الشارع ليس هو الحل
لم يعد يمر أسبوع دون أن تطلق التنسيقيات دعوات مباشرة تحث الشغيلة التعليمية على النزول إلى الشارع، وتنظيم مسيرات جهوية أو وطنية. لا بل إن بعض الأساتذة أصبحوا يقترضون الأموال للحرص على حضور كل المسيرات من دون أن يحسبوا أي حساب للمصير المجهول الذي يدخله قطاع التعليم.
والحقيقة أن ما ينظم من مسيرات لا يعدو أن يكون مجرد استعراض للعضلات لا أكثر ولا أقل، تنطلق من حماسة هيئة التدريس وربما من غضبها. وللأسف رموز التنسيقيات التي تقود الأساتذة للشارع بدل القسم تعرف الخبايا الحقيقية وأسباب النزول إلى الشارع مختبئة خلف مطالب اجتماعية مشروعة لتحقيق أهداف سياسية بينما الشغيلة التعليمية تنجرف وراء الحماسة والانفعال الذي تتقن إنتاجه التنسيقيات.
ومن خلال التظاهرات والمسيرات المستمرة التي تنظمها التنسيقيات يُطرح سؤال مشترك، هل الشارع هو الحل؟ الجواب هو قطعاً لا، ولو كان حاسما، لتحققت الكثير من المطالب لمئات المسيرات عرفتها الشوارع المغربية. فالفضاء العمومي يعرف مئات الوقفات الاحتجاجية يوميا، أما نتيجة التظاهر الذي يحاول لي يد الدولة ويسعى إلى تركيعها، أو تشتم منه رائحة التوجهات السياسية غير الشرعية فكانت نتيجته لا شيء.
ما ينبغي أن تستوعبه التنسيقيات أن الشارع ليس مكانا لفرض المطالب الشعبوية التي لا يمكن تحقيقها، كما أن نهج المواقف التصعيدية وجر المدرسة نحو الشلل لا تحمل هي الأخرى الحل. فلا حل لأي مطلب سياسي أو اجتماعي إلا من داخل المؤسسات الدستورية المشروعة، وكذلك من خلال التوافقات الواقعية بين المتدخلين في العملية التعليمية بما فيها التنسيقيات نفسها، لكن ليس بالتهديد والوعيد والمسيرات الوطنية والشعارات المستفزة.
والأكيد أن معركة تكسير العظام التي تخوضها التنسيقيات ضد مختلف مكونات التعليم من جمعيات أولياء التلاميذ والنقابات والإدارة التعليمية والرأي العام، تسيء إليها أكثر مما تفيدها، خصوصا في ظل خروج بعض التنسيقيات عن السيطرة وانجرافها نحو العصيان، وهو أمر لم يعد مقبولا.