أصدرت غرفة جرائم الأموال الابتدائية بمحكمة الاستئناف بالرباط، أول أمس الإثنين، أحكاما بالسجن في حق أعضاء شبكة للاتجار الدولي في المخدرات يتزعمها البارون المشهور الملقب بـ «التمسماني»، الذي اعتقل من طرف المصالح الأمنية البلجيكية بناء على مذكرة بحث دولية صادرة عن الشرطة الدولية «الأنتربول».
وحكمت المحكمة على البارون «ر.و» الملقب بـ «التمسماني» الرئيس السابق لنادي المغرب التطواني الموجود رهن الاعتقال الاحتياطي بسجن العرجات بضواحي مدينة سلا، بست سنوات سجنا نافذا وغرامة 10000 درهم وأدائه لفائدة إدارة الجمارك مبلغ 360 مليون درهما، كما حكمت المحكمة على المعتقل ضمن نفس الشبكة «ن.أ» بأربع سنوات حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 5000 درهم، وأدائه لفائدة إدارة الجمارك مبلغ 270 مليون درهم، وأدانت المحكمة معتقلا ثالثا في إطار هذه الشبكة، بسنتين حبسا نافذا وغرامة مالية قدرها 5000 درهم، وأدائه لفائدة إدارة الجمارك مبلغ 12 مليون درهم.
وخلال جلسة محاكمته، أحضرت المحكمة بارونان مدانان بعقوبة سجنية تصل إلى 22 سنة سجنا نافذا، من أجل الإدلاء بشهادتهما حول التهم المنسوبة لهما، حيث أنكرا معرفتهما بالتمسماني، وهو ما يفسر الحكم المخفف الصادر في حقه مقارنة مع الأحكام الصادرة في حق المتورطين في الشبكة التي أطاحت بمسؤولين في الأمن والدرك.
وكانت عناصر المكتب المركزي للأبحاث القضائية التابع للمديرية العامة لمراقبة التراب الوطني قد أوقفت، في 20 غشت الماضي، المتهم الملقب ب«التمسماني» المزداد سنة 1958، والذي يعتبر أشهر بارونات المخدرات بالمغرب، بعد أن ظل في وضعية فرار بالخارج منذ سنة 2016، قبل أن تعتقله السلطات البلجيكية وتسلمه للسلطات المغربية بمطار محمد الخامس بالدار البيضاء، حيث تمت إحالته على أنظار النيابة العامة المختصة بمحكمة الاستئناف بالرباط، و إيداعه السجن من أجل متابعته بتهم ثقيلة وفق مسطرة مرجعية يتابع فيها بارونات مخدرات وعشرات المسؤولين بأجهزة الدرك الملكي والأمن الوطني والجمارك، وسبق أن صدرت في حقهم ابتدائيا واستئنافيا عقوبات سجنية نافذة كبيرة، بلغت في مجموعها حوالي قرنين و50 سنة تقريبا.
معطيات الملف تؤكد أن التمسماني الذي ترأس نادي المغرب التطواني في بداية تسعينيات القرن الماضي، عاد إلى السجون المغربية من جديد، بعد أن عصفت به حملة التطهير المشهورة التي قادت كبار بارونات المغرب إلى السجن، قبل أن يتم الافراج عنه سنة 2006، واعتبر الرجل من أهم البارونات الذين طاردتهم النشرات الحمراء الدولية من طرف العديد من الدول الأوروبية والمملكة المغربية بالدرجة الأولى، وقد أعلن عن اعتقاله قبل سنة تقريبا ببلجيكا، بسبب مذكرات البحث المتابع بها في قضايا التهريب الدولي للمخدرات، حيث عقدت بعض الإجراءات الأمنية البروتوكولية الموقعة بين بلجيكا والمغرب ترتيبات تسليمه للسلطات المغربية، بمبرر حيازته للجنسية البلجيكية، قبل أن تنتهي مغامرات التمسماني في الانفلات من قبضة الشرطة الدولية والمغربية، ويتم تسليمه للقضاء المغربي، من أجل إخضاعه للمحاكمة التي تلاحقه منذ نونبر 2016.
مصادر» الأخبار» التي تابعت محاكمة المتورطين في القضية الأم، التي حسمت بأحكام ثقيلة في أشهر وأخطر قضية مخدرات راجت بغرفتي جرائم الأموال الابتدائية والاستئنافية بمحكمة الاستئناف بالرباط، في العقد الأخير، أكدت أن محاكمة البارون التمسماني قد تعيدها بعضا من تفاصيلها إلى الأضواء، انطلاقا من مواجهته بشهادات وتصريحات المتهمين الرئيسيين في الملف، وعلى رأسهم البارونين ( م ب) المدان ب 12 سنة سجنا نافذا و( م م) المحكوم بعشر سنوات سجنا نافذا.
وكانت مصالح المكتب المركزي للأبحاث القضائية قد أطاحت، سنة 2016، بشبكة متخصصة في تهريب المخدرات على الصعيد الدولي، انطلاقا من المغرب اتجاه أوروبا عبر وسائل نقل بعد دس المخدرات في بعض البضائع كالأسماك والخضر والفواكه، وانصبت الأبحاث حول مدى تورط أفراد العصابة في تقديم مبالغ مالية لجهات إدارية وأمنية مقابل التغاضي عن أنشطتهم المحظورة، بعد اكتشاف نازلة تهريب 6 أطنان من المخدرات عبر الميناء المتوسطي، إضافة إلى حجز وثائق مزورة وسلاح ناري من عيار 9 ملم و 13 خرطوشة.
ويوجد من بين المتابعين في الملف الأم المرتبط بملف التمسماني، مغربيان يحملان الجنسية الهولندية، أحدهما تاجر، إضافة إلى متهم إسباني، ورجل سلطة سابق، و26 دركيا برتب مختلفة ، بينها ضباط سامون، و16 موظفا بالمديرية العامة للأمن الوطني برتب عمداء شرطة وضباط شرطة، وكذا عون سلطة برتبة شيخ حضري، وجمركي، ومسيري شركات وحارس ليلي، وفلاحين، ومساعد تاجر، حيث وجهت لبعضهم تهم الرشوة عن طريق تسلم مبالغ مالية للقيام بأعمال غير مشروعة من أعمال الوظيفة، والتستر على مجرم مبحوث عنه، وإفشاء السر المهني، والمشاركة في نقل وتصدير المخدرات والحيازة غير المبررة للمخدرات والمواد المخدرة، إضافة إلى تقديم هبة بقصد الامتناع عن القيام بعمل ونقل المخدرات ومسكها والاتجار فيها وتسهيل استعمالها.