شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

الطبيب والقاضي

حسن البصري

قبل أن ينتهي الشوط الأول من مباراة الدفاع الجديدي والراسينغ البيضاوي، أشهر الحكم بطاقة حمراء في وجه طبيب الفريق البيضاوي، وبرر قراره بـ«الاحتجاج الزائد عن الحد». رفض الطبيب المطرود مغادرة الملعب، قبل أن يرضخ للقرار.

قال المدرب للحكم: «يا سيدي القاضي، لقد طردت الطبيب فمن يسعف لاعبي فريقنا؟».

رد القاضي: «لا تقلقوا سينوب عنه ممرض، وسيقوم طبيب الفريق المنافس بالتدخل في الحالات الصعبة».

أصر الطبيب المطرود على البقاء غير بعيد عن رقعة الملعب، تحسبا لأي طارئ.

وقال: «الوازع المهني والأخلاقي يفرض على الطبيب التدخل أكان مطرودا، أو في حالة سراح».

في ما بين شوطي المباراة دار سجال قانوني حول تبعات طرد طبيب من رقعة الملعب، وتبين أن الخطورة تكمن في حصول إصابات خطيرة في غيابه.

وفي مباراة سابقة، جمعت يوسفية برشيد باتحاد طنجة، تعرض لاعب حريزي لإصابة في منطقة حساسة من جسده، هرع طبيب الفريق مسرعا نحو اللاعب الذي كان يصيح من شدة الألم، وشرع في تقديم الإسعافات الضرورية، غضب حكم المباراة من الطبيب وعاتبه على «خفة الرجل الزائدة» وولوج رقعة الملعب دون أن يأذن له، حاول الطبيب أن يشرح طبيعة الحالة الاستعجالية التي فرضت عليه التدخل الفوري، لكن قاضي المباراة رفض الدفوعات جملة وتفصيلا.

ما أن استعاد اللاعب المصاب عافيته واستفاق من غفوته، حتى «هنأ» الحكم طبيب الفريق ببطاقة حمراء، وطرده من الملعب، غادر الطبيب الميدان وهو يحاول أن يشرح لمندوب المباراة الميثاق الأخلاقي للمهنة الذي يجرم الطبيب إذا لم يتدخل لإسعاف لاعب أو مدرب مصاب، لكن إشارة من حكم المباراة عجلت بمغادرة الطبيب قبل أن ينهي سرد دواعي التدخل.

في غياب الطبيب يستكمل حكم المباراة ما تبقى من زمنها، وهو يخشى تعرض لاعب لمكروه، فالطبيب مطرود والممرض في موقف حرج، وطبيب الفريق الزائر يعلن نفسه طبيب مداومة ليس إلا. أما الممرض البديل فلا يملك إلا ماء وقطعة ثلج، كأنه نادل في خمارة.

تمنع لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم طرد الأطباء من طرف الحكام، تمنحهم حصانة على امتداد زمن المباراة، لأن صحة وسلامة اللاعبين أهم من نتيجة زائفة، لكن العديد من الحكام لا يترددون في طرد الأطباء والممرضين، معلنين سلطتهم على الجميع، ولتذهب المادة الثانية من قوانين «الفيفا» أدراج الرياح.

اليوم نحن في حاجة إلى تذويب جليد الخلاف بين مديرية الحكام وودادية أطباء فرق البطولة الوطنية، يكفي عقد لقاء بين الطرفين لنزع شعرة الخلاف من عجين الكرة.

الحالة الوحيدة التي يدخل فيها طبيب الفريق رقعة الملعب دون إشارة من الحكم، هي إصابة الحكم نفسه بعطب، حينها يتوقف الصفير وتختفي الإنذارات.

لكن هل يتوفر فريق مغربي على سيارة إسعاف خاصة به؟

لماذا وجودها إجباري في مباريات الكبار وثانوي في مباريات الصغار؟

وما الفائدة من سيارة إسعاف غير مجهزة، لا فرق بينها وبين «هوندا» إلا بسرير.

خبراء العلاج يؤكدون أن أغلب اللاعبين تظهر عليهم أعراض المرض، ويعانون من نقص حاد في مادة التضحية، ويؤمنون بأن الدواء الوحيد القادر على انتشالهم من أزماتهم، هو مستحضر اسمه «بريم»، فالنقاهة والخصاص لا يلتقيان.

أيها الحكام رجاء ضعوا صفاراتكم رهن التعقيم الطبي، لا تقولوا للأطباء أف ولا تنهروهم وقولوا لهم قولا كريما، رأفة باللاعبين الذين يتقاتلون من أجل كسرة خبز مبللة بالعرق، لا تقتلوا الفرجة ولا تؤمنوا بأن إكرام الطبيب طرده.

من حسنات نظام المباريات، منع الأطباء النفسانيين للفرق من ولوج الملعب، حتى لا يصنف اللاعبون في خانة الحمقى.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى