محمد اليوبي
أفاد تقرير المجلس الأعلى للحسابات بأن المحاكم المالية أصدرت خلال سنة 2023 وإلى حدود متم شهر شتنبر 2024، 86 قرارا وحكما في مجال التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، بلغ مجموع غراماتها ما قدره 5.056.500,00 درهم، مع الحكم بإرجاع مبلغ يصل إلى 9.148.973,42 درهما. كما أحال الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا للنيابة العامة، 16 ملفا تتعلق بأفعال قد تستوجب عقوبة جنائية.
وأوضح تقرير المجلس أنه اعتبارا لكون بعض الأفعال التي تكون موضوع متابعات أمام المحاكم المالية قد تندرج أيضا ضمن جرائم الاعتداء على المال العام، نصت المادة 111 من مدونة المحاكم المالية على أن المتابعات أمام المحاكم المالية لا تحول دون ممارسة الدعوى الجنائية، وطبقا لمقتضيات المادتين 111 و162 من مدونة المحاكم المالية، يرفع الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض بصفته رئيسا للنيابة العامة، الأفعال التي يكتشفها هذا المجلس أو المجالس الجهوية للحسابات، والتي يظهر أنها قد تستوجب عقوبة جنائية، وذلك قصد اتخاذ ما يراه ملائما. وفي هذا الإطار، يضيف التقرير، أحال الوكيل العام للملك لدى المجلس الأعلى للحسابات على الوكيل العام للملك لدى محكمة النقض، بصفته رئيسا النيابة العامة، خلال الفترة ما بين سنة 2023 إلى متم شهر شتنبر 2024، 16 ملفا، وذلك قصد اتخاذ المتعين بشأنها، ويتعلق الأمر بقرائن على أفعال ذات صبغة جنائية مرتبطة بمجالي تنفيذ الصفقات والتعمير أو متعلقة بمنافع شخصية غير مبررة أو بالإدلاء بشهادات مرجعية للولوج للطلبيات العمومية تتضمن معطيات غير صحيحة، وتخص هذه الملفات 11 جماعة ومؤسستين عموميتين ومؤسسة عمومية محلية وشركتين.
وقامت هيئات المحاكم المالية في مجال مراقبة التسيير وتقييم البرامج والمشاريع العمومية خلال شهري شتنبر وأكتوبر 2024، بتوجيه 13 ملفا بخصوص قرائن على أفعال قد تستوجب عقوبة جنائية إلى النيابة العامة لديها لاتخاذ المتعين بشأنها. وتتعلق هذه الملفات بثماني جماعات وثلاثة أقاليم وجهة واحدة ومؤسسة عمومية واحدة، ويتعلق الأمر بقرائن على أفعال مرتبطة بالتعمير، وبتدبير شؤون الموظفين والأعوان العموميين، وبتدبير الصفقات العمومية أو بمنافع شخصية غير مبررة.
وعلى مستوى الملفات الرائجة في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية أمام المحاكم المالية، بلغ عددها ما مجموعه 297 ملفا، تم البت في 86 منها بقرارات وأحكام بالغرامة بما مجموعه 5.056.500,00 درهم، وأحكام بإرجاع المبالغ المطابقة للخسارات التي تسببت فيها المخالفات المرتكبة بالأجهزة المعنية بما مجموعه 9.148.973,42 درهما.
وبخصوص مصدر هذه القضايا، وكما هو الشأن منذ دخول مدونة المحاكم المالية حيز التنفيذ، وبالنظر إلى السلطات المؤهلة لرفع القضايا في إطار التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية، فإن 92 في المائة من القضايا الرائجة أمام المجلس، كان مصدرها الهيئات التداولية الداخلية بالمجلس، أما على مستوى المجالس الجهوية للحسابات، فقد شكلت طلبات رفع القضايا الواردة من مصدر خارجي نسبة بلغت 21 في المائة من مجموع طلبات رفع القضايا، حيث انفردت وزارة الداخلية برفعها، وفي المقابل، شكلت طلبات رفع القضايا من مصدر داخلي 79 في المائة من مجموع هذه الطلبات. بالإضافة إلى ذلك، تم إيداع 36 طلب رفع قضية جديد لدى النيابة العامة بالمحاكم المالية من طرف هيئات داخلية.
ومن حيث طبيعة الأجهزة والأشخاص المتابعين في إطار الملفات الرائجة، فمثلت المؤسسات العمومية نسبة 75 في المائة من الأجهزة موضوع القضايا المرفوعة أمام المجلس في ميدان التأديب المتعلق بالميزانية والشؤون المالية (3 جامعات و3 غرف مهنية و3 مؤسسات أخرى)، فيما بلغت نسبة مرافق الدولة 25 في المائة (مديرية مركزية ومصلحة لاممركزة ومصلحة مسيرة بطريقة مستقلة).
وتوزعت فئات الأشخاص المتابعين، في إطار هذه القضايا الرائجة، ما بين الآمرين والآمرين المساعدين بالصرف بنسبة 52 في المائة (مديرون عامون لمؤسسات عمومية وشركات تابعة لإحدى تلك المؤسسات ومديرون مركزيون ومسؤولون عن مصالح لاممركزة لوزارات)، ونسبة 20 في المائة في ما يخص المستويات الوظيفية التنفيذية (رؤساء أقسام ومصالح)، و28 في المائة بالنسبة إلى الموظفين والأعوان.
أما على مستوى المجالس الجهوية للحسابات، فقد همت القضايا الرائجة 110 أجهزة، شكلت الجماعات الجزء الأكبر منها بنسبة 93 في المائة (103 جماعات) تليها الأقاليم بنسبة 3 في المائة (ثلاثة أقاليم)، ثم جهتان بنسبة 2 في المائة ومجموعتا جماعات بنسبة 2 في المائة. وقد توبع في إطار هذه القضايا 253 شخصا موزعين ما بين 122 رئيس مجلس جماعة ترابية أو مؤسسة عمومية محلية، أي ما يمثل 48 في المائة من مجموع الأشخاص المتابعين، (115 رئيس مجلس جماعي و3 رؤساء مجالس إقليمية و4 رؤساء مجالس مؤسسات تعاون أو مجموعات جماعات)، و62 موظفا وتقنيا (24 في المائة)، وتوزعت المتابعات المتبقية، أي 28 في المائة، ما بين 19 شسيع مداخيل و17 رئيس مصلحة و12 نائب رئيس مجلس محلي و8 رؤساء أقسام و8 مديرين (مديرو مصالح وموارد بشرية ووكالة جهوية لتنفيذ المشاريع)، و5 أعضاء مجالس جماعية.
وهمت الأفعال التي شكلت قرائن على ارتكاب مخالفات في إطار الملفات الرائجة بشكل رئيسي مجالي تدبير الصفقات العمومية والمداخيل. وتمثلت أهمها بالنسبة إلى الصفقات العمومية في عدم اللجوء إلى المنافسة دون مبرر، والإعمال غير السليم للمعايير المحددة بنظام الاستشارة لتقييم عروض المتنافسين، والقصور في تحديد الحاجيات عند إعداد دفتر الشروط الخاصة، والإشهاد غير الصحيح على تسلم أشغال أو توريدات غير مطابقة للمواصفات المتعاقد بشأنها أو للكميات المنجزة فعليا، والتسلم المؤقت للأشغال، على الرغم من عدم إتمام إنجازها والنقص في جودتها، وعدم تطبيق الجزاءات المقررة في الصفقة عن الإخلالات أو التأخير في إنجازها، فيما همت بالنسبة إلى المداخيل القصور في تحديد وضبط الوعاء الضريبي، وعدم اللجوء إلى مسطرة الفرض التلقائي للرسوم، وعدم مراقبة الإقرارات المصرح بها من طرف الملزمين والنقص في تحصيل مجموعة من الرسوم، أو في احتساب مبلغها.