام وساهمت في تأجيج فتيل الحرب داخل أسوار الجماعة.

وتشتعل جذوة الصراع يوما بعد يوم وتتجه من سيئ إلى أسوأ، سيما بعد أن بدت جلية معالم التفكك والانشقاق داخل الأغلبية، التي تضم أحزاب الأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال والاتحاد الدستوري، على خلفية الحملات العدائية التي يقودها في الخفاء حزب الأغلبية بتزكية من أحزاب المعارضة وأعضاء من داخل الأغلبية، من أجل الإطاحة بعمدة المدينة، منير ليموري، المنتمي لحزب «البام»، نتيجة صراعات حزبية وشخصية وصفها المتتبعون للشأن المحلي بـ«الضرب من تحت الحزام».

رؤساء جماعات مهددون بالسجن والعزل

 

أفادت مصادر مطلعة «الأخبار» بأنه بعد زلزال الاعتقالات الذي ضرب جماعة فاس، هناك دفعة جديدة للمنتخبين الجماعيين ورؤساء الجماعات سيحالون على القضاء في الأيام المقبلة، إثر رصد اختلالات مالية وإدارية خطيرة من طرف أجهزة الرقابة، كانت موضوع تقارير سوداء أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية والمفتشية العامة للمالية، والمجالس الجهوية للحسابات.

وكانت زينب العدوي، الرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، قد أكدت خلال عرضها لتقرير المجلس الأعلى للحسابات برسم سنة 2021، في جلسة مشتركة لمجلسي النواب والمستشارين، أن الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات، أحال خلال الفترة الممتدة من 2021 إلى غاية 28 أبريل 2023، على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، 18 ملفا تتضمن أفعالا واختلالات تكتسي طابعا جنائيا، وذلك قصد اتخاذ المتعين بشأنها وفق المساطر الجاري بها العمل، من بينها 14 ملفا تخص جماعات ترابية موزعة على 10 جهات.

وأحال وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، 18 تقريرا أسودا أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية، على أنظار رئيس النيابة العامة، الحسن الداكي، والرئيس الأول للمجلس الأعلى للحسابات، زينب العدوي، من أجل اتخاذ المتعين بشأنها، وتتعلق هذه التقارير باختلالات رصدتها المفتشية في تدبير الجماعات الترابية.

وأفاد تقرير لوزارة الداخلية، بأنه تم اتخاذ 93 إجراء بخصوص مخالفات قانونية واختلالات وخروقات مالية وإدارية منسوبة لرؤساء مجالس الجماعات الترابية ومجالس العمالات والأقاليم، وذلك بناء على تقارير أنجزتها المفتشية العامة للإدارة الترابية، وتتوزع هذه الإجراءات بين اتخاذ تدابير تقويمية بلغ 44 ملفا، فيما تمت إحالة 23 تقريرا تتعلق بأطر وأعوان الإدارية الترابية على الجهات الإدارية المختصة من أجل اتخاذ الإجراءات الملائمة، وإحالة 8 ملفات على القضاء الإداري من أجل تفعيل مسطرة العزل في حق رؤساء وأعضاء مجالس جماعات من طرف السلطات الإقليمية المعنية، وأشار التقرير إلى مباشرة مسطرة إحالة أربعة ملفات تتضمن أفعالا تشكل قرائن لمخالفات تستوجب المسؤولية في مادة التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية على المجالس الجهوية للحسابات، وإحالة 14 ملفا تكتسي صبغة جنائية على أنظار رئاسة النيابة العامة لاتخاذ المتعين بشأنها، وأفادت المصادر بأن أغلب هذه الملفات تخص جماعات تتواجد بأقاليم مراكش وطنجة وتطوان وشفشاون والحسيمة والناظور والقنيطرة وتازة وسيدي سليمان وسيدي قاسم …

وأوضح التقرير أن الإجراءات والتدابير المتخذة تختلف حسب طبيعة الخروقات المرتكبة، فمنها ما يكتسي طابعا تقويميا أو تأديبيا ومنها ما يتم إحالته على السلطات القضائية المختصة، ولفت التقرير إلى أنه بالنسبة للاختلالات التي لا تكتسي طابع الجسامة، التي ليس لها وقع على مالية الجماعة وعلى الخدمة الموجهة للمواطن، والتي يمكن تداركها باتخاذ بعض الإجراءات التقويمية، حرصت لجان التفتيش على اقتراح مجموعة من التوصيات لتصحيح الاختلالات المسجلة وتسوية الوضعية، وكذا لتفادي تكرارها مستقبلا.

وبخصوص الحالات التي يتم بشأنها تسجيل خروقات أو تجاوزات في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، أكد التقرير أنه تتم الإحالة على وكيل الملك لدى المحاكم المالية المختصة، كما أنه كلما ثبت ارتكاب أفعال جسيمة مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل أو مخالفة لأخلاقيات المرفق العام أو تمس بمصالح الجماعة، فإنه يتم، بمبادرة من السلطات الإقليمية المعنية، تفعيل مقتضيات المادة 64 من القانون التنظيمي رقم 113.14 المتعلق بالجماعات. أما بخصوص الأفعال ذات الصبغة الجنائية، فتتم إحالتها على السلطات القضائية المختصة.

وأبرز التقرير أن الإجراءات التقويمية المتخذة تبعا لمهام التفتيش والبحث المنجزة، شكلت نسبة 47 في المئة من مجموع التدابير المتخذة، متبوعة بإجراء إحالة تقارير مهام البحث بخصوص مجالات تدخل الإدارة الترابية على الجهات الإدارية المختصة بنسبة 25 في المئة، أما الإحالة على النيابة العامة المختصة فتمثل 15 في المئة من مجموع التدابير المتخذة.

وبخصوص نتائج مهام التفتيش والبحث، يضيف التقرير، تتبنى المفتشية العامة للإدارة الترابية مسطرة عمل تتوخى الموضوعية والحياد والسرية وفق الضوابط المهنية والأخلاقية، حيث يتم عرض الأفعال المسجلة على المعنيين بها، ومنحهم أجالا معقولة للرد والتعليق عليها، وإبداء ملاحظاتهم بشأنها قبل إنجاز التقارير النهائية وفقا للمعايير المعمول بها في هذا الميدان.

وكشف التقرير، أنه تبعا لطلبات مهام التفتيش الواردة عليها من مصادر متنوعة ومتعددة (مصالح مركزية، ولاة وعمال، منتخبون، مجتمع مدني مواطنون …)، والتي قد تفيد بعد إجراء أبحاث أولية بوجود تجاوزات على مستوى تدبير الشأن الترابي تستوجب إيفاد لجان تفتيش، قامت المفتشية العامة للإدارة الترابية ببرمجة وإنجاز مجموعة من مهام التفتيش والبحث في ميادين مختلفة.

وفي هذا الإطار، تم تدبير ملفات ما مجموعه 70 مهمة منها 39 مهمة تتعلق بأفعال منسوبة لرؤساء المجالس وأخرى متعلقة بمقررات مجالس الجماعات تضم 24 مهمة منجزة خلال سنة 2023 ، و 15 مهمة خلال سنة 2022 تم استكمال تدبيرها خلال السنة الجارية،  و 14 مهمة تتعلق بمجال تدخل الإدارة الترابية تضم 7 مهام منجزة خلال سنة 2023، و 7 مهام خلال سنة 2022 ، و 17 مهمة بحث ذات مواضيع مختلفة من بينها 4 مهام أنجزت خلال سنة 2022، وتم استكمال الإجراءات المتعلقة بها خلال السنة الجارية.

وقامت المفتشية العامة للإدارة الترابية بتدبير 14 مهمة بحث على مستوى مجال تدخل الإدارة الترابية، خلصت إلى تسجيل عدة ملاحظات تهم مجال مراقبة وزجر مخالفات التعمير والبناء. ويتم في حالة ثبوت المسؤولية الشخصية، إعمال المسطرة الملائمة وفقا لما تنص عليه القوانين والأنظمة الجاري بها العمل لاتخاذ التدابير القانونية اللازمة.

وفيما يخص مهام التفتيش المتعلقة بتدبير أراضي الجماعات السلالية أبرزت تقارير لجان التفتيش مجموعة من الملاحظات بخصوص تدبير أراضي الجماعات السلالية تتعلق أساسا بالترامي على هذه الأراضي من خلال الإشهاد على صحة إمضاءات تنازلات عرفية بخصوصها ومنح شواهد إدارية بشأنها دون احترام المقتضيات المعمول بها.

وفي إطار مواكبة السادة ولاة وعمال الأقاليم والعمالات أنجزت المفتشية العامة للإدارة الترابية 39 مهمة متعلقة بمراقبة أعمال رؤساء المجالس ومقررات مجالس الجماعات الترابية. وقد انصبت أهم الملاحظات المسجلة على جوانب التسيير الإداري ( تفويضات غير قانونية، تنازع المصالح….)، وتدبير المداخيل (غياب الإحصاءات، عدم الاستخلاص، سوء تدبير بعض المرافق، …)، وتدبير المصاريف (الإخلال بالمنافسة، عدم مطابقة الأشغال للمواصفات التقنية، …)، بالإضافة إلى خروقات في مجال التعمير، وأغلبها يتعلق بإصدار قرارات فردية غير قانونية.

متابعة 137 منتخبا أمام القضاء ضمنهم 43 رئيس جماعة

 

أفاد تقرير صادر عن وزارة الداخلية بأن عدد المتابعات القضائية في حق أعضاء مجالس الجماعات الترابية بلغ 137 منتخبا، ضمنهم رؤساء جماعات ونواب للرئيس ومستشارون جماعيون ورؤساء سابقون، وذلك بسبب ارتكابهم لأفعال مخالفة للقانون.

وأوضح التقرير، الذي أحاله وزير الداخلية، عبد الوافي لفتيت، على لجنة الداخلية بمجلس النواب، أنه، في إطار تتبع الوزارة للمتابعات القضائية في حق منتخبي مجالس الجماعات الترابية الرائجة أمام المحاكم المختصة، وترتيب الآثار القانونية للأحكام القضائية الصادرة بشأنها على وضعية المنتخبين المعنيين بمجالس الجماعات الترابية، سيما التشطيب عليهم من اللوائح الانتخابية، وبالتالي عدم أهليتهم لممارسة المهام الانتدابية، فقد بلغ عدد المتابعات القضائية في حق أعضاء مجالس الجماعات الترابية 137 حالة، تتعلق بـ 43 رئيس جماعة، و23 نائبا للرئيس، و49 مستشارا جماعيا، و22 رئيس جماعة سابقا.

وحسب التقرير، فقد توصلت وزارة الداخلية، خلال هذه السنة، بما مجموعه 193 شكاية، من بعض أعضاء مجالس الجماعات الترابية والمواطنين وجمعيات المجتمع المدني، تتعلق بالمخالفات المرتكبة في المجال المالي والإداري ومجال التعمير وربط بعض منتخبي الجماعات مصالح خاصة مع جماعاتهم. وتمت إحالة بعض هذه الشكايات على المفتشية العامة للإدارة الترابية، كما تمت إحالتها على ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم المعنية، لإجراء بحث في مضمونها والتأكد من صحتها وموافاة وزارة الداخلية بتقارير في هذا الشأن، وعند الاقتضاء اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة.

وحسب التقرير، فإن المديرية العامة للجماعات الترابية تقوم، من خلال مديرية المؤسسات المحلية، بدور محوري في ضمان حسن سير مجالس الجماعات الترابية وكذا تتبع الوضعية القانونية لمنتخبي هذه المجالس من خلال مواكبة ولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم وعمالات المقاطعات من أجل التطبيق السليم للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل.

وقامت المديرية العامة بإعداد دورية لرؤساء مجالس الجماعات الترابية تبين الإجراءات والمسطرة الواجب اتباعها من أجل تفعيل وتطبيق مقتضيات مسطرة عزل المنتخبين الذين ثبت ارتكابهم لأفعال مخالفة للقوانين والأنظمة الجاري بها العمل، كما قامت بإعداد دورية تروم توضيح المقتضيات القانونية المتعلقة بتنازع المصالح بين المنتخبين والجماعات الترابية التي ينتمون إليها أو مع هيئاتها (مؤسسات التعاون أو مجموعات الجماعات الترابية التي تكون الجماعة الترابية عضوا فيها أو شركات التنمية التابعة لها…)، والإجراءات الواجب اتخاذها في هذا الصدد.

وسجلت تقارير الافتحاص وجود اختلالات في تدبير الصفقات العمومية، تتجلى في إقصاء متنافسين بدون مبرر، ومنح صفقات أشغال لمقاولات مراجعها التقنية غير كافية، والأداء مقابل أشغال غير مطابقة للشروط المطلوبة، وعدم تطبيق الغرامات في حق المقاولات التي لا تحترم التزاماتها التعاقدية، وظهور عيوب في الأشغال المنجزة والمستلمة. وسجلت التقارير، كذلك، اختلالات في تدبير سندات الطلب، من خلال إسناد سندات الطلب لشركات بعينها والإشهاد على تنفيذ الخدمة قبل الالتزام بالنفقات وقبل الإنجاز الفعلي لها، وعدم استرداد المبالغ المترتبة على الفارق المسجل في برنامج الاستثمار غير المنجز من طرف الشركة المفوض لها تدبير قطاع النظافة.

ويعرف تسيير قطاع التعمير مجموعة من الاختلالات تتعلق، خصوصا، بعدم احترام الضوابط القانونية والتنظيمية المعمول بها في هذا الميدان. ويمكن إجمال أهم الملاحظات المسجلة من طرف لجان التفتيش في منح رخص بناء انفرادية دون عرض ملفاتها على اللجنة الإقليمية للتعمير ودون الأخذ برأي الوكالة الحضرية، وتسليم أذونات تقسيم دون عرض ملفاتها على لجنة التعمير، ومنح شواهد إدارية تفيد بأن بعض عمليات البيع والتقسيم غير خاضعة للقانون رقم 25.90 المتعلق بالتعمير، والحال أن هذه العمليات تستدعي الحصول على إذن بالتجزيء أو التقسيم، والتسلم المؤقت لأشغال التجزئات العقارية رغم رفض لجنة التسلم، وتسليم رخص إصلاح تستغل في إنجاز أشغال بناء، وتسلیم شواهد إدارية للربط بالكهرباء بدل رخص السكن وشواهد المطابقة، وتسلیم شواهد مطابقة من طرف مهندسين معماريين بخصوص بنايات لم تنته بها الأشغال أو تم إنجازها بشكل مخالف للتصاميم المرخصة. ورصدت المفتشية العامة للداخلية، أيضا، وجود تعثر في إنجاز مشاريع وتجزئات سكنية، وحالة التعثر والجمود التي تعرفها بعض المجالس، وكذلك تسجيل خروقات واختلالات في تدبير ملفات التعمير والبنايات ذات الصبغة التاريخية والمعمارية.

ومن بين الاختلالات عدم فرض وتحصيل الرسوم والواجبات المستحقة، وأكد التقرير أن عدة جماعات تعاني من قصور في فرض واستخلاص رسوم وواجبات مستحقة لفائدتها، حيث تم الوقوف، في العديد من الحالات، على عدم فرض استخلاص معظم الرسوم والواجبات المستحقة للجماعات، كالرسم على الإقامة بالمؤسسات السياحية، وواجبات التعويض عن الاحتلال غير القانوني للملك العمومي، والرسم على النقل العمومي للمسافرين، وكذا الجزاءات عن عدم التصريح بالتأسيس، والرسم على الأراضي الحضرية غير المبنية، والرسم المفروض على محال بيع المشروبات، والرسم على الذبح في المجازر والرسم على عمليات البناء، …إلخ. ولوحظ، كذلك، أن عددا كبيرا من مكتري المحلات التجارية والدور السكنية الجماعية لا يؤدون الواجبات المستحقة عليهم لفائدة الجماعات المعنية، وبالمقابل لم تقم هذه الأخيرة باتخاذ الإجراءات اللازمة في حق المتقاعسين من الملزمين من أجل استيفاء تلك المستحقات، ما ينتج عنه تقادم العديد من المداخيل الجماعية.

بنيونس المرزوقي أستاذ القانون العام بكلية الحقوق بوجدة

«القانون التنظيمي للجماعات الترابية يلزمه التدقيق والصراعات السياسية تعيق تنفيذ مشاريع التنمية»

 

– ما هو تأطير العلاقة بين الجماعات  المحلية والسلطات المحلية؟

تنبغي الإشارة في البداية إلى أنه رغم أن العلاقة تظهر على أنها غير متكافئة بين  المجالس المحلية من مجالس  الجهات والعمالات والأقاليم ومجالس الجماعات والمقاطعات، من جهة، والسلطات المحلية كممثل للسلطة المركزية من جهة ثانية، رغم أن الدستور أوجد أسسا يمكن الاعتماد عليها للرفع من مكانة الجماعات الترابية، حيث يشير  الفصل الأول من  الدستور إلى أن التنظيم الترابي في المملكة هو تنظيم لا مركزي يقوم على الجهوية المتقدمة، ومعنى ذلك أن هذا التنظيم اللامركزي مسألة مهمة جدا لذلك تم تضمينها في الفصل الأول من الدستور الذي ضم نظام الحكم بالمغرب والنظام  الدستوري بالمملكة وثوابت الأمة، غير أنه مع الأسف القائمون على شؤونه في وضعية ضعيفة تجاه العمال بصفة خاصة ووزارة الداخلية بصفة عامة، حيث إن  العلاقة كما تظهر من الدستور نفسه تبدو مختلة، وهذا يظهر جليا في الفصل 145 والذي يتضمن إشارة غريبة، من خلال تنصيصه على أنه «يعمل الولاة والعمال باسم الحكومة على تأمين تطبيق القانون»، ومن هذه الصيغة يمكن أن يفهم منها أنه منذ البداية فرضنا على أن  الجماعات المحلية لا تعمل على تطبيق القانون، لذلك فرضنا عليها سابقا  الوصاية واليوم المراقبة، والمفروض أن يتم التنصيص على أن جميع السلطات سواء المركزية أو اللامركزية ينبغي أن تعمل على تأمين تطبيق القانون، وليس  الوالي أو  العامل لوحده، ولذلك نشأت علاقة غير متكافئة، نتيجة هذا الامتياز من ناحية، ومن ناحية أخرى، أن وزارة  الداخلية لما تتوفر عليه من إمكانيات قادرة على القيام بعملية مراقبة ما تقوم به هذه الجماعات الترابية، بمعنى أن هذه العلاقة غير مؤطرة بالشكل الإيجابي، لأننا لم ندمج رؤساء مجالس العمالات والجماعات والمقاطعات ضمن  المسؤولين عن تطبيق القانون. وبالعودة للقوانين التنظيمية الثلاثة نجد أن الرئيس مسؤول فقط عن تنفيذ مداولات المجلس، وكأنه غير معني بتنفيذ القانون، لذا وجب تصحيح هذا الأمر، ثم يجب منح الجماعات وسائل العمل التي تمكنها من الحصول على الاستقلالية لاشتغالها عوض إخضاعها للمراقبة، وإن كان في الواقع هناك تغيير إيجابي وتطور كبير حيث كنا نتحدث في السابق عن الوصاية، وهي التي كانت تتيح للسلطة  المحلية القيام بأعمال مباشرة تجاه رئيس  المجلس أو المكتب أو الأعضاء، وقد تطور هذا  الأمر مع دستور 2011 والقوانين التنظيمية الجديدة التي جعلت من السلطة المحلية سلطة المراقبة، وبالتالي كل النزاعات يرفعها العامل إلى المحاكم الإدارية التي تقوم بما يلزم.

 

– ما هي خلفيات تحريك المتابعات القضائية في حق منتخبين من هذه المجالس أخيرا؟

 

إن هذا الأمر يرجع إلى انتقال المغرب من نظام الوصاية إلى نظام المراقبة، فنظام الوصاية كان يعطي للعامل سلطات تجاه المجلس والمكتب ورئيس المجلس، حيث كان يتيح له توقيف الأعضاء أو عزل أحدهم أو حتى رئيس المجلس، أما النظام الثاني الذي بات يطبق اليوم لا يتيح للعامل هذه الإمكانية بل مجرد تحريك الدعوى أمام المحكمة الإدارية التي تصدر حكمها القضائي في الموضوع، وبالتالي فالعامل لا يقوم لا بعزل أو حل المجلس، والمحاكم الإدارية هي التي أصبحت صاحبة الاختصاص، غير أنه لا يجب لهذا أن يحجب عنا أن تحريك هذه المتابعات راجع إلى خرق في تطبيق القانون من لدن هؤلاء المنتخبين، وبالتالي فدوره في السهر على تطبيقه ، يجعل العامل يلجأ إلى  القضاء الإداري وتحريك الدعوى القضائية أمام المحكمة الإدارية، وهذا الأمر إيجابي حيث سيحول دون وقوع حزازات بين المجلس والسلطات المحلية، ويجعل الحكم يحمل الطابع القضائي القابل للطعن وفق مختلف مراحل  التقاضي، وهذا أمر مهم جدا .

 

– كيف  تعيق الصراعات السياسية عمل المجالس المحلية ؟

من المؤكد أن الصراعات السياسية تقلص من حصيلة الجماعات الترابية، ويكفي من أن نستدل على ذلك بما يقع من نزاعات حول ميزانية الجماعات، وأخص بالذكر هنا جماعتي الرباط ووجدة، والتي على الرغم من أن رأسيها يتوفران على أغلبية مريحة، حتى من داخل حزبه، فإنه لم يحصل على موافقة المجلس على  الميزانية، إذن فمن المؤكد أن هذه الخلافات تعرقل سير  الجماعة وإمكانيات تنفيذ برامجها أو حتى وعود المنتخبين، لذلك أعتقد بأن القانون التنظيمي للجماعات الترابية بمختلف أصنافها، يلزمه المزيد من التدقيق  في هذه الجوانب التي لا تكون في صالح الساكنة، فمسألة تكليف وكالات أو بنيات إدارية مستقلة بتنفيذ التنمية قد يعالج المشكل مؤقتا، وإن كان من اللازم أن تكون الهيئات  المنتخبة محليا هي  الساهرة على تنزيل المشاريع التنموية، من هذا المنطلق، وجب التأكيد على أننا في حاجة إلى انتماءات حزبية حقيقية تمكن المنتخبين من العمل في أريحية حزبية وسياسية جماعية، وبعد ذلك يمكن محاسبتهم خلال  المحطة الانتخابية.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى