خلال الأسبوع الماضي، اختتم مجلسا البرلمان الدورة الخريفية من السنة التشريعية الحالية، وبذلك سيدخل 395 نائبا برلمانيا بمجلس المستشارين و120 مستشارا برلمانيا بمجلس المستشارين، في «سبات شتوي» إلى غاية يوم الجمعة الثاني من شهر أبريل المقبل، موعد افتتاح الدورة الربيعية للبرلمان.
رغم أن هناك قضايا شائكة وملحة تفرض نفسها على الساحة الدولية والوطنية، فإن البرلمانيين سيدخلون في عطلة مؤدى عنها لمدة شهرين كاملين، علما أن الدستور ينص على إمكانية استمرار انعقاد اللجان البرلمانية، خلال الفترات الفاصلة بين الدورات، والتي يمكن أن تكون فرصة لعقد اجتماعات بحضور أعضاء الحكومة، لمناقشة القضايا ذات الأهمية لا يسمح الوقت بمناقشتها خلال انعقاد الدورات، وما أكثر هذه القضايا في الوقت الراهن.
إذن، أين نحن من وجود تمثيلية برلمانية قوية تُمارس أدوارها الدستورية؟ فالبرلمان بغرفتيه يعاني من أعطاب مزمنة، وتحول إلى ما يشبه غرفة للتسجيل ملحقة للحكومة، وخارج عن التغطية، بحيث يناقش في جلساته الأسبوعية مواضيع روتينية تتكرر سنويا لا تواكب انتظارات ومطالب المواطنين، دون الحديث عن استفحال ظاهرة غياب البرلمانيين عن الجلسات الدستورية واجتماعات اللجان البرلمانية الدائمة.
والخطير في الأمر أن البرلمان أصبح رهينة لدى الحكومة التي تسيطر على العمل التشريعي، لأن جل القوانين التي يصادق عليها البرلمان يكون مصدرها الحكومة، في حين يتم إقبار مقترحات القوانين التي يتقدم بها نواب الأمة، وهناك عشرات المقترحات محتجزة برفوف المؤسسة التشريعية، رغم أن الدستور الجديد منح للبرلمان عدة صلاحيات في مجال التشريع والرقابة على العمل الحكومي، كما منح المعارضة البرلمانية وضعية متميزة وحقوقا متعددة.
كما يمكن استغلال الفترة الفاصلة بين الدورتين لممارسة مهام الدبلوماسية البرلمانية التي تعاني بدورها من أزمة حقيقية، لأنه في الوقت الذي يتعرض المغرب لمؤامرات خبيثة تقف خلفها أطراف معادية لوحدته الترابية، تستعمل كل الوسائل لإضعافه داخل المحافل الدولية، يوجد البرلمان المغربي بغرفتيه خارج التغطية، ويظهر ذلك من خلال غياب شبه تام عن مجموعة من الأحداث على الساحة الدولة والوطنية.
ويظهر في العديد من المناسبات، أن البرلمان المغربي لا يواكب المعارك الكبرى التي يخوضها المغرب ضد خصوم وحدته الترابية، وتتحول المهام الدبلوماسية إلى فرصة للنواب البرلمانيين من أجل «السياحة» والتسوق من الأسواق التجارية الكبرى، بالإضافة إلى ممارسات أخرى تسيء لسمعة البرلمان المغربي.
وتواجه الدبلوماسية البرلمانية المغربية العديد من الأعطاب والاختلالات جعلتها لا ترقى إلى نفس السرعة من الإنجاز التي تمضي بها الدبلوماسية الرسمية على مستوى الملفات الوطنية والإقليمية والدولية، حيث تم تحقيق العديد من المكتسبات، كان من المفروض أن تعمل الدبلوماسية البرلمانية على تقويتها وتحصينها بشكل قوي.