شوف تشوف

الرأيالرئيسيةرياضة

السي ابراهيم

 

 

حسن البصري

في ظل النقاش الدائر بين إسبانيا والمغرب حول قرار قبول اللاعب إبراهيم عبد القادر دياز الدفاع عن قميص المنتخب المغربي بدل قميص إسبانيا، يبدو لي أن الحدث أشبه بخطوبة يكون فيها السكوت علامة للرضى.

تراقص أمام عيني مشهد مستقطع من حفل خطوبة، استهل برغبة شفوية واختتم بزغرودة الموافقة، وبين الإعلان عن طلب القرب والزغاريد التي تملأ الفضاء، تتعالى التبريكات والصلاة على النبي المصطفى عليه أزكى السلام.

قادني انجراف الأحلام إلى خطبة تنتهي بانتزاع موافقة من لاعب ريال مدريد إبراهيم عبد القادر دياز، وقبوله الارتباط بالمنتخب المغربي.

تخيلت إبراهيم وقد أطرق برأسه وهو يداعب خصلات شعره: «موافق يا أبي».

في اليوم الموالي سيتم قبول عقد الارتباط الجديد الذي يلغي العقد القديم، وسيعلن الاتحاد الدولي لكرة القدم أنه لا اعتراض على تغيير الجنسية الرياضية ولا مانع من زفه فوق حمالة إلى بيته الجديد ووطنه القديم.

تأكدت «الفيفا» من سلامة الوثائق التي عززت ملف الارتباط الجديد، فأشرت عليه وذيلته بعبارة:

«مبروك بالرفاه والانتصارات».

أقسم سي ابراهيم على طي صفحة الماضي، واعتبر ارتباطه الأول بالمنتخب الإسباني مجرد نزوة لاعب يافع، تشبع بأفكار لاعب مغربي سابق يعد من أساطير نادي مالكَة الإسباني، وهو عبد الله الأنطاكي، وتذكر تاريخ عبور العربي بن مبارك في هذا الفريق الأندلسي.

إذا كان إبراهيم استمع لنداء القلب، فقد أنصت لاعبون مغاربة آخرون لنداء الجيب، وأداروا ظهورهم لوطن أجدادهم وآبائهم، واختاروا ترديد نشيد لا يسكنهم.

في قضية اللاعب لامين يامال، انتهت جلسة الإقناع بطلب مهلة للتفكير، انتهت المهلة وتبين أن السكوت ليس دوما علامة للرضى.

فضل لامال إسبانيا واعتذر للمغرب، حينها ندمنا أشد الندم لتصديق «ستوريات» الفتى وهو يحمل قميص المنتخب المغربي، ووقفنا عند صدق القول المأثور «لي بات مع الدراري يصبح فاطر».

أضعنا جهدا ومالا وخضنا معارك ضد «أس» و«ماركا» في قضية اللاعب منير الحدادي، وحين انتزعناه من الإسبانيين فقد الفتى بريقه. اليوم تعيد الصحف الإسبانية سيناريو منير وتفتح جبهة إبراهيم دياز الذي يرسل لنا بين الفينة والأخرى نظرة وابتسامة إلى أن يتحقق الموعد واللقاء.

في زمن غير بعيد كان الناخب الوطني هو المفاوض الرسمي، وهو الذي يحمل أدوات الإقناع في لسانه وجيبه. قال امحمد فاخر، مدرب المنتخب الوطني سابقا، في حوار صحفي، وهو يتحدث عن إحباط عملية ضم اللاعب المغربي امبارك بوصوفة للمنتخب البلجيكي: «ذهبت إليه تكلمت معه عن حاجة منتخب بلده لخدماته، وحين انتهينا من الحديث عبر عن استعداده لمرافقتي إلى المغرب على متن نفس رحلة الإياب».

لكن لابد من مراجعة استراتيجية استقطاب المواهب المغربية المتألقة في الخارج، لابد من إعادة النظر في الأساليب القديمة، والقطع مع استجداء خدمات لاعب، حتى لا نسقط في شراك التغرير بلاعب قاصر.

في زمن غير بعيد كان إقناع لاعب مغترب بحمل قميص المنتخب المغربي، أشبه بـ«الدفوع»، حيث يتوجه المدرب رفقة مسؤول من الجامعة وموظف بالسفارة وعضو من الجالية وأحد أقارب اللاعب إلى بيت اللاعب في دولة أوربية، محملين بهدايا من الصناعة التقليدية وقميص المنتخب، يجالسون والد اللاعب ووالدته حول صينية شاي، يحاولون إقناعهما بجدوى الانضمام للمنتخب المغربي، يبدو المشهد كخطبة فتاة يسكنها التردد بينما ينتظر الجميع ردها الحاسم، وغالبا ما تفشل المفاوضات ونخسر الهدايا والكلام الضائع، ونعود على أعقابنا خاسرين.

نحتاج لخطة استقطاب لا مكان فيها لـ«العار» و«التحزار» و«المرفودة»، نحتاج لمن يخاطب الوجدان، ولمن يستوعب المغزى الحقيقي لـ«هب فتاك لبى نداك».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى