انعقدت، ما بين 11 و17 مارس الجاري، بـ«بنوم بنه» بكمبوديا، دورة أكاديمية العدالة الانتقالية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، التي تهدف إلى بناء قدرات النشطاء والممارسين والأكاديميين في المنطقة، من خلال توفير التدريب والدعم وإطلاق مشاريع للحقيقة والمصالحة في مجتمعاتهم المحلية.
وشارك في هذه الدورة الخبير المغربي هشام الشرقاوي، رئيس المركز المغربي للسلام والقانون، والمنسق الإقليمي للشبكة الإفريقية حول العدالة الجنائية الدولية ومكافحة الإفلات من العقاب في شمال إفريقيا، وذلك بدعوة من التحالف الدولي لمواقع الضمير، وهي شبكة عالمية من المواقع التاريخية والمتاحف ومبادرات الذاكرة، تهدف إلى التذكير بنضالات الماضي وآلامه والسعي وراء العدالة والمصالحة.
ويقود هذا التحالف المبادرة العالمية للعدالة والحقيقة والمصالحة، وهو اتحاد من تسع منظمات دولية تهدف إلى الاستعانة بالتجارب التصالحية والعقابية عبر العالم لتحقيق العدالة والمساءلة عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.
وقام الأستاذ هشام الشرقاوي باستعراض التجربة المغربية حول العدالة الانتقالية، مذكرا بالسياق التاريخي الذي أفرز هيئة الإنصاف والمصالحة والسقف الحقوقي الذي وضع لها من خلال استبعاد مبدأ المساءلة وتحديد المسؤولية الجنائية الفردية للأشخاص.
وتطرق الخبير المغربي، كذلك، إلى بعض إيجابيات التجربة، من خلال الاعتراف الرسمي للدولة المغربية بتاريخ الانتهاكات الجسيمة بالمغرب، وبرنامج التعويضات الفردية والجماعية، وكذلك التوصيات التي جاء بها التقرير الختامي لهيئة الإنصاف والمصالحة.
من جهة ثانية، انتقد الخبير المغربي هشام الشرقاوي مسار العدالة الانتقالية بالمغرب، من خلال استبعاد مقاربة المساءلة كضمانة أساسية لعدم تكرار الانتهاكات ورادع لكل المتورطين في انتهاكات الماضي. وهذا ما لم يتحقق، حسب تعبير الأستاذ الشرقاوي، حيث عادت ممارسات الماضي نفسها من اعتقالات تعسفية ومحاكمات انتقامية وتمييع للحياة السياسية وبروز شرخ عميق بين الدولة والمجتمع.
وصرح الأستاذ هشام الشرقاوي لـ»الأخبار»، بأن أهم شيء ألهمه من خلال التجربة الكمبودية، هو توافق كل القوى الحية على إنشاء مركز للتوثيق والذاكرة داخل مدرسة وثانوية بالعاصمة «بنوم بنه»، وهو درس بليغ لتعليم الأجيال القادمة التاريخ الأليم للكومبودج واستخلاص الدروس من انتهاكات الماضي حتى لا يتكرر ذلك.
وفي الختام، خلص الأستاذ هشام الشرقاوي إلى أن العدالة الانتقالية في المغرب خدمت الدولة ولم تخدم المجتمع الذي ما زال يطمح إلى مجتمع المواطنة في دولة المؤسسات والقانون.