محمد اليوبي
أفادت مصادر حزبية مطلعة بأن وزير العدل الاتحادي، محمد بنعبد القادر، يتعرض لضغوط شديدة من لدن قيادات بحزب العدالة والتنمية، من أجل التجاوب مع رغبة فريق الحزب في تمرير مشروع القانون الجنائي الذي أعده مصطفى الرميد، وزير العدل السابق.
وكشفت المصادر أن وزراء وقياديين بارزين ربطوا اتصالات مكثفة بكل من إدريس لشكر، الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي، ومحمد بنعبد القادر، وزير العدل، لمطالبة هذا الأخير بالتجاوب مع طلبات فريق العدالة والتنمية بعقد اجتماع للجنة العدل والتشريع، لتمرير مشروع القانون الجنائي قبل نهاية الولاية التشريعية، وهو القانون الذي سبق أن تقدم به الرميد لما كان وزيرا للعدل في الأسابيع الأخيرة من عمر الولاية الحكومية السابقة، برئاسة عبد الإله بنكيران.
واستغربت المصادر ذاتها إصرار حزب العدالة والتنمية على مسابقة الزمن من أجل المصادقة على هذا المشروع في ما تبقى من عمر الولاية التشريعية الحالية، في حين أن هناك مشاريع قوانين أخرى ذات أهمية بالغة ما زالت تراوح مكانها منذ عدة سنوات داخل اللجان البرلمانية، مثل مشروع قانون رقم 88.12 المتعلق بتنظيم مهنة وكيل الأعمال محرر العقود الذي قدمه مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات السابق، سنة 2013، ومشرع القانون المتعلق بتنظيم الحق في الإضراب، مجهول المصير منذ سنة 2016، وشقيقه مشروع القانون رقم 24.19 المتعلق بنقابات العمال والمنظمات المهنية للمشغلين، وأكدت المصادر أن هذين المشروعين بالرغم من أهميتهما في تحقيق السلم الاجتماعي وأثرهما على الإقلاع الاقتصادي، فقد عجز وزيران من الحزب الذي يقود الحكومة عن فك أسرهما، ويتعلق الأمر بالوزير السابق، محمد يتيم، ووزير الشغل الحالي، محمد أمكراز. وتساءلت المصادر نفسها عن «خلفية إصرار قادة «البيجيدي» إلى حد الهوس على تمرير مشروع قانون جنائي مؤدلج ومبتور وانتقائي، مقابل السكوت عن قوانين شاملة ومهيكلة، مما يطرح أكثر من سؤال على مفهوم المسؤولية التشريعية لدى حزب العدالة والتنمية الذي يقود الائتلاف الحكومي».
ومن جهة أخرى، أكد زعيم حزب سياسي أن سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة، يرفض إثارة موضوع القوانين المحتجزة بالبرلمان في اجتماعات المجلس الحكومي، تفاديا للإحراج، كما يرفض عقد اجتماع هيئة الأغلبية، التي تضم الأمناء العامين للأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي، وذلك بعد انهيار أغلبيته البرلمانية، عقب تصويت حزب العدالة والتنمية ضد القوانين الانتخابية، التي قدمها وزير الداخلية. وأفاد المصدر ذاته بأنه لا يمكن المغامرة بمواصلة دراسة القوانين التي حولها خلاف في ظل غياب أغلبية برلمانية، ومنها مشروع القانون الجنائي، حيث تفاعل وزير العدل أكثر من مرة مع طلبات لجنة العدل والتشريع للحضور أمامها لمناقشة القانون، قبل وقوع خلافات داخل الأغلبية البرلمانية، وذلك إثر إقدام فريق العدالة والتنمية على سحب تعديلات سبق التوافق عليها داخل الأغلبية.
وكان مشروع القانون الجنائي قد عاد إلى نقطة الصفر، بعدما قطع أشواطا من المناقشة والدراسة داخل لجنة العدل والتشريع بمجلس النواب، وصلت إلى مرحلة تقديم التعديلات، حيث قررت فرق الأغلبية سحب توقيعها من لائحة التعديلات المقدمة بشكل مشترك، وذلك بعد انقلاب حزب العدالة والتنمية على حلفائه داخل الأغلبية الحكومية، وسحب تعديل متوافق عليه حول تجريم الإثراء غير المشروع.
ووجه توفيق كميل، رئيس فريق التجمع الدستوري، رسالة إلى رئيس لجنة العدل والتشريع، أعلن من خلالها أن فريقه أصبح غير معني بالتعديلات المقدمة من طرف الأغلبية، وقرر سحب توقيعه عليها، وطلب منحه الوقت الكافي لتقديم التعديلات الخاصة بالفريق حول مشروع القانون. وبدوره وجه شقران أمام، رئيس الفريق الاشتراكي، رسالة مماثلة طلب من خلالها سحب توقيع الفريق على تعديلات فرق الأغلبية، والتمس منحه مهلة كافية لتقديم تعديلات الفريق. كما طالب فريق الحركة الشعبية في رسالة وجهها رئيسه، محمد مبديع، إلى رئيس اللجنة، بتأجيل برمجة دراسة التعديلات المقترحة على مشروع القانون الجنائي، وذلك إلى حين التوافق على هذه التعديلات، بعد قرار فريق حزب العدالة والتنمية سحب بعض التعديلات المشتركة لفرق الأغلبية.
وكان فريق العدالة والتنمية قد انقلب على حلفائه داخل الأغلبية الحكومية، باتخاذ قرار انفرادي، بسحب التعديلات المقترحة على مشروع القانون الجنائي، المتعلقة بتجريم الإثراء غير المشروع، بعد التوافق عليها، وقرر الفريق سحب التعديل 31 الذي تقدم به بمعية فرق الأغلبية، بشأن مشروع قانون رقم 10.16 القاضي بتغيير وتتميم مجموعة القانون الجنائي، والإبقاء على الفرع 4 مكرر المتعلق بـ«الإثراء غير المشروع» كما جاءت به الحكومة في المشروع المذكور، مع تمسك الفريق ببقية التعديلات المقدمة بمعية فرق الأغلبية.