شوف تشوف

الرئيسيةسري للغايةسياسية

الريسوني: هكذا سيطرتُ على أصيلة ووفيت بوعدي لوزير الخارجية سي الطريس

يونس جنوحي

الفترة التي كان يتحدث عنها الريسوني كانت واحدة من أشد الفترات اضطرابا في تاريخ المغرب. كانت بداية التدخل الأوربي. وكان السلطان مطوقا وشبه معزول من طرف وزرائه. القبائل كانت تتخيل أنه تخلى عن الإسلام وباع نفسه للأجانب.

المخزن أظهر أنه عاجز عن حماية الأجانب على كل الأصعدة.

قُتل الـ«موسيو شاربونيي»، وهو رجل فرنسي، في منطقة الأنجرة. وخُطف إسبانيان شابان في بني ورياغل. طاقم سفينة إسبانية (ذي جوفين روميدياس) احتُجز من طرف رجال القبائل في «كاب جوبي».

أما في الدار البيضاء فكان النصارى يتعرضون للاعتداء والسرقة. وفي الأخير، كانت أصيلة معزولة عن هذه الأحداث من طرف رجال الجبال.

كان الريسوني يريد ضم الساحل إلى منطقة نفوذه في طنجة. وكان محمد الطريس، وزير الشؤون الخارجية، يريد أن يحظى بالمنطقة إن ذهب إلى أصيلة لكي يخمد التمرد هناك.

كان محمد بن عبد الخالق حاكما للمدينة، لكنه صنع لنفسه عددا كبيرا من الأعداء على اعتبار أنه كان يمارس الابتزاز. لذلك كان رجال بني عروس، لديهم ممتلكات بالقرب من أصيلة، تآمروا لتدميره والإطاحة به. يقول الريسوني:

«لم تكن هناك بنادق في المدينة، لكن عبد الخالق كان رجلا حكيما وكان يدرك خطورة الطلقات الطائشة. لكن رجلين من بني عروس وصلا إلى بوابة أصيلة مع الصباح، ومعهما حمير محملة بحزم من التبن. تركهما الحارس يدخلان ظنا منه أنهما قرويان مسالمان. لكن في داخل أكوام القش كانت هناك بنادق مخفية. تم إخفاء البنادق في منزل أحد أصدقائهم، وبعد ذلك دخل رجال القبائل بدون سلاح، كما لو أنهم جاؤوا إلى السوق.

دخلوا سرا، الواحد تلو الآخر، إلى مكان الاجتماع. وعندما حل الظلام، أعطيت الإشارة، اقتحموا منزل عبد الخالق وأخذوه سجينا. ثم انضم إليهم رجال المنطقة بفرح. وتم احتجاز القايد في زنزانة في الوقت الذي كان فيه رجال بني عروس يحكمون المدينة.

تذكرتُ هذه الحيلة وقلت لنفسي: الطائر يكون دائما مشغولا بالصيد عن تجنب نفس الفخ الذي وقع فيه طائر آخر. لذلك أرسلتُ عددا من البنادق إلى أصيلة عبر القارب، وتم إخفاؤها تحت شباك الصيد وهُربت إلى داخل المدينة بواسطة حبل مُدلى على الجدار. ثم دخل أتباعي بدون سلاح إلى داخل المدينة. لم يدخلوا دفعة واحدة، ولكن في مجموعات متفرقة مكونة من اثنين أو ثلاثة رجال.  

كانت البنادق مُخبأة داخل مسجد كان إمامه صديقا لي. وبعد أن دخل بعض رجالي إلى داخل المسجد وأعدوا أنفسهم، قام آخرون منهم بالسيطرة على منزل مطل أمام البوابة الكبيرة. أرسلوا إلي رسالة مفادها أنهم مُستعدون. في الليل، قطعوا كل اتصال مع المدينة. وفي الصباح، فتحوا الأبواب لجيشي، وهكذا تمت السيطرة على أصيلة للمرة الثانية، ونجحت في الوفاء بوعدي لمحمد الطريس، لأنني قلتُ له سابقا:

-سوف أقود مْحلة إلى أصيلة وسوف أستعيد حُكم عبد الخالق».

في الوقت نفسه، أرسل فريق دبلوماسي رسالة قوية إلى السلطان، يحتجون فيها على العقوبات العنيفة التي سنها الريسوني ومارسها في المدينة، والضرائب المرتفعة التي فرضها وإصراره على إحلال «عدالة» من تصوره تسري أحكامها على الأوربيين.

 جدير بالذكر أن الوزير الألماني كان يعارض عملية الاحتجاج ضد الريسوني من البداية. وكان يستغل كل مناسبة ممكنة لكي يشد على يد الريسوني ويؤكد له أن حُكمه يُعتبر مبررا لكل الأفعال التي يقوم بها.

رغم كل هذا، فاز إصرار الوزير الفرنسي في الأخير.

ومع تأثير اتفاق الخزيرات، تم الاتفاق بموجبه على أن الشرطة الفرنسية يجب أن تحكم المنطقة الدولية خارج طنجة، لكن الريسوني لم يسمح لهم بالسيطرة على منطقة الفحص. لقد كانت هذه بداية الاحتكاك والتوتر الذي كان دائما موجودا بين فرنسا والريسوني.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى