يبدو أنه أمام دول الاتحاد الأوروبي وقت طويل حتى تتعافى اقتصاداتها من تداعيات انتشار فيروس “كورونا”، وذلك بالرغم من الميزانية المعتبرة التي اتفق قادة القارة العجوز على تخصيصها للإقلاع الاقتصادي لدول أوروبا ودعم الأكثر تضررا من بينها.
وفي هذا السياق لا يشد قطاع السياحة في أوروبا على قاعدة السقوط المدوي، إذ يعيش على وقع تراجع على مستوى الطلب ما يؤثر سلبا على مداخيل الدول بالموازاة مع تعطيل دوران عجلة الاقتصاد لما تشغله الصناعة السياحية في أوروبا من يد عاملة وما تدوره من رؤوس أموال بأرقام فلكية.
إذ في الوقت الذي خرج فيه الأوروبيون إلى الشوارع وتسابقوا على حجز أماكن لهم بالفنادق والمنتجعات تزامنا مع تخفيف إجراءات السفر وموعد العطلة السنوية، أرغمهم فيروس “كورونا” على تأجيل كل برامجهم ومشاريع عطلهم إلى أجل غير مسمى.
فما إن أعلنت مجموعة من الدول الأوروبية عن ارتفاع ملحوظ في عدد الإصابات بالفيروس، حتى عادة حركية القطاع السياحي أدراجها إلى المستويات المتدنية التي سجلتها طيلة الأشهر الأربعة المنصرمة. إذ لم تنجح تصريحات وزيرة الخارجية الاسبانية عن كون “إسبانيا بلد آمن” وبائيا، في تفادي السياحة هناك من ضربة موجعة من بريطانيا التي فرضت وبغير سابق إشعار على البريطانيين العائدين من اسبانيا قضاء فترة الحجر الصحي المحددة في 15 يوما فور دخولهم التراب البريطاني. ما ستكون لها انعكاسات سلبية كبيرة على السياحة الاسبانية التي تستقبل سنويا أزيد من 18 مليون سائح من بريطانيا لوحدها.
من جهتها دعت فرنسا مواطنيها إلى عدم التوجه إلى إسبانيا عموما وإقليم كاتالونيا على وجه التحديد، ومعها 16 دولة من خارج الاتحاد، منها الولايات المتحدة الأمريكية، التي يطالب المغادرون لها بتقديم نتيجة سلبية لاختبار “كورونا” قبل السفر إلى فرنسا.
كما أرجع وزير الصحة الألماني الارتفاع الكبير المسجل مؤخرا في عدد الإصابات، إلى الوافدين إليها من غرب البلقان وتركيا. هذا بالإضافة إلى ما فرضته اليونان من قيود، ابتداء من يوم غد الثلاثاء، على القادمين إليها من دول مثل رومانيا وبلغاريا، والتي تسببت في إلغاء آلاف الحجوزات، ما كبد السياحة اليونانية خسائر فادحة.
وفي محاولة منها إلى الدعوة للتعايش مع الفيروس والبحث العاجل عن حلول عملية بديلة عن وقف التنقل بين الدول، قالت منظمة الصحة العالمية يومه الاثنين، إن قرار حظر السفر الدولي لا يمكن أن يستمر إلى أجل غير مسمى، داعية حكومات الدول إلى العمل على الحد من انتشار الفيروس بطرق وبدائل أكثر نجاعة ومرونة في ذات الآن.
