شوف تشوف

الرئيسيةسياسيةشوف تشوف

الشجرة التي تخفي الغابة

1

ربما كان اعتقال مبديع هو بمثابة فتح لعلبة الباندورا أو تلك الشجرة التي تخفي الغابة. فسقوط هذا الإمبراطور الذي عمر على رأس بلدية الفقيه بنصالح لأكثر من عشرين سنة تضخمت خلالها ثروته القارونية بشكل كبير فيما تراجعت المدينة إلى مصاف القرى المهمشة قد يقود إلى فك شفرة أخطبوط متعدد الأذرع والمصالح والامتدادات استنزف مالية الجماعات على طول البلاد منذ مطلع الألفية مبتلعا مئات الملايير التي تبخرت وانتهت في حسابات المنتخبين وشركات فاسدة وأطراف متواطئة.
ومن حسنات اعتقال محمد مبديع أنه أعاد النقاش حول مصير قضايا فساد كبرى، بعضها يتجاوز ما هو منسوب لمبديع بعشرات المرات.
اعتقال البرلماني الحركي، ووزير الوظيفة العمومية السابق، سلط الضوء أيضا على تقاطع قضية مبديع مع عدد من رؤساء الجماعات بالمغرب، من خلال شبكة منظمة تضم رؤساء جماعات ومقاولين ومسؤولين كبارا بعدد من المصالح العمومية، ضمنهم موظفون سامون، هذه الشبكة نجحت في تحويل بعض جماعات المملكة إلى بقرة حلوب، تدر ملايير السنتيمات في جيوب منتخبين وموظفين جماعيين ومقاولين، وشبكة من المتعاونين في مستويات متعددة.
في الفترة الممتدة بين سنة 2003 و2009، ومع اعتماد نظام وحدة المدينة بست مدن كبرى بالمملكة، وتجميع جماعات ترابية كبرى في نظام مجلس المدينة، مع تحويل الجماعات إلى مقاطعات ترابية تنحصر مهامها في اختصاصات القرب، وما أعقب ذلك من ارتفاع ميزانية هذه المدن، احتضنت فاس نواة لتجمع بعض المقاولين، الذين اكتسبوا خبرة في التعامل مع الجماعات الترابية.
صعود شخص مثل حميد شباط لعمادة مدينة فاس، شجع كبار المقاولين على التنافس من أجل الفوز بكعكة الصفقات والمشاريع في أوج الانتعاش الذي عرفته بداية الألفية.
من ضمن الأسماء التي وضعت نصب أعينها التهام صفقات المجالس الكبرى، وتحديدا فاس التي أطلقت تحت رئاسة حميد شباط برنامجا للتأهيل الحضري، مقاول سيتحول في ما بعد إلى نقطة تقاطع كبرى بين عدد من رؤساء الجماعات، وبعض كبار المسؤولين.
ولأن ضمان تدفق الصفقات العمومية، يتوقف على مدى توفر اعتمادات مالية كافية لتنفيذ المشاريع الكبرى، فإن هذه الشبكة، وظفت مقاولا شهيرا ليكون وسيطها لدى كبار المسؤولين ممن تحتاج صفقات الجماعات لتأشيرتهم مركزيا، مما دفع وزارة الداخلية قبل سنتين إلى إصدار دورية مركزية تحذر الجماعات الحضرية من التعامل مع شركة هذا المقاول الأخطبوط، وبعض الشركات الأخرى، بعد أن رصدت تقارير المفتشية العامة لوزارة الداخلية ونظيرتها بوزارة المالية، بصمات هذه الشركات، لا سيما إحدى شركات الأشغال الكبرى المتخصصة في التهيئة والطرقات ويوجد مقرها بسلا، في ملفات فساد بالفقيه بنصالح، فاس على عهد شباط، وسلا على عهد لزرق، وبعض مدن الشمال.
بعض رجال الأعمال يتحدثون عن ابتلاع شركات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة ما يقارب 240 مليار سنتيم في الفترة الممتدة بين 2003 و2009، وما يناهز 500 مليار خلال الولاية الانتدابية 2009 و2015.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى