شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

الشعبوية تحت القبة

أضاع مجلس النواب فرصة أخرى للظهور بمظهر المؤسسة التشريعية، التي تجاوزت زمن الشعبوية وقطعت مع البوليميك السياسي الفارغ المنافي لمضامين الخطاب الملكي الداعي إلى الجدية في تنفيذ الالتزامات الملقاة على عاتق “نواب الأمة”، في هذا الظرف الصعب سياسيا واجتماعيا واقتصاديا.

ما تبقى من المغاربة، الذين ما زالوا يثقون في السياسة، كانوا ينتظرون من أول جلسة مخصصة لمناقشة مشروع القانون المالي أن يكون مستوى النقاش السياسي مرتفعا في المناقشة العامة للمشروع، الذي سيتحكم في عيش المغاربة خلال السنة المقبلة. لكن الذي حصل كان مخيبا للآمال ولا يليق باللحظة السياسية والدستورية التي ترافق مناقشة مشروع القانون المالي.

وللأسف لا يميز لدينا الكثير من البرلمانيين بين المناقشة العامة للقانون المالي والمناقشة السوقية ومناقشة «جيب يا فم وگول» لأهم قانون سنوي، نتفهم، كما يجري في باقي البرلمانات المحترمة، أن تخصص الجلسة الأولى لتبادل الرسائل السياسية بين المعارضة والأغلبية بحضور ممثلي الحكومة. ومن المفهوم، أيضا، أن تخرج المعارضة كل أسلحتها المشروعة للإجهاز على مشروع القانون المالي مقابل أن تقف الأغلبية صفا مرصوصا للدفاع عنه، لكن لا يمكن القبول بتحول جلسة دستورية إلى تبادل السب والاتهامات بالاختلاس والرشوة والضرب في الذمة والمطالبة باستدعاء الضابطة القضائية، وكأننا في سوق أسبوعي.. فهذه شعبوية سئم المغاربة منها وللأسف لم يفهم الفاعل السياسي أن هذه البهرجة لم تعد عملة قابلة للتداول بعدما أفقرت المغاربة طيلة عشر سنوات.

إن نفق السياق الاستثنائي، الذي لا أحد يعلم متى ولا كيف سنخرج منه، يرتب على البرلمانيين الكثير من المسؤولية الوطنية ونكران الذات السياسية والحزبية، ليكونوا في مستوى اللحظة العصيبة التي نمر منها. وأهم ما هو مطلوب من الأغلبية والمعارضة أن تنتقيا قاموسهما السياسي وتظهرا نوعا من الحس الوطني، والتحدي الأكبر هو مسايرة وتيرة ملك البلاد بالإتيان ببرامج ومقترحات قادرة على أن تخرج بلدنا من عنق الزجاجة، فيتحول البرلمان إلى مصنع لإنتاج الحلول وليس لصناعة المشاكل والفرجة المقيتة. بهذا فقط نستطيع أن نحمي القيمة السياسية لمؤسسات البلاد ونحافظ على ما تبقى لها من ثقة في أعين المغاربة.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى