الريسوني: ليس لدي رأي جيد في عبد الكريم الخطابي لأنه يُقاتل ضد قَدَره
لقد أقدمتُ على كل هذا ليكون هناك تأثير إيجابي، إلى درجة أنه لم يبق أي تلّ لم يوضع فيه معسكر للإسبان.
لا بد وأن لديهم، على الأقل، مئتين وعشرين ألف رجل في المغرب، إلا أن معظم هؤلاء يوجدون في الشرق. ابن أخي، مولاي علي، صار قائدا لبني عروس وأخوه، مولاي مصطفى، صار حاكم أصيلة.
نفّذ «بيرجيت» كل وعوده وأصبح المودن قايدا لبني گرفيط، والحمالي قايدا لبني خلوط والفحولي قايدا لوادي الراس. فقد كان من الضروري أن يكون هناك صديق لحماية الاتصالات بين تطوان وطنجة. هكذا تم تدبير السلم، والسلطات الإسبانية الآن هي المسؤولة عن تدبير الأمن في البلاد، لأنه لم يعد لديّ أي جنود.
أخيرا طلبت مني الحكومة إن كان بإمكانهم تقليص الحامية بما قدره مئة وخمسين مركز مراقبة، وأجبتُهم:
-ليس إلا إذا أرجعتم لي «المْحْلات» التابعة لي.
على الرغم من هذا، أخذوا ثمانين معسكرا وأحيانا تكون هناك طلقة في مكان ما ويُقتل رجل في مكان آخر. سوف يبقى الحال هكذا دائما لأن البلاد ستثور ضد ما هو جديد إلى أن يصبح قديما.
إذا أرادت إسبانيا عقد اتفاق معي، ودخلت بريطانيا كضامن للاتفاق، فإنهم لن يحتاجوا إلا لعشرين ألف جندي من القوات الأجنبية في البلاد. وسأكون مسؤولا عن أمانها، ليس لأنني لا أثق في إسبانيا لأن هناك قرابة دم بيننا، ولكن لأنني رأيتُ مدى تباين سياساتها وقِصر عمر حكوماتها.
الدولة الحامية يجب أن تكون بحكمة الأخ الأكبر في تعامله مع من هو أصغر منه، حتى إذا بلغ السن المناسب يصبح غنيا وذا سلطة، لكن دون أن تتداخل أفكاره مع عاداته.
توغلت إسبانيا في البلاد بطرق ملتوية، والآن لم يعد ممكنا فرض الإدارة المدنية على جْبالة مصحوبة بأمل كبير في أن تنجح، أمام مخاوف من قيادة جْبالة إلى جهة ريافة.
القياد يجب أن يكونوا مسؤولين عن القانون والنظام العام بين الناس، ووقتها يمكن تسليم المزيد من السلطة بالتدريج ووضعها في يد المْخزن. قلتُ كل هذا الكلام للمبعوثين الذين أرسلتهم إسبانيا إليّ وقلتُ لهم أيضا:
-ليس لدي رأي جيد بخصوص عبد الكريم، لأنه يقاتل ضد ما هو مُقدّر له، بدل أن يحاول الاستفادة مما أرسله الله إلينا.
لكن إذا لم تلتزم إسبانيا بسياسة واحدة ولم تُبق ثقتها فيّ، فإنه يجدر بي إعادة النظر في رأيي في عبد الكريم.
الفصل الثاني والعشرون:
«ليحفظك الله»
«وهذا كل شيء». قالها الشريف وتنفس الصعداء، وجمع أطراف جلابته إلى أن ظهر اللون الوردي للقميص الداخلي أسفلها، وأردف:
-الآن تعرفين حياتي كما أعرفها أنا أيضا.
-لكن ليس ما يدور في عقلك يا سيدي.
انتهى العشاء ومعه طقوس الشاي، وكنا نجلس خارج خيمتي تحت ضوء القمر. هبت ريح ضعيفة حركت أوراق شجرة الكرم. وكان قط أصفر يجلس في الظلال ويراقبني بعينين تحولتا إلى مصابيح خضراء.
قال الريسوني:
-إن عقل الرجل يكون متفتحا في مثل هذه الساعة. اطرحي عليّ أسئلة وسأجيبك عنها.
-أخبرني عن المستقبل، ماذا سيحدث للمغرب؟
يونس جنوحي