شوف تشوف

الافتتاحيةالرئيسيةسياسية

«السعاية» مهنة بلا تعب

لم يعد ينجو أي مكان من مظاهر التسول، حتى كدنا نعتقد أننا أمام أكبر مهنة تمارس في المغرب يتنوع فيها المتسولون بين الرضع والأطفال وحتى المسنين، المغاربة والأجانب، في أرض الواقع وفضاء المواقع.

والضحية الأكثر تضرراً في جريمة التسول غالباً ما يكون الأطفال الذين يتم استغلالهم لاستعطاف المارة، سواء أكان الطفل من أسرة المتسول أم لا. فبعض هؤلاء الأطفال يكونون «مستأجرين» مقابل مبلغ يومي عن استغلالهم في التسول.

والغريب في الأمر أن ممارسة هذه الجريمة أصبحت منظمة بلا قانون، وتجري أمام أعين السلطات باستثناء اللجوء لبعض الحملات العابرة، ولا يبدو أن القانون الجنائي، الذي يعاقب المتسولين بالحبس والغرامة، أفلح في تقليل حجم الظاهرة، بدليل اتساع رقعة التسول وحالات عود المتسولين الذين يتم ضبطهم إلى الجريمة نفسها مجدداً.

وأخطر ما في الأمر أن التسول تطور إلى الممارسة الإلكترونية، حيث باتت مواقع التواصل الاجتماعي وجهة مفضلة للتسول ومنصة كبيرة ونشطة لجمع التبرعات والصدقات دون رد فعل من السلطات ودون تحريك القانون في مواجهة هاته الجريمة..، حيث شعر المتسولون بالأمان لأنهم ابتعدوا عن أعين السلطات في الشوارع واختبأوا خلف شاشات هواتفهم ليمارسوا مهنة بلا تعب بكل ذكاء وحرفية، متسلحين تارة بتقارير طبية مزورة لاستجداء العواطف، وتارة أخرى بفواتير الكراء والماء والكهرباء وبيوت آيلة للسقوط لجمع المال، واستجداء المتتبعين لجمع الأموال بطريقة سرد القصص المحزنة ومواقف العوز والحاجة.

إن انتشار التسول في شوارع المغرب، دون رقيب ولا حسيب، يترك أثراً سيئاً في نفوس السائحين ومظهراً غير لائق بالدولة المغربية ويسيء إلى خطاب تطورها ونمائها، لأنه لا يليق بالسلطة أن تقف عاجزة وتترك فوضى المتسولين تشوه صورة بلد بأكمله، فقط لأن بعض الكسالى يريدون الحصول على المال بسهولة ولا يريدون أن يجهدوا أنفسهم في البحث عن عمل متعب وشريف.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى