أسدلت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، بداية الأسبوع الجاري، الستار على أشغال محاكمة المتورطين في فضيحة من العيار الثقيل كانت قد هزت المؤسسة البنكية بريد بنك بمدينة طنجة، تتعلق باختراق حسابات الزبناء واختلاس أموال عمومية، حيث وزعت سبع سنوات حبسا نافذا على المتهمين في هذا الملف، اللذين توبعا منذ سنة 2017 في حالة اعتقال، منها أربع سنوات لمدير فرع الوكالة البنكية وثلاث سنوات لموظف في الثلاثينات من عمره ينحدر من المنطقة الشرقية، والتحق بالمؤسسة قبل سنوات قليلة فقط.
وتعود فصول هذه القضية إلى سنة 2017، عندما أفرز تفتيش مركزي أنجزته مفتشية بريد بنك المركزية بالبيضاء اكتشاف خروقات وصفت بالخطيرة، تتعلق باختلاسات وتزوير واختراق حسابات زبناء وإلغاء عمليات ضخ مبالغ مالية وتحويلها إلى حسابات شخصية للمدير والموظف المتهمين، وفجر عون سلطة الفضيحة عندما تقدم بشكاية حول خصم مبلغ مالي من حسابه يقدر بحوالي 20 مليون سنتيم، بعد أن قام بتحويله لحسابه الشخصي وتسلم وصلا معللا للعملية، قبل أن يتدخل مدير الوكالة ويسلمه المبلغ بعد يوم واحد، مما وضع العاملين بالفرع البنكي موضع شبهة، تفجرت معها الفضيحة لاحقا بقسم جرائم الأموال، بطلب من الإدارة المركزية لبريد بنك بالدار البيضاء.
وخلال الجلسة الماضية، أدلى مسؤول مركزي من مفتشية بريد بنك بالدار البيضاء، بحقائق مثيرة، بسطت مجمل الجرائم المالية التي ارتكبها المتهمان في هذه النازلة والمتابعان في حالة اعتقال، حيث أكد أن حوالي 116 حسابا بنكيا تعرض للاختراق، مما نجم عنه السطو على أكثر من مليار سنتيم من ودائع الزبناء بدون وجه حق. وهو ما نفته هيئة دفاع المتهمين التي أكدت أن المبالغ موضوع الشكاية لم تتعد 200 مليون سنتيم.
وتقاذف المتهمان المسؤولية بخصوص اختراق حسابات الزبناء وسحب المبالغ المالية، حيث أكد الموظف أن القن السري كان يتقاسمه مع مدير البنك، مما يرجح إجراءه للعمليات المشبوهة، في الوقت الذي نفى الأخير هذا الادعاء، مؤكدا أن القانون يمنع على الموظف تسليم قنه السري الخاص به. وأجرت الهيئة القضائية بغرفة جرائم الأموال الابتدائية مواجهة ساخنة بين مدير البنك ومساعده بالوكالة والمدير المركزي المنتدب من المصالح المركزية بالدار البيضاء، حيث حاصر هذا الأخير المتهمين بمعطيات بالغة الخطورة، تتعلق باختلاسهما أموالا طائلة من خلال اختراق أكثر من 116 حسابا بنكيا للزبناء، وامتدت خطورة الجريمة المنسوبة إلى المتهمين، حسب المدير المركزي، إلى إحداث ” برنام” جديد مزور يتم استصدار وصولات السحب والدفع منه وتسليمها إلى الزبناء، حيث تصبح كل العمليات وهمية وغير موثقة لدى المصالح المركزية، قبل أن تكتشف المفتشية أنه كانت تحول إلى حسابات خاصة بالمتهمين.