الزيزي: هناك شرخ كبير في «البام» وأعتبر نفسي مرشحا لوحدة الحزب
أجرى الحوار : المهدي الجواهري
في هذا الحوار مع جريدة «الأخبار» يقدم المكي الزيزي، رئيس المجلس الجهوي لحزب الأصالة والمعاصرة، بجهة الغرب اشراردة بني احسن، رؤيته لعدد من القضايا السياسية والتنظيمية للحزب، كما يؤكد قراره الترشح لمنصب الأمين العام لـ«البام» بمناسبة تنظيم المؤتمر الوطني للحزب الذي ينعقد خلال شهر فبراير المقبل. في هذا الحوار يكشف الزيزي عن خط ثالث يسعى إلى الحفاظ على وحدة الحزب وإنقاذه من الانقسام بسبب الفريقين المتصارعين.
السيد المكي الزيزي، هل تؤكدون ترشحكم رسميا للتنافس على منصب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة خلال المؤتمر الرابع الذي سينعقد بالجديدة أيام 7 و8 و9 فبراير المقبل؟
>> بيقين مطلق بوجاهة الاعتبارات التي تأسس عليها قراري، أؤكد لكم أنني مرشح لمنصب الأمين العام لحزب الأصالة والمعاصرة، وسأتقدم على هذا الأساس أمام مناضلات ومناضلي الحزب خلال المؤتمر الوطني الرابع.
- هل لنا أن نطلع على هذه الاعتبارات التي تشيرون إليها؟
أعتقد أن جزءا كبيرا منها معروف لدى مناضلات ومناضلي الحزب. وهي مرتبطة أساسا بالخوف مما نحن متجهون إليه بعد المؤتمر من جراء استمرار أثر التجاذبات الجارفة التي عاشها الحزب، والتي أوقعت شرخا كبيرا بين تيارين متباينين، وانقسمت معه الجموع إلى جزأين متخاصمين في العمق رغم ما قيل عن السعي للمصالحة. وابتعد عدد من كفاءات الحزب وأطره الجادة، رافضين الخوض في هذا الصراع الذي أنهك الحزب وحاد به عن الطريق الذي لأجله اجتمعنا في البدايات عند التأسيس. وبالتالي، فأمام ما برز من عجز عن بلورة مرشح متوافق بشأنه، بل غياب إرادة لدى البعض لإتاحة ذلك، وإقدام بعض الإخوة على إعلان ترشحهم خارج كل توافق داخلي، يمكننا أن ندخل من خلاله إلى المؤتمر الرابع موحدين، ارتأى مجموعة من الغيورين من مناضلات ومناضلي الحزب ضرورة أن يتبلور خط ثالث تكون له القدرة على أن يشكل أكبر قاعدة من المؤمنين بخيار الوحدة، بهدف أساسي هو ضمان وحدة الحزب والانتصار لمشروعه السياسي الأصيل عوض استدامة الصراع التنظيمي في مرحلة ما بعد المؤتمر. من هنا أتى ترشيحي. - إذن أنتم تعتبرون أنفسكم مرشح التوافق؟
أنا لست مرشح التوافق على اعتبار أن ديناميكية صناعة هذا التوافق لم تتبلور خلال الأيام الماضية، لرفض عدد من الأطراف السعي لذلك. أنا أعتبر نفسي، بالمقابل، مرشح الوحدة وبناء المستقبل على أساس متين ورصين، ولن يكون ذلك ممكنا إذا انقسم الحزب إلى فرق متصارعة وإلى تيارات تتناحر في وسائل الإعلام، وعلى صفحات مواقع التواصل الاجتماعي. أنا مرشح تحركه غيرته على الحزب ورغبة قوية في أن نتجنب انهيار الحزب لا قدر الله. لذلك أدافع عن حتمية أن يظل حزب الأصالة والمعاصرة مفتوحا في وجه كل بناته وأبنائه، محتضنا لكل اختلافاتهم ومدبرا لها في إطار المؤسسات الحزبية، وبالاحتكام إلى الديمقراطية الداخلية. أنا مرشح كل المناضلين الذين فهموا أن الرهان على باقي المرشحين الذين أعلنوا عن أنفسهم، والمنتمين للتيارين المتصارعين، هو اختيار لنصرة تيار ضد تيار، وهو رهان يحمل خطر تشتيت الحزب وتقسيم فريقيه البرلمانيين، والزج بأسرتنا السياسية في متاهة عنوانها ارتجالية الاختيارات، وترسيم نهج إقصاء المخالفين في الرأي، والانتهاء إلى وضعية تقزيم الوزن السياسي للحزب.
كل من آمنوا بضرورة أن أقدم ترشيحي، وساندوا الفكرة وهم مستعدون للدفاع عنها، يرون أن المكي الزيزي قادر على أن يدافع عن وحدة الحزب بحكم علاقاته الطيبة مع الجميع، وبحكم تجربته السياسية والانتخابية، وبحكم أنه من مؤسسي الحزب وظل حاضرا في كل محطاته، وله سابق تدبير لهيئات منتخبة كبرى بكل ما فيها من تحديات وإكراهات. وكل المساندين لترشيحي يرون أنني أومن بضرورة إعادة شروط استتباب الطمأنينة للجميع حتى يسهل الاشتغال سويا من أجل إعادة تنظيم الحزب بشكل أكثر قدرة على أن يحقق الفوز في الاستحقاقات المقبلة. - إذن أنتم لستم مرشح تيار المستقبل؟
تيار المستقبل لا مرشح له سوى من أراد أن يدعي هذا الأمر من تلقاء نفسه وبناء على طموحاته الشخصية التي أسسها على اعتبارات تخصه، وعلى تحالفات نسجها ربما مع بعض أعضاء التيار. أنا أنتمي لذلك التيار وأعتز بتلك التجربة، وأجزم أن لي عالقات أخوية متينة مبنية على الثقة والاحترام مع الجميع. لكن لم نجتمع أبدا لنقرر من يكون مرشحا باسم تيار المستقبل، رغم أن البعض نادى بذلك. وهذا في حد ذاته يبين أن البعض لا يؤمن للأسف بالديمقراطية الداخلية وبقدسية الاحتكام لرأي مناضلات ومناضلي الحزب. لذلك، أقول إنني مرشح له مساندون من تيار المستقبل ومن تيار الشرعية ومن صفوف أغلبية مناضلات ومناضلي الحزب الذين لم يكونوا أبدا جزءا لا من هذا التيار ولا من ذاك. ووعد مني أن ننهي حكاية التيارات هذه بعد المؤتمر، من خلال العودة للانصهار في ذات واحدة وتيار واحد هو حزب الأصالة والمعاصرة. - لكن، ما الذي يجعلكم تعتقدون أن منافسيكم لن يستطيعوا، هم أيضا، تحقيق وحدة الصف التي تقولون إنكم قادرون شخصيا على تحقيقها؟
أنا متأكد من أنهم لن يستطيعوا تحقيق الوحدة لسبب بسيط هو أنهم جميعا أعلنوا ترشيحهم على أساس تعبئة مناصريهم ضد مناصري الطرف الآخر وعلى أساس هذا التمايز. كما لاحظنا كيف تموقع المرشحون كل في مواجهة الآخر الذي ينتمي للضفة الأخرى. وهذا مؤسف في حد ذاته. نحن في منافسة سياسية ولسنا في حرب يبقى فيها الفائز ويموت المنهزمون. أنا أريد أن يبقى الحزب وتموت الأنانيات التي لا تراعي القيم التي بني عليها الحزب. وهذا الرأي يتقاسمه معي عدد كبير من منتخبي الحزب، ومن مثقفيه، ومن مناضلاته ومناضليه في عدد من الجهات. ألا ترون الحرب المستمرة إلى اليوم بين الأطراف؟ ألم تطلعوا على سيل الاتهامات التي لا زالت تصدر من هذا التيار ضد الآخر والعكس؟ شخصيا كنت أتمنى أن نفرز من بيننا مرشحا نتوافق عليه، وندخل المؤتمر برؤية موحدة وتصور لتدبير تشاركي جماعي يكون فيه الأمين العام المقبل منسقا لعمل كفاءات مختلفة وحكما بينها وموجها للطاقات في اتجاه تحقيق مشروع الحزب، لا أن يكون الأمين العام شخصا فوق المحاسبة وفوق كل السلطات والمؤسسات داخل الحزب. ولو تم هذا التوافق الذي كنت أرجوه، أقسم أنني لم أكن لأقدم على خطوة الترشح للأمانة العامة. الحزب فيه كفاءات عديدة ولست بأفضل القوم، لكن لا أحد أراد التقدم لرفع هذا التحدي إلا من انخرطوا في التنافس لينتصروا لذواتهم ولو على حساب الحزب ووحدته. وهذا ما لا أقبله. وما أراه من استمرار الصراع بين الأجنحة يخيفني ويدفعني إلى أن أتحمل مسؤولياتي بكل ثقة. - كيف تلقيتم التصريحات التي صدرت عن أحد المرشحين، والتي خلفت جدلا واسعا بلغ حد إصدار الأمين العام للحزب بلاغا تنديديا شديد اللهجة؟
صراحة لم أفهم وما زلت لم أستسغ تلك التصريحات. ولحدود الساعة لا أستوعب كيف أمكن أن يقال كلام كالذي قيل، في قلب المقر المركزي لحزب الأصالة والمعاصرة للأسف. بالنسبة لي، من العبث المطلق أن يتم في سنة 2020 الترويج لمفاهيم مغلوطة وتعمد الخلط بين أمور واضحة الدلالة لدى الشعب المغربي، من منطلق إيمانه المتجذر الذي يعلي من شأن ثوابتنا الوطنية، ليس هنالك أي التباس في أذهان الناس بهذا الخصوص.
أصارحكم القول أنني، بحسن نية، انتظرت من المرشح الذي صدر عنه ذلك الكلام المجانب للصواب، أن يستدرك الأمر وأن يعتذر عما قاله، وننهي الموضوع باعتباره زلة لسان غير مقصودة. ذلك هو أقل ما يمكن أن نطلبه من مرشح للأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة. لكن، للأسف، ذلك الاعتذار لم يحصل. وأتساءل هنا بقلق شديد عن طبيعة ما يمكن أن يقوله المرشح المعني بالأمر، إذا ما استتب له الأمر وأصبح في قمطر قيادة الحزب؟ ومن المشروع أن نسأل من لم ينتفضوا رفضا لذلك الكلام، هل يوجد من بينهم من يستطيع أن يضمن لنا أن لا نعيش لحظات أخرى مستقبلا على وقع تصريحات كارثية جديدة قد تصدر في أي وقت من الليل أو النهار، بناء على قناعات أنا شخصيا لم أكن أعرف أنها يمكن أن تتواجد في دواخل أي عضو ينتمي لحزب الأصالة والمعاصرة، فبالأحرى أن تتواجد لدى مرشح للأمانة العامة؟ - هل صحيح أن منافسكم الذي تصرون على نعته بوصف «صاحب التصريح»، دون ذكر اسمه، لا يحظى بثقة برلمانيي الحزب؟
لست عضوا بالفريق النيابي لحزب الأصالة والمعاصرة، ولكن ما أتوفر عليه من معلومات أكيدة تشير كلها إلى توتر بالغ في العلاقة بين المعني بالأمر وغالبية نواب الحزب. وكلنا نتذكر كيف رفض عدد كبير منهم أن يكون هو رئيسا للفريق النيابي، وضغطوا بشدة كي لا يتم ذلك الأمر.
أظن أن الأمر واضح ولا يحتاج لشروحات إضافية حول الحالة التي تهدد حزبنا مباشرة في اليوم الذي يلي انتهاء أشغال المؤتمر الوطني، إذا ما انتهى التنافس بفوز «صاحب التصريح». بالتأكيد سيكون الوضع دراماتيكيا بكل المقاييس. ولا أظن أن أي مجهودات يمكنها أن تحقق شيئا إيجابيا إذا افتقدت الثقة بين منتخبي الحزب وأمينهم العام. - وماذا عن منافسكم الثاني الدكتور محمد الشيخ بيد الله؟
الدكتور بيد الله هو ثاني أمين عام لحزبنا، وهو رجل دبر رئاسة مجلس المستشارين باقتدار، وشغل مناصب ومسؤوليات عليا كثيرة، وأعطى ما كان بإمكانه أن يعطيه. وهو في الحياة العادية صديق أكن له كامل الاحترام. لكن، نحن الآن في سنة 2020، والحزب يريد أن يعطي للرأي العام إشارات قوية بقدرته على تجديد دمائه وفتح الباب أمام وجوه جديدة، فهل سيقبل منا المواطنون والمواطنات أن نخرج عليهم بأمين عام جديد قديم؟ أعتقد أن الدكتور بيد الله ما كان عليه أن يتقدم للتنافس على هذا المنصب. ولو طلب رأيي لقلت له ما سيفهم منه أنه من حكماء هذا الحزب، ومقام الحكمة أكبر من أي منصب ومسؤولية تنظيمية. شخص الأمين العام سيكون مطلوبا منه أن ينزل إلى قرى المملكة وإلى مدنها، من أجل العمل يدا في يد مع منتخبي الحزب ومع برلمانييه، ومناضلاته ومناضليه، والوقوف على التنظيم الحزبي والتواصل مع الشباب والنساء وعموم المناضلين . فهل من المعقول أن نطلب من الدكتور بيد الله، في هذه المرحلة من عمره، أن يجهد قواه في هذه المهام؟ لا أظن ذلك، ومن الحرص عليه أن نحتفظ به في مقام وموقع نستفيد فيه من حكمته ومن خلاصات تجاربه لعلها ترشد ديناميكية عمل مكونات الحزب في المرحلة المقبلة. - السيد الزيزي، بصراحة هل تعتقدون فعلا أن حزب الأصالة والمعاصرة، بعد كل الصراعات التي عاشها، قادر على إحداث قيمة مضافة للمشهد السياسي ببلادنا؟
أنا متأكد من أنكم وأنتم تطرحون هذا السؤال، تعلمون أنه بموازاة مشاكلنا التنظيمية الحادة، كي لا أستعمل كلمة صراعات التي لا أحبذها والتي يجب أن تختفي من قاموسنا الحزبي، عرفت بلادنا استمرار أوراش استراتيجية هامة وإيجابية للمستقبل، وانطلقت برامج جديدة تحتاج إلى كفاءات سياسية وإلى نخب قادرة على رفع تحديات تدبير الشأن العام والنهوض بالمسؤوليات العمومية. كما أن الساحة الحزبية لا زالت تعاني من التشتت وإضاعة الطاقات في سجالات شعبوية تعزز العدمية، وتشجع على العزوف السياسي والانتخابي إذا استمر الوضع هكذا. وبطبيعة الحال هذا أفق قد يشكل تهديدا للتوازنات الداعمة للديمقراطية وللتعددية التي نفتخر أنها ميزت المسار السياسي ببلادنا منذ الاستقلال. كما أن بلادنا تعرف ارتفاع منسوب الانتظارات الشعبية المشروعة، وبروز مطالب ملحة على المستويات الاجتماعية و الاقتصادية والثقافية، وجزء كبير منها يحمله شباب كلهم أمل في أن تلتقي أحلامهم وطاقاتهم مع إرادات صادقة لفاعلين سياسيين يحملون هم الوطن أكثر مما يحملون هموم قضاء مصالحهم الشخصية والدفاع عن منافعهم. لذلك كله، أجزم أن دور حزب الأصالة والمعاصرة قائم بقوة بل راهني وضروري في المرحلة المقبلة ليقدم قيمة مضافة متميزة . ونحن عازمون على أن نفرز من بين مناضلاتنا ومناضلينا، فعاليات وقيادات وطنية بإمكانها أن تكون شريكة لمواطنينا ولشبابنا، وتفتح لهم فرص المشاركة في وضع سياسات عمومية بديلة عن تلك التي تنتجها الأغلبية الحالية أو التي سبقتها في عهد الحكومات المتعاقبة منذ انتخابات 2012 .إن أكثر ما يهمني هو أن يكون «البام» فاعلا أساسيا في تطوير واقعنا نحو الأفضل، لأن الظروف الحالية والإكراهات الدولية تفرض علينا أن ننهض بوطننا ونحميه من كل المخاطر. - في حالة انتخابكم أمينا عاما لحزب الأصالة والمعاصرة، كيف ستبنون تحالفاتكم السياسية؟
قناعتي، وقوانين الحزب، تبين أن الأمين العام ليس مخولا ليقرر في التحالفات السياسية لوحده. هناك مجلس وطني، وهناك المؤتمر الوطني، وهناك المكتب السياسي، وهناك تنظيمات الشباب والنساء والكفاءات والأطر، وكلهم معنيون بنقاش التحالفات. لذلك، أقلقتني تصريحات بعض المرشحين التي حاول أصحابها القفز بنا إلى أفق تحالفات قرروها بمفردهم وبمعزل عن رأي مناضلات ومناضلي الحزب. قناعتي هي أن الذي سيضبط تحالفاتنا هو قراءة حزبنا للسياقات وللظرفية التي ستطرح فيها مسألة التحالفات. كما أن ذلك النقاش يجب أن ينضبط للمصلحة الوطنية، ولقوة حزبنا وما سيقدمه في أي تحالف محتمل. أنا لا أرى أن التحالف هو أن نسعى لنرتمي في أحضان حزب آخر، أو تحالف حزبي آخر. التحالفات هي أن يسعى آخرون إلى كسب ود حزب الأصالة والمعاصرة موافقته على التحالف، على قدر ما سنسعى نحن لذلك في اتجاه أطراف سياسية أخرى. المنطق الأنجع هو أن نبني تحالفاتنا على أساس منطق رابح – رابح، تؤطره المصلحة العامة ويضبطه التزام أخلاقي مبني على أساس مدى قدرتنا
على الاستجابة لانتظارات المواطنات والمواطنين. لذلك، سيكون أولى أولوياتي هي أن أشتغل إلى جانب المكتب السياسي وأعضاء المجلس الوطني ومنتخبات ومنتخبي الحزب، سواء النواب والمستشارين، أو منتخبي الجهات والأقاليم والجماعات، وكذا مناضلات ومناضلي الحزب بالأقاليم لكي نقوي حضورنا ونحقق أكبر المكتسبات في الاستحقاقات المقبلة. وبعد ذلك وعلى أساس النتائج القوية التي سنحصل عليها، سنجمع المجلس الوطني ونقرر أي تحالف نشكل ونكون جزءا أساسيا فيه. - تتحدثون بنبرة متفائلة، كما لو أنكم متيقنون من الفوز في استحقاقات 2021؟
إلى حدود الساعة، أنا لست أمينا عاما للحزب، لكنني أتوفر على معطيات مؤكدة، ومعرفة دقيقة بوضع الحزب ميدانيا، وأعلم من منطلق تجاربي الانتخابية، وعلاقاتي مع منتخبي الحزب في الجهات، ما يجعلني قادرا أن أؤكد لكم أن «البام» سيحافظ على رصيده الانتخابي لسنة 2015 و2016 ، بل سيقويه بعض الشيء، وسنكون في المقدمة إن شاء الله. ربما هذا اليقين يفاجئك، لكن ما لا يعرفه الكثيرون ولم ينتبهوا إليه، هو أن حزب الأصالة والمعاصرة صحيح قد عرف مشاكل حادة، خلال الأشهر الماضية، لكن التجاذب كان شديدا بين قيادات وطنية على المستوى المركزي. أما القوة الضاربة للحزب والممثلة في نوا به ومنتخبيه، فإنهم لم يغادروا ساحة المعارك اليومية من أجل الدفاع عن ساكنة الدوائر والجماعات التي يمثلونها، ولم ينخرطوا في صراعات الأجنحة، بل ظلوا مرابطين يشتغلون مع الناس وبالقرب منهم. ولهم مني بهذه المناسبة انحناءة اعتزاز بهم وتقدير لمجهوداتهم. هذه الحقيقة التي أتقاسمها معك هي سر من أسرار هذا الحزب الصامد. وسترون، إن شاء الله، بعد المؤتمر كيف أن الديناميكية السياسية والتنظيمية والترافعية للحزب، بفضل هذا المعطى، ستعود بكل قوة لدواليب الحزب وسنفاجئ كل المتتبعين. - في الختام، هل من رسالة أخيرة؟
كلمتي أخصصها لمناضلات ومناضلي حزبي وأقول لهم ما يلي : علينا أن نعترف بأن صراعاتنا التنظيمية الحادة انفجرت لأسباب عديدة، بعضها موضوعي ومتفق بشأنه، و بعضها تضخم بسبب انعدام التواصل بين الأطراف وغياب ثقافة التناصح بيننا، وتغليب
منطق الاصطفافات على الحكمة، وشخصنة الاختلاف بلا داعي، وعدم إيلاء مقام المسؤولية ما يستحقه من عناية. الآن كل هذا يجب أن نتركه وراء ظهورنا ونتجه نحو المستقبل. وسيكون خطيرا أن لا نستحضر التحديات الوطنية الكبرى والانتظارات التي
تفرضها علينا. إن ما يجب أن يأخذ اهتمامنا وتركيزنا وطاقة الابداع السياسي فينا هي مصالح المواطنين. ولتحقيق ذلك علينا أن نهيكل الحزب بسرعة، بشكل يجعلنا نعود جميعا إلى ما كان يميز سيرنا الجماعي من وحدة الصف، والتآزر في كل المحطات وأمام كل التحديات، والثبات على القيم الأصيلة التي جمعتنا، والالتزام بأساسيات الفعل السياسي السليم والمتميز الذي لأجله انخرطنا في تجربتنا الحزبية التي نفتخر بها من لحظة النشأة إلى اليوم. وعلينا أن نولي كل العناية إلى نساء الحزب حتى يعود لهن كامل الاعتبار المستحق وأكثر مما هو متوقع لرفع كل حيف . كما على الحزب أن ينتبه إلى وضعية شبابه الذين يستحقون من القيادة أن تكون شريكة لهم من أجل البناء وتحقيق الذوات بشكل مشروع، بعيدا عن أي اصطفافات لا تخدم الحزب، ولا تفيد العمل السياسي، ولا تؤهلنا لنكون في خدمة بلادنا وتنميتها.