محمد اليوبي
بالإضافة إلى العفو عن مهربي الأموال إلى الخارج، يتضمن مشروع قانون المالية لسنة 2020، عفوا آخر، يتعلق بعدم مساءلة الأشخاص الذين يكدسون الأموال على شكل أوراق نقدية داخل الأكياس والخزائن الفولاذية « les coffres forts»، شريطة تحويلها إلى حسابات مفتوحة بالوكالات البنكية، ما يثير تخوفات من استغلال هذا الإجراء لتبييض أموال المخدرات.
وتنص المادة 7 من مشروع قانون المالية على إحداث مساهمة برسم الموجودات المحتفظ بها في شكل أوراق بنكية من قبل الأشخاص الذاتيين الذين أخلوا بالتزاماتهم الجبائية المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب.
وحسب المادة نفسها، يجوز للأشخاص المعنيين التسوية الطوعية لوضعيتهم الجبائية وفق الشروط الواردة في قانون المالية، مقابل أداء هذه المساهمة بالسعر المنصوص عليه، ويعتبر أداء هذه المساهمة بمثابة إبراء للشخص الذاتي المعني من أداء الضريبة على الدخل وكذا الذعائر والغرامات والزيادات المتعلقة بها والمترتبة عن الإخلال بالالتزامات المنصوص عليها في المدونة العامة للضرائب، وعلاوة على ذلك، لا يتم، برسم السنوات المحاسبية المفتوحة ابتداء من فاتح يناير 2020، اعتماد النفقات المشار إليها في المادة 29 من المدونة العامة للضرائب والتي تم صرفها عند تقييم مجموع الدخل في إطار فحص مجموع الوضعية الضريبية للخاضعين للضريبة، المنصوص عليه في المادة 216 من المدونة، وذلك في حدود مبلغ الموجودات المصرح به.
وتهم هذه المساهمة الأشخاص الذاتيين الذين لهم موطن ضريبي بالمغرب والمتوفرين على موجودات متأتية من أرباح أو دخول ترتبط بمزاولة نشاط مهني أو فلاحي لم يتم التصريح بها، قبل فاتح يناير 2020، برسم الضريبة على الدخل طبقا للمدونة العامة للضرائب. ومن أجل الاستفادة من المساهمة، يقوم الأشخاص المعنيون بإيداع الموجودات السالفة الذكر لدى مؤسسات الائتمان المعتمدة، باعتبارها بنكا، ويجب أن تكون هذه الودائع موضوع إقرار منجز وفق أو على مطبوع نموذجي تعده الإدارة، مقابل وصل يسلمه البنك المعني، يتضمن عناصر التعريف المتعلقة بالطرف الدافع، ومبلغ الموجودات المحتفظ بها في شكل أوراق بنكية. وحدد مشروع قانون المالية سعر المساهمة في نسبة 5 % من مبلغ الموجودات المودعة في حسابات مفتوحة لدى مؤسسات الائتمان المعتمدة باعتبارها بنكا، ويمنح قانون المالية للأشخاص المعنيين مدة تبتدئ من فاتح يناير إلى30 يونيو 2020 للقيام بالإقرار وأداء المساهمة برسم الموجودات المعنية.
وحسب الوثائق المرفقة لمشروع قانون المالية، فقد عرفت السيولة البنكية خلال سنة 2018 انخفاضا كبيرا مقارنة مع سنة 2017، حيث بلغ عجز السيولة البنكية 62,2 مليار درهم كمتوسط أسبوعي مقابل 41 مليار درهم السنة الماضية، أي بزيادة بلغت 20,7 مليار درهم، حيث قام بنك المغرب بزيادة تدخلاته في السوق النقدية، حيث بلغ المبلغ الإجمالي لهذه التدخلات 96,3 مليار درهم نهاية شهر دجنبر 2018 مقابل 42,2 مليار درهم سنة 2017، كما عملت مديرية الخزينة، من جهتها، على ضخ ما يناهز 6,6 مليارات درهم من المتوسط اليوم، وذلك عبر عمليات توظيف فائض الحساب الجاري للخزينة المنجزة خلال 2018، مما أدى إلى التخفيف من آثار سحب السيولة من النظام البنكي.
وعرفت نسبة بيع الخزائن الفولاذية المستعملة في تخزين الأموال ارتفاعا مهولا خلال السنوات الخمس الأخيرة، حيث نفذت الخزائن بشكل نهائي من بعض المحلات المتخصصة في بيعها، خاصة بمدن محور القنيطرة – الدار البيضاء، وهي المدن المعروفة بتمركز أغلب رؤوس الأموال المتحكمة في الاقتصاد الوطني، إذ اضطر عدد كبير من رجال الأعمال إلى سحب أموالهم من الأرصدة البنكية، وتخزينها داخل منازلهم، وهو ما جعل أغلب الوكالات البنكية تعاني من نقص حاد في السيولة النقدية، وأمام هذه الأزمة، لجأت الأبناك إلى مجموعة من الطرق للحفاظ على السيولة المتوفرة لديها، وأول إجراء تم اتخاذه، في هذا الصدد، تحديد سقف المبالغ المالية التي يمكن سحبها نقدا.