شوف تشوف

الرئيسية

السفير البريطاني في حوار بقلب مفتوح مع الأخبار

هناك مؤشرات قوية حول وجود النفط والغاز بالمغرب وبريطانيا تعتبر البلد بوابتها نحو إفريقيا 

حاوره: محمد اليوبي
من المقرر أن تخرج بريطانيا من الاتحاد الأوربي خلال نهاية الشهر المقبل، وأول سؤال يفرض نفسه في الوقت الراهن هو مستقبل العلاقات المغربية البريطانية بعد «بريكسيت».
بالنسبة لي، العلاقات بين البلدين في المستقبل ستكون أقوى من الآن، بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي. هذا الوضع، يفرض على المملكة المتحدة البحث عن علاقات تجارية وسياسية واقتصادية وثقافية مع بلدان أخرى من خارج الاتحاد الأوربي، خصوصا في إفريقيا، لأن القارة الإفريقية هي قارة لها مستقبل واعد، لما تتوفر عليه من مؤهلات كبيرة لتحقيق نمو اقتصادي كبير، لذلك بريطانيا تبحث عن موقع لها في إفريقيا، من خلال التعاون مع المغرب، وهو ما سيعطي للعلاقات بين البلدين دفعة قوية، لتكون في مستوى أحسن مستقبلا.

يعني أنكم تعتبرون المغرب بوابة نحو البلدان الإفريقية؟
بالضبط، خصوصا نحو إفريقيا الفرنكفونية، نحن نعرف الدول المنضوية في الكومنولث، مثل نجيريا وجنوب إفريقيا، وأوغندا وغيرها، لكن ليست لدينا معرفة بالدول الفرنكفونية، التي كان يتواجد بها الفرنسيون، لكن المغرب يعرف هذه البلدان وتربطه بها علاقات متميزة.

مؤخرا قام وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي، ناصر بوريطة، بزيارة إلى لندن، أسفرت عن توقيع عدة اتفاقيات مع الحكومة البريطانية، ما هي أهمية هذه الاتفاقيات، وهل سيتم توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية بين البلدين؟
تم التوقيع على اتفاقيات تهم تعزيز التعاون الاقتصادي الثنائي بين المغرب والمملكة المتحدة، وتخص الواردات والصادرات التجارية بين البلدين، قبيل الموعد النهائي لتطبيق انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوربي (بريكسيت) وذلك بغرض الحفاظ على المصالح الاقتصادية للبلدين، هذه الاتفاقيات ستعوض استفادة بريطانيا من الاتفاقيات التي كانت تربط المغرب بالاتحاد الأوروبي، وخاصة بالنسبة للمنتوجات الفلاحية، مثل الطماطم والحوامض، حيث سنحتفظ بكل المواد المصدرة من المغرب في إطار اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والاتحاد الأوروبي، لأننا نريد استمرار العلاقات التجارية القائمة بين البلدين، والحفاظ على الصادرات الفلاحية بالخصوص، وسنعمل على توقيع اتفاقيات جديدة لتعويض الاتفاق بين المغرب والاتحاد الأوربي، وهذا مهم جدا لنا، خصوصا بعد خروجنا من الاتحاد.

هل ستكون هناك اتفاقية استراتيجية شاملة لكل المجالات؟
الآن وقعنا على اتفاق يشبه تماما الاتفاق بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حتى نحافظ على العلاقات التجارية كما كانت في السابق، لكن نتمنى التوصل إلى توقيع اتفاقية استراتيجية قوية بين البلدين، تكون شاملة لكافة المجالات، لكن الآن الاتفاق الذي تم توقيعه خلال زيارة بوريطة إلى لندن، جاء لتعويض الاتفاق بين الاتحاد الأوربي والمغرب، حتى لا تتضرر المبادلات التجارية، لكن في المستقبل بالتأكيد ستكون اتفاقية شاملة.

الحديث عن العلاقات التجارية يجرنا لطرح سؤال عن الاستثمارات البريطانية في المغرب، لماذا هناك ضعف لإقبال المستثمرين البريطانيين للاستثمار في المغرب، ما عدا في قطاعات محدودة جدا؟
بالنسبة لي الاستثمارات البريطانية ضعيفة فعلا، نظرا لعدم توفر معلومات عن الاستثمار في المغرب، وهناك نوع من الخوف للاستثمار في المغرب، لذلك نشتغل في السفارة على تعريف المستثمرين البريطانيين على فرص الاستثمار المتاحة في المغرب وعلى مؤهلات البلد، ونشجعهم على الاستثمار في المغرب، وهناك مجالات واعدة، مثلا النفط والطاقات المتجددة، والنقل البحري، والموانئ، والقطاع المالي والتأمينات، بالنسبة لي هناك فرص للاستثمار، نحن نعمل على الرفع من الاستثمارات البريطانية.

يلاحظ أن هناك إقبالا على الاستثمار في مجال واحد هو الطاقة
مثلا في النفط، هناك الكثير من الاستثمارات البريطانية تقوم بها شركة «ساوند إنيرجي» في مجال التنقيب عن النفط والغاز الطبيعي، لكن هناك استثمارات أخرى في القطاع البنكي، وفي قطاع التأمينات، والأمن الخاص، لكن هذا غير كافي، لأننا في بداية وجود الاستثمارات البريطانية في المغرب، وأتمنى أن تكون الاتفاقيات المقبلة بداية تدفق موجة من المستثمرين البريطانيين إلى المغرب.

يقال إنك مقرب كثيرا من شركات المحروقات وشركات التنقيب عن البترول والغاز، هل لهذا السبب تم إرسالك إلى المغرب، خصوصا وأن الشركات البريطانية العاملة في هذا المجال حصلت على صفقات التنقيب والاستغلال لحقول غازية؟
بريطانيا راكمت خبرة كبيرة في مجال التنقيب عن الغاز والبترول، يمكن توظيفها في المغرب، هذه الخبرة ستكون مفيدة للبلدين معا.

هل لديكم معلومات حول توفر المواد النفطية بالمغرب، تبرر هذا الاهتمام؟
فعلا هناك مؤشرات قوية، وتمكنت الشركات البريطانية من اكتشاف كميات هائلة من الغاز الطبيعي، خاصة في المنطقة الشرقية وحوض سبو.

بالنسبة للعلاقات التجارية بين البلدين، هل يمكن توقيع اتفاقية للتبادل الحر؟
كما قلت سابقا، بالنسبة لي الاتفاق الجديد الذي وقعناه سيعوض جميع الاتفاقات والعلاقات بين المغرب والاتحاد الأوربي، وسيكون اتفاقا تجاريا بين البلدين، ومنها اتفاق للتبادل الحر. نحن الآن وضعنا الأولويات لتعزيز العلاقات، وسنذهب بالتدرج، بريطانيا وضعت لائحة من البلدان التي تعزز علاقاتها به، والمغرب يوجد ضمن اللائحة، لأنه البلد الوحيد الذي يعرف الاستقرار بمنطقة شمال إفريقيا.

العلاقات المغربية البريطانية تعود إلى نحو 800 سنة، كيف تقيم العلاقات الدبلوماسية بين البلدين؟
العلاقات السياسية والديبلوماسية الآن أحسن بكثير من السابق، وهناك تحسن نحو الأفضل، ومؤخرا قام 13 وزيرا بريطانيا بزيارة إلى المغرب، و14 وزيرا مغربيا زاروا بريطانيا في ظرف سنتين ونصف على تواجدي بالمغرب، هذا يؤكد حسن العلاقات، وتبادل وجهات النظر بين البلدين، وهذا مهم جدا في تطوير العلاقات الديبلوماسية.

نريد أن نعرف موقف بريطانيا بخصوص تطورات ملف الصحراء المغربية.
أولا، الحل لهذا النزاع هو بواسطة الأمم المتحدة، نحن نقدر الموقف الإيجابي لإيجاد حل سياسي لهذه القضية، ونساند الحوار المباشر بين أطراف النزاع، لأن الاجتماعات التي وقعت إلى الآن كانت إيجابية ومفيدة، ونتمنى طي هذا الملف بإيجاد حل سياسي عادل، واقعي، براغماتي دائم ومقبول يقوم على التوافق بين كل الأطراف، هذا هو الموقف الرسمي لبريطانيا في الأمم المتحدة، خلال الشهر الماضي، كان تفسيرا واضحا لهذا الموقف.

يعني تؤيدون الحوار المباشر بين أطراف النزاع؟
نعم، نساند المفاوضات المباشرة بين كل الأطراف المتدخلة في النزاع.

تحدثت عن الاستقرار في المغرب، أنت عشت فترة الربيع العربي في مصر بنظرك ماهي الدروس التي يجب استخلاصها مما وقع ؟
أنا كنت في الأردن والكويت واليمن، وخلال فترة الربيع العربي في مصر، الاختلاف بالنسبة لي، هو أن المغرب في سنة 2011، انطلقت تظاهرات في الشوارع، لكن بالمقارنة مع ما حدث في مصر وليبيا والبلدان الأخرى، المغرب تفهم مطالب الشارع، وسارع إلى إدخال تعديلات على الدستور، هذه التعديلات ساهمت في توسيع الديمقراطية والحريات.

تحدثت عن إصلاحات في المغرب بعد الربيع العربي، كيف تتابع بريطانيا الإصلاحات السياسية والاقتصادية التي أطلقها المغرب في عهد الملك محمد السادس؟
نعتبرها إصلاحات مهمة، من الضروري أن تستمر، وهي شرط للحفاظ على الاستقرار، وفي حالة عدم وجود إصلاحات، تكون مشاكل في المستقبل، مثلما وقع بالعديد من البلدان، التي عرفت اندلاع ثورات الغضب بشوارعها، المغرب وضع إصلاحات مهمة شملت جميع المجالات.

هذه الإصلاحات أفرزت فوز حزب العدالة والتنمية ذي التوجه الإسلامي، هل كان عندكم أي تخوف؟
أنا لا أتدخل في السياسة الداخلية للبلد، نحترم جميع الأحزاب، ونحترم اختيارات المغاربة، فالمغرب هو البلد الوحيد في العالم العربي الذي يحترم التعددية الحزبية، وهناك الحكومة والبرلمان والأحزاب، وهناك شخصية الملك. وصول الإسلاميين تعبير عن أن هناك ديمقراطية حقيقية، وهذا استثناء مغربي.

الحكومة البريطانية تدعم عدة مشاريع بالمغرب، ما هي أبرز هذه المشاريع؟
في السفارة لدينا عدة أقسام، منها الملحق العسكري، وقسم الاقتصادي، والقسم السياسي، ولدينا قسم خاص بالمشاريع المدعمة من طرف بريطانية، نركز بالخصوص على دعم المشاريع التعليم والتنمية الاقتصادية، ومكافحة الإرهاب، كل المشاريع تكون بتعاون مع الحكومة.

تهتم السفارة البريطانية كثيرا بسكان الأطلس الأمازيغيين، وخصوصا الفتيات، ما السر وراء ذلك؟
كما قلت، بالنسبة لي التعليم هو هدف المشاريع التي ندعمها، لأن التعليم يشكل أساس مستقبل أي بلد، وخاصة توفير الفرصة للنساء للتعليم، لذلك لدينا برنامج لدعم ولوج الفتيات إلى التعليم، ومحاربة الهدر المدرسي في صفوف الفتيات، أنا لدي بنتان في بيتي، أنا أحبهما أكثر من نفسي، لو كانتا مولودتين في الأطلس وليس لديهما الفرصة للتعليم، ستكون كارثة، لذلك أبذل المستحيل لتوفير التعليم لهاته الفتيات، أولا لضمان مستقبلهن، ومستقبل البلد، أن أحس بهن، وأحس بمعانتهن، لدي ارتباط شخصي بالموضوع، خاصة بعدما لاحظنا ارتفاع نسبة الانقطاع عن الدراسة بالأطلس في صفوف النساء.
لا يمكننا أن ندعم مشاريع ضد البلد، نحن ندعم مشاريع لخدمة مصالح البلد بتعاون مع الحكومة والمجتمع المدني، بالنسبة لي أحسن حاجة في هذا البلد، هو توفير تعليم للأجيال المقبلة.

كيف تتابعون تطور الوضع الحقوقي بالمغرب، خلال السنوات الأخيرة؟
كما قلت لك، هناك تطورات لوضعية حقوق الإنسان بالمغرب، وهي جزء من الإصلاحات التي تم إطلاقها مؤخرا، لأنه بدون حقوق إنسان سيكون غضب ضد النظام، والمغرب يتوفر على مؤسسة مهمة جدا، هي المجلس الوطني لحقوق الإنسان، تسهر على ضمان الحقوق والحريات.

بالنسبة لمكافحة الإرهاب، كيف تتابعون جهود المغرب في مواجهة الظاهرة؟
مكافحة الإرهاب تفرض التعاون للقضاء على الظاهرة العالمية، الحل لهذه المشكلة يجب كذلك أن يكون دوليا، في إطار التعاون الوثيق بين كل البلدان، بالنسبة لي قوات الأمن في المغرب تتوفر على كفاءة وخبرة لمواجهة الظاهرة، وأبانت عن مستوى كبير في تفكيك الخلايا الإرهابية، ولدينا تعاون وثيق مع كل المصالح الأمنية المغربية، لأن الإرهاب أصبح ظاهرة معقدة، تتطلب حلولا متعددة من الأمن وإصلاح الدين والتعليم.

خلال فترة تواجدك بالمغرب، قمت بزيارة العديد من المناطق، ما الفكرة التي تشكلت لديك عن المغرب والمغاربة؟
كما قلت لك، البلد هو بلد استثنائي، قطعت 85 ألف كيلومتر على متن السيارة، زرت خلالها العديد من المناطق بالشمال والجنوب وفي الجبال، وقريبا سأزور المنطقة الشرقية، لاحظت أن السكان طيبون ومضيافون وكرماء، يستقبلون الضيوف والزوار بحفاوة كبيرة، دخلت منازل سكان بسطاء في الجبال والصحراء، لمست أن المغاربة من أفضل الشعوب، وجدت نفسي وسط أناس طيبين، يفتحون أبوابهم للزوار، أنا شخصيا استقبلوني داخل بيوتهم وشاركت معهم الطعام، وأحسست بحرارة الاستقبال وحسن الضيافة، فعلا أنا سعيد بتواجدي في المغرب، وأقضي أجمل وأحسن لحظات حياتي بهذا البلد.

بهذه الشهادة، أنت تعطي صورة إيجابية هل تساهم في تشجيع السياحة البريطانية للتوافد إلى المغرب؟
زيارة الأمير هاري وزوجته ميغان إلى المغرب، خلال شهر فبراير، كانت مفيدة للسياحة المغربية، لأن وسائل الإعلام والصفحات الأولى لكبريات الصحف البريطانية كانت تنشر صورا وأخبارا يومية عن هذه الزيارة، ونشرت صورا ساهمت في تسويق السياحة المغربية، وشجعت البريطانيين على زيارة المغرب، إذ كان هناك 650 ألف سائح، وارتفع العدد إلى 750 ألف سائح، بزيادة حوالي 100 ألف في ظرف أقل من سنة، وسأساهم في المزيد من تشجيع البريطانيين لزيارة المغرب، لأنه يتوفر على إمكانيات ومؤهلات تاريخية وطبيعية هائلة، الجبال البحار الأنهار، وسأراهن على رفع العدد إلى مليون سائح بريطاني.

علاقة بالسياحة، أنت السفير الوحيد الذي انتقد علانية الخطوط الملكية الجوية عبر تغريدات تناقلتها وسائل الإعلام بسبب ضيق مساحة مقاعد الطائرة، ومرة أخرى بسبب ضياع حقائبك، هل تحسنت الخدمة منذ ذلك الوقت؟
هذا موضوع مهم، أنا كنت في حالة غضب، لما لاحظت غضب سياح بريطانيين كانوا يقومون بزيارة للمغرب، لأن السائح أول ما يتعرف على البلد، يكون على متن الطائرة، وعندما تكون أمور سلبية تعطي صورة مضرة بصورة البلد، كيف يعقل أن يصل السائح ولا تصل حقائبه، أو تتأخر عنه الطائرة، أنا مقيم بالبلد، لو لم تصل حقيبتي ليس مهما، لدي ملابس في بيتي، أن أصل متأخرا ليس مشكلا، لكن بالنسبة للسائح يكون مشكلا حقيقيا، أنا جلست مع سياح بريطانيين، لاحظت غضبهم واستياءهم من خدمات الشركة، وهذا لا يضر بسمعة الشركة فقط وإنما بسمعة البلد، لأن «لارام» هي سفير للبلد، لما يكون السفير غير جيد يضر بسمعة البلد الذي يمثله، لذلك كتبت تدوينة للتنبيه إلى الأمر، حفاظا على سمعة المغرب، والخطير في الأمر لم نجد من يتواصل معنا للاعتذار أو للتواصل، كان هناك صمت، هذا أسلوب غير لائق، نحن زبناء ندفع أموالنا، عندما تحصل مشكلة يجب التعامل معنا بطريقة لائقة، على الأقل التوضيح والاعتذار.

هل تحسنت الخدمات والمعاملات بعد هذه الانتقادات؟
الأسبوع المقبل، ستكون فرقة الأوبيرا المشهورة ببلاد الغال، لأول مرة سينظمون أكبر حفل في المغرب، سيكون حفلا كبيرا بمسرح محمد الخامس، يوم 5 دجنبر، طلبنا من شركة «لارام» المساهمة في تمويل الحفل، راسلتهم رسميا، لم أتلق أي جواب، كل الشركات الأخرى التي راسلناها تلقينا منها أجوبة إما بالرفض أو القبول، على الأقل ردوا على مراسلتنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى