الساعة الصيفية المضافة.. أية إضافة؟
محسن زردان
ستتحرك عقارب الساعة إلى الأمام، وسيخضع المغاربة مكرهين استسلاما لقوانين ضوء النهار، وسيكونون في حاجة في الأيام المقبلة إلى التكيف مع تقلبات نومهم ومأكلهم ومشربهم، وسيتذمر الزمن مرة أخرى، حينما يجد نفسه لعبة في يد البشر، لكن سرعان ما يستعيد هيبته، حينما يختفي الإنسان تحت التراب، ويظل هذا الزمن شامخا ومستمرا في سيرورة الحياة.
زمن الشتاء وزمن الصيف، انضاف بدوره إلى قائمة عوالم الاقتصاد، ليصبح الاستثمار في ضوء النهار غاية ترجى، لترشيد وعقلنة الموارد، والاقتصاد في مصادر الطاقة.
أمام هذه الموجة العالمية، التي انطلقت من موطن بلاد الغرب، لتطأ أرض بلادنا، التي انخرطت فيها منذ سنة 2012، من خلال المصادقة على بداية تفعيل إضافة ستين دقيقة إلى الساعة القانونية المحددة في تراب المملكة الموافقة لتوقيت غرينتش.
وبما أن فرنسا كانت السباقة إلى تبني نهج إضافة ساعة إضافية، في سبعينات القرن العشرين في عهد رئيسها الأسبق فاليري جيسكار ديستان، بسبب الأزمة البترولية لتلك الفترة، كخيار للاقتصاد في الطاقة، فإن المغرب بدوره بحكم علاقات التبعية التاريخية، بادر إلى اتباع نفس النهج.
المدافعون عن إضافة الساعة التي تبتدئ نهاية شهر مارس وتنتهي في الأحد الأخير من شهر أكتوبر من كل سنة، يرون أنها تساهم في الاستفادة أكثر فأكثر من ضوء النهار، وبالتالي خفض تكلفة استهلاك الطاقة، وانتعاش تجارة المحلات التجارية، والمطاعم والمقاهي، التي تستغل أرصفة محلاتها لاستقبال الزبائن، فضلا عن التخفيض من حوادث السير، بسبب ارتفاع ساعات الانتفاع بضوء النهار الطبيعي في المساء، مما يضمن رؤية جيدة للسائقين.
من جهة أخرى، يرى المعارضون لهذا الإجراء، بأن مسألة الاقتصاد في الطاقة، هي مسألة نسبية ونتائجها جد ضعيفة مقارنة مع تداعياتها السلبية، التي تبتدئ برفع حالات القلق واضطراب النوم، خصوصا لفئات الأطفال والشيوخ، وتمر عبر ضعف التركيز، واختلال الشهية، وصولا إلى التأثير على الإيقاع الطبيعي لحياة الإنسان.
لسنا وحدنا من نبدي امتعاضنا من هذا الإجراء، الذي يؤثر على إيقاع حياة الإنسان الطبيعي، بل هناك شعوب أخرى رفضت الخضوع له، خصوصا من دول آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية، ولم تعد تلتزم به سوى حوالي سبعين دولة عبر العالم.
البرلمان الأوربي تبنى، أخيرا، قرارا يدعو فيه المفوضية الأوربية إلى التخلي عن الانتقال من التوقيت الصيفي إلى التوقيت الشتوي، بالنظر إلى عدم جدوى هذا الإجراء من حيث اقتصاد الطاقة، وتأثيراته على صحة الإنسان، بحسب مجموعة من الدراسات العلمية.
وقد يكون التحرك الأوربي فاتحة خير للمغاربة، يمكن أن تدفع معها البرلمان المغربي عموما، أو على الأقل فرقة من الفرق البرلمانية لتقديم مقترح قانوني، من أجل إعادة النظر في الساعة الإضافية، وقد يكون ذلك مؤكدا، إذا ما تخلت أوربا عن هذا الإجراء، لكون المغرب دائما ما يتبنى إجراءات دول القارة العجوز.
حقيقة، هناك شعور عام عند المغاربة، عن عدم رضاهم عن هذا الإجراء، ويتجلى عبر آرائهم في المجالس والشوارع، وكذا مواقفهم عبر شبكات التواصل الاجتماعي، لكن ذلك لا يتم ترجمته باتباع السبل القانونية، التي تستوجب رفع العرائض للسلطات، قصد إعادة النظر في بعض القوانين التي قد تحتاج إلى المراجعة أو الإلغاء.
قد لا تفوتنا فرصة مناقشة هذا الحدث، للتدبر العميق في أبعاد تدبير الزمن، ليس في بعده الضيق، الذي يرصد ضوء شمس النهار، لكن في بعده الذي يلامس التسابق مع وتيرة الإصلاح، لربح أشواط الزمن الضائع، والانتقال إلى التطور والحداثة في شتى أبعادها وتجلياتها.