شوف تشوف

سياسية

العثماني يتفادى الحديث عن مجانية التعليم ويرمي كرة اللهب إلى المجلس الوزاري

 

 

محمد اليوبي

 

بعدما أثار جدلا وضجة داخل المجتمع بتصريحاته المثيرة حول فرض رسوم التسجيل على التلاميذ والطلبة بالتعليم الثانوي وبمؤسسات التعليم العالي الجامعي، تفادى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، الحديث عن الموضوع خلال الجلسة الشهرية المتعلقة بالسياسة العامة، التي عقدها مجلس النواب، أول أمس (الاثنين)، ورمى بكرة اللهب إلى المجلس الوزاري الذي سيترأسه الملك محمد السادس، للمصادقة على القانون- الإطار المتعلق بإصلاح منظومة التربية والتكوين.

وكرر العثماني، خلال رده على سؤال محوري في الجلسة الشهرية بمجلس النواب حول «استراتيجية الحكومة في إصلاح المنظومة الوطنية للتربية والتكوين والبحث العلمي»، أكثر من مرة، أنه لن يدخل في مناقشة تفاصيل القانون الإطار قبل عرضه على المجلس الوزاري، وذلك تفاديا للوقوع في الإحراج أمام البرلمانيين والرأي العام الوطني بخصوص إلغاء مجانية التعليم وفرض رسوم التسجيل على الطلبة والتلاميذ. وأوضح رئيس الحكومة أن إصلاح هذه المنظومة يبقى «مسؤولية مشتركة بين الدولة والأسرة وهيئات المجتمع المدني والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين وغيرهم»، كاشفا أن مناقشة مشروع القانون-الإطار الذي سيعرض على البرلمان ستشكل فرصة سانحة لتحقيق التعبئة الشاملة حول رهان الإصلاح الشامل للمنظومة التربوية الوطنية وتأهيلها وتجديدها، لتضطلع بأدوارها على النحو الأمثل.

وبعد أن شدد على العناية الملكية الخاصة بورش إصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، باعتباره ثاني أولوية وطنية بعد الوحدة الترابية للمملكة، استحضر رئيس الحكومة «أدوار هذه المنظومة في ضمان الحق في التربية للجميع، وتنشئة الأجيال الصاعدة، وتكوين مواطنات ومواطني الغد، وتحقيق أهداف التنمية الشاملة والمستدامة»، مبرزا مختلف المحاولات التي شهدها القطاع، بدءا بمساعي الإصلاح منذ الاستقلال، مرورا بتشكيل اللجنة الخاصة للتربية والتكوين وإعداد الميثاق الوطني للتربية والتكوين (1999)، وانتهاء بتنزيل البرنامج الاستعجالي (2009-2012). وفي هذا الصدد، تأسف رئيس الحكومة لأن «كل هذه المجهودات لم تمكن من تحقيق النتائج المرجوة والمتمثلة أساسا في إرساء منظومة تعليمية وطنية ذات جودة».

وفي رده على الاتهامات التي وجهتها له فرق المعارضة بأن الحكومة أخلفت موعدها مع التاريخ في مجال التعليم، حمل العثماني المسؤولية في فشل إصلاح التعليم لكل الحكومات السابقة، بما فيها حكومة سلفه عبد الإله بنكيران، التي قادها حزب العدالة والتنمية، وذلك بقوله إن «هذه الحكومة عمرها ثمانية أشهر، ولم نخلف موعدنا لا مع التاريخ ولا مع الجغرافيا»، مضيفا أن «الذين أخلفوا موعدهم مع التاريخ هم الذين سيّروا القطاع خمس سنوات كاملة»، وأضاف «أنتم تعلمون أن جميع الأحزاب الحاضرة باستثناء حزب واحد سيروا قطاع التعليم، واليوم نحن نعاني من الإشكالات المتراكمة»، مشيرا إلى أن «الهدر المدرسي لازال من النقط السوداء، إذ لا يتجاوز عدد الحاصلين على الباكالوريا 13 في المائة من مجموع الذين يلجون المدرسة المغربية».

هذا وأشار رئيس الحكومة إلى أنه رغم أهمية الموارد المالية المخصصة لقطاع التعليم والتكوين، التي تشكل ما يناهز 6 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي، وما تم رصده، برسم قانون المالية لسنة 2018، من مبلغ قيمته 59,2 مليار درهم للتربية والتكوين، أي بزيادة 5 مليارات درهم مقارنة بميزانية 2017، «إلا أن القطاع لازال يواجه تحديات عديدة، لعل أهمها ما يتعلق بالجودة والمردودية، والتي تبقى دون المستوى المطلوب مقارنة مع دول أخرى ذات مستوى دخل ومجهود ميزانياتي مثل بلادنا أو أقل منه». وبهذا الخصوص، اعتبر رئيس الحكومة أن مختلف الدراسات والتقارير التحليلية توقفت عند تشخيص وضع القطاع، وكشفت أن «ضعف الرأسمال البشري وعدم ملاءمته لاحتياجات المقاولات يشكل إحدى الإكراهات الرئيسية التي يتعين معالجتها لتحقيق نمو شامل والحد من الفقر والفوارق».

وأكد العثماني أن الحكومة جعلت في صميم أولوياتها مسألة التنزيل الفعلي والعملي والمتجانس للرؤية الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي 2015- 2030 لإرساء مدرسة الإنصاف والجودة والارتقاء، التي أعدها المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي بتكليف من الملك محمد السادس، مشيرا، في الآن نفسه، إلى صياغة مشروع القانون الإطار الذي «يحدد المبادئ والأهداف الأساسية لسياسة الدولة واختياراتها الاستراتيجية لإصلاح منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، على أساس تحقيق الإنصاف وتكافؤ الفرص والجودة والارتقاء بالفرد والمجتمع؛ وضمان استدامة الإصلاح؛ ووضع قواعد لإطار تعاقدي وطني ملزم للدولة ولباقي الفاعلين والشركاء المعنيين».

ومن أجل تحقيق هذه الأهداف، يقول رئيس الحكومة، حدد المشروع جملة من التدابير والإجراءات اللازمة لضمان تعليم ذي جودة للجميع، من أهمها تجديد مهن التدريس والتكوين والتدبير، وإعادة تنظيم وهيكلة منظومة التربية والتكوين والبحث العلمي وإقامة الجسور بين مكوناتها، ومراجعة المقاربات والبرامج والمناهج البيداغوجية، وكذا اعتماد التعددية والتناوب اللغوي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى