الطاقة ليست بخير
بعد صيام طويل عن الكلام والتواصل، خرجت وزيرة الانتقال الطاقي والتنمية المستدامة لتخبر المغاربة أنه، إلى غاية بداية الأسبوع الجاري، لا يتوفر المغرب إلا على مخزون يقدر بـ437 ألف طن من الغازول، وهو ما يكفي لسد حاجيات البلاد لمدة 26 يوما فقط، فيما يبلغ مخزون البنزين 83 ألف طن، وهو ما يغطي حاجيات 43 يوما، رغم أن المنظومة الحالية تحدد الحد الأدنى لمخزون المواد البترولية في 60 يوما، رامية بالمسؤولية السياسية والتقصيرية إلى الحكومات السابقة التي لم تفعل، على مدى الـ20 سنة الماضية، إجراءات التخزين.
يبدو أن بعض الوزراء لم يستوعبوا بعد المعنى والمغزى من التواصل المؤسساتي الحكومي كما يمارسه نظراؤهم في دول أخرى، فليس مطلوبا من الوزير أن يخرج متى يشاء لكي لا يقول أي شيء مفيد، بل لا بد لخروجه أن يكون له معنى وأن يسجل به الإضافة المنتظرة. حيث كان على السيدة الوزيرة المكلفة بالانتقال الطاقي، بدل أن تطلق الكلام على عواهنه وتطرح مخاوف بشأن غاز المغاربة، أن تقدم حلولا، وبدل أن تتباكى على الماضي وتحمله عدم تطبيق مشاريع مجهضة، كان من واجباتها أن تكشف عن تدبيرها للأمن الطاقي في الحاضر والمستقبل.
فماذا سيجني المغاربة من وزراء يتأسفون على عدم تطبيق الحكومات السابقة لبعض الإجراءات والسياسات الطاقية، ما دام أن المغاربة أنفسهم قالوا كلمتهم في حكومات الأمس؟ ماذا سيستفيد المغاربة من وزراء يقتصر دورهم على تفسير الواقع المليء بالمشاكل ولا ينتجون حلولا له؟
كنا ننتظر من وزيرة الانتقال الطاقي، التي صامت لشهور عن الكلام والتواصل، أن تخرج للإعلان عن أول إنجازاتها الفعلية بعد مرور نصف سنة على تعيينها بوزارة تحمل رهانات كبيرة، لكن الذي تحقق من خروجها الإعلامي والبرلماني هو العكس تماما، حيث تركت وراءها سيلا كبيرا من التساؤلات أكثر من الأجوبة، وجبلا من المخاوف والهواجس أكثر من رسائل الطمأنة.
في الأخير نصيحة لكل الوزراء والمسؤولين: المغاربة لا ينتظرون منكم أقوالا أو شروحات لما يعانون منه فهم أدرى بأسبابه ومسبباته، هم ينتظرون منكم أفعالا وقرارات الآن وهنا، وإذا لم تستطيعوا فعل ذلك، فالصمت هو أجمل قرار يمكن أن تتخذوه، لأن الكلام وسب الماضي لن يغير شيئاً في حياة المغاربة ولن يجعلهم بأحسن حال بل سيزيد من كرههم للسياسيين وفقدانهم للثقة في المؤسسات.