بعد ترقب كبير من طرف حوالي 200 متضرر، تابع عدد كبير منهم كل جلسات المحاكمة التي تميزت بالإثارة والتشويق، أسدلت الهيئة القضائية بالغرفة الاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، صباح أول أمس الاثنين، الستار على محاكمة المتورطين في قضية اختلاس أموال منخرطي أكبر ودادية سكنية بتراب عمالة سلا، حيث أصدرت أحكاما مؤيدة للأحكام الصادرة ابتدائيا في حق متهمين، وهما أستاذ للتربية البدنية كان يشغل رئيس الودادية، وخياط كان مكلفا بأمانة المال، فيما خفضت الحكم الابتدائي الذي أدين به متهم ثالث إلى النصف وهو أستاذ للتربية البدنية. كما أيدت المحكمة الغرامات المالية نفسها، والحكم بإرجاع الأموال المختلسة إلى صندوق الودادية، التي طالب الضحايا بالتعجيل في تحصيل الأموال المنهوبة من المتهمين كما قضت بذلك المحكمة.
وضمن تفاصيل الأحكام التي كانت صادمة لعشرات الضحايا الذين حجوا بكثافة إلى قاعة المحكمة، صباح أول أمس الاثنين، لمتابعة العقوبات، أيدت الهيئة القضائية حكم أربع سنوات حبسا نافذا سبق أن أدين به رئيس الودادية ابتدائيا، كما تم تأييد الحكم نفسه في حق أمين المال، فيما خصمت الهيئة القضائية بعد المداولة سنتين من عقوبة أربع سنوات حبسا أدين بها الكاتب العام للودادية، الذي سيغادر السجن بعد عشرة أيام، بعد أن قضى سنتين وراء أسوار سجن العرجات بسلا.
وكانت المحكمة الابتدائية بسلا قد أدانت، قبل سنة، المتهمين الثلاثة المتورطين في اختلاس الملايير من ودادية “العائلة” بسلا الجديدة بـ12 سنة حبسا نافذا وإرجاع المبالغ المالية وتعويض الضحايا والمنخرطين، الذين يوجد بينهم موظفو دولة كبار في سلك القضاء والأمن الوطني وأيضا موظفون بقطاعات إدارية ورياضيون ومهاجرون مغاربة بالخارج.
وخلال عرض القضية بالغرفة الاستئنافية خلال ست جلسات، تشبث المتهمون بلازمة الإنكار بخصوص التهم المنسوبة إليهم، وتبريرها بتعقيدات المساطر ومواجهتهم لمعيقات تقنية فرضت إنفاق كل المبالغ في البنيات والأساسات الأرضية، قبل أن يطالب رئيس الهيئة المتهم الرئيسي وشريكيه بالتركيز على التهم المنسوبة إليهم بالدقة المطلوبة، خاصة المرتبطة بتعليل إفراغ صندوق الودادية من كل المبالغ المرصودة، ومضاعفة سعر الشقق دون مبررات، والتأخير في جاهزية المشروع، رغم الالتزامات المتضمنة في دفاتر التحملات مع المقاولة والمهندسين ومكاتب الدراسات، حيث كان مقررا تسليم الشقق نهاية سنة 2009.
وحاصر دفاع الضحايا المتهمين الثلاثة بخبرات تقنية وقضائية أدلى بها لهيئة الحكم، تؤكد قيمة الأموال التي تم إنفاقها وخروقات التطاول على قرارات الجمع العام، من خلال تأسيس مجلس إداري وهمي ضم إليه المتهمون زوجاتهم وأقاربهم، من أجل شرعنة التحويلات المالية الوهمية التي كانت تضخ في حساباتهم وحسابات مقاولين وشركات، دون إخبار المنخرطين الذين ظلوا ينتظرون لسنوات تسليم شققهم.
وبالرجوع إلى هذه الواقعة التي تفجرت في يناير من سنة 2018، فقد سجلت المصالح الأمنية بناء على 138 شكاية تقدم بها منخرطو الودادية الذين تعرضوا للنصب من طرف المتهمين، فإن جمعية سكنية تحايلت على 200 مواطن بسلا الجديدة، في أكبر ودادية بتراب مدينة سلا، والتي يبلغ رقم معاملاتها 8 ملايير سنتيم، وأمر وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بسلا باعتقال أستاذين وخياط، يسيرون الجمعية، حيث تمت متابعتهم بالتلاعب بالقانون الأساسي دون إشراك منخرطي الجمعية التي تأسست في سنة 2006، وكذا النصب والاحتيال وخيانة الأمانة، حيث كان مقررا تسليم الشقق بعد 36 شهرا، بقيمة 3700 درهم للمتر المربع الواحد. وبعد سنة قام مسيرو الودادية بإضافة مبلغ 1000 درهم في المتر، دون استشارة المنخرطين، وعند اقتراب موعد التسليم اختفت الحسابات البنكية الرسمية للتملص من المراقبة البنكية، وتم تعديل قانون الجمعية ورفض استقبال المنخرطين والتهرب من تفسير دواعي التأخر في التسليم، مما دفع مئات المنخرطين إلى التوجه إلى القضاء من أجل إنصافهم.